هل حقا تخلت عن دورها الاجتماعي…؟.. خبير اقتصادي: الحكومة بدأت تتلاعب بالخطوط الحمراء التي تمس المواطن
سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:
باتت قرارات رفع الأسعار هي الأكثر تداولا على ألسنة المواطنين بل والأكثر قسواة على جيوبهم، وخاصة مع رفع سعر الخبز إلى 50 ليرة للربطة، حيث أبدى العديد من المواطنين استيائهم نتيجة القرارات الحكومية الأخيرة التي مست المازوت والغاز ومؤخرا الخبز، ولفت الكثير منهم إلى أن هذه القرارات لم تراع ظروف المواطنين الاقتصادية ولم تراع أيضا الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه الآسر وخاصة مع ضعف القدرة الشرائية وتقهقر الدخل أمام عملقة الأسعار.
ما هو هدف الحكومة؟
الخبير الاقتصادي عمار يوسف في تصريحه لـ”سينسيريا”، أكد أن الحكومة بدأت بالتلاعب بالخطوط الحمر وهذه إحدى منجزات “عقلنة الدعم”، مشيرا إلى أن الخبز كان خطا أحمر منذ عقود إلا أن الحكومة تجاوزت هذه الخط، متوقعا أن تبلغ سعر ربطة الخبز خلال الأشهر القليلة القادمة لنحو 150 ليرة.
وأكد يوسف أن رفع سعر الخبز لا يتوافق أبدا مع الآثار الاقتصادية والاجتماعية الذي سيخلفه هذا القرار، فالدخل الوارد للخزينة العامة جراء هذا القرار لن يكون رقما ضخما في حين أن الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذا القرار سيكون كبيرا وخاصة على ذوي الدخل المحدود.
وأشار إلى أن رفع سعر المازوت بشكل متتالي وعلى فترات متقطعة يؤدي إلى إحداث خلل في الأسواق وعلى جميع الصعد، فرفع سعر الليتر 5 ليرات خلال مدة شهر وإعادة رفعه مرة أخرى 5 ليرة مؤخرا أدى إلى إرباك السوق، فصحيح أنه ليس بالرفع الكبير ولكن إنعكساته ستكون كبيرة على شتى مجالات الحياة فمع كل رفع لسعر المازوت ترتفع الأسعار والخدمات بنحو 20 إلى 25% متسائلا: “ما هي غاية الحكومة من رفع سعر حوامل الطاقة على مراحل؟. هذا السؤال يبقى في رسم الحكومة، فهذا لا يحقق إيرادات ضخمة للخزينة ولكن بنفس الوقت يضغط على المواطن بشكل كبير”.
ونوه إلى أن رفع سعر مادة المازوت على سبيل المثال دفعة واحدة أفضل للمواطن وللحكومة حيث يمكن أن يحقق على الأقل استقرارا بالأسواق والأسعار أم رفع حوامل الطاقة بشكل متواتر وعلى مراحل متقطعة وبين الحين والأخر فهذا يربك المواطن والسوق.
ونوه إلى أن الآسرة باتت حاليا تحتاج إلى 5 آلاف ليرة شهريا كحد أدنى سعرا للخبز فقط، وهذا المبلغ يشكل مشكلة حقيقية لذوي الدخل المحدود إذا ما علمنا أن الرواتب لا تتجاوز 20 ألف ليرة لفئة عريضة من الشعب.
وأشار إلى أن هناك فجوة بين الدخل والأسعار تتجاوز 90 ألف ليرة شهريا على الأقل مؤكد على أن مطالبة الحكومة بصرف تعويض للمواطنين مقابل رفع الدعم عن حوامل الطاقة أو الخدمات التي تقدمها لا يمكن أن يفيد المواطن حيث أن التجار ستبتلع هذا التعويض عبر رفع الأسعار 5 أضعاف مجددا.
تعويض معيشي مقابل رفع الدعم
بالمقابل استغرب أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، جمال السطل، من استمرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية تحت مسمى عقلنة الدعم، دون إفادة المستهلكين والمواطنين أو تعويضهم بجزء من الإيرادات التي حققتها الحكومة جراء الخطوات التي قامت بها.
وأشار السطل إلى أن رفع أسعار المازوت والغاز مجدداً سيكون له انعكاسات على جميع نواحي الحياة، وستؤثر على المستهلك، خاصةً ذوي الدخل المتآكل، ففي معظم الدول، عندما ترتفع الأسعار، يتم صرف تعويض للمواطن يسمى تعويض غلاء المعيشة.
ونوَّه السطل، إلى أن الرواتب حالياً تتآكل، فعندما يتم رفع الدعم عن السلع المدعومة حكومياً، يجب أن يقابله صرف تعويض غلاء المعيشة للمواطنين.
الزيادات الأخيرة لا تصب بمصلحة المواطن وخاصة الفقراء
واستغرب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية كيف ستصب تلك الزيادة لمصلحة المواطن وخاصة من ذوي الدخل المحدود .
وأضاف أن كل زيادة على حوامل الطاقة والمشتقات النفطية لن تصب لمصلحة المواطن ولاسيما الفئات الفقيرة وأشار إلى أن رفع أسعار المشتقات النفطية ستصب بمصلحة خزينة الدولة التي تعاني من عجز بالميزانية، وهذا سيخفف العبء على الموازنة فقط ، لكن إعادة الهيكلة لا يكون برفع سعر المازوت الذي يرتبط به ارتفاع المواد الأساسية والضرورية للحياة اليومية للمواطن، وللأسف حتى اليوم لم يذهب الدعم لمستحقيه ، وتغير المسميات لن يعط النتيجة المرجوة .
وأبدى فضلية أيضاً استغرابه على رفع الضريبة على الأجور والرواتب من 5% إلى 10% ، لاسيما وأن ذلك سيضر بمصلحة ذوي الدخل المحدود ، بدلاً من التفكير بفرض ضرائب على الشرائح العليا للأرباح الحقيقية.
وذكرت مصادر في وزارة التجارة الداخلية أن الوزير جمال شاهين قام بالتوقيع على قرار رفع سعر الخبز إلى 50 ليرة للربطة بدلا من 35 ليرة، وجاء هذا القرار على خلفية قرارات صدرت قبله ببضعة أيام شملت رفع سعر المازوت 5 ليرات مجدداً، ليصبح سعر الليتر 135 ليرة، كما أصدرت قراراً برفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 1800 ليرة بزيادة 200 ليرة، كما رفعت سعر اسطوانة الغاز الخاصة بالفنادق والمطاعم سعة 16 كيلو إلى 2880 ليرة.
وتستهلك الأسرة السورية شهرياً أسطوانة غاز على الأقل، في حين تستهلك المازوت للتدفئة بحدود 300 ليتر في الشتاء كحد أدنى، وذلك حسب المنطقة وبرودتها، مع الإشارة إلى أنه إلى هذه اللحظة لا يزال يباع المازوت في السوق السوداء بسعر وصل إلى 250 ليرة لليتر.
يُشارُ إلى أنَّ، سعر لتر المازوت كان في 2010 نحو 15 ليرة فقط، في حين كان سعر أسطوانة الغاز قبل الأزمة في سورية نحو 150 ليرة فقط.