إكساء شقة مساحتها 100 م2 يكلف 5 ملايين ليرة.. مواد البناء ترتفع 400% والمستعمل بات خياراً وحيداً
سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:
رصدت الحكومة اعتماداً قدره 50 مليار ليرة للجنة إعادة الإعمار في الموازنة العامة للدولة لعام 2015 للاستمرار بصرف التعويضات للأضرار الخاصة، وإصلاح الأضرار العامة الطارئة، وفق ما أكده وزير الإدارة المحلية، عمر غلاونجي في إحدى تصريحاته السابقة، واستطاعت دراسة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا)، أن توضح أن ما يقرب من مليون ونصف المليون منزل تعرض للدمار في سورية، منها 315 ألف منزل تعرض للدمار الكامل، و 300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي، ولفتت أيضاً إلى أنّ مايقرب من 7 مليون شخص تأثروا بالدمار، وأنّ 3 ملايين شخص اضطروا للنزوح، وفقد مليون مواطن ممتلكاتهم بشكل كامل، ووضعت الحكومة أرقاماً مبدئية لحجم الخسائر قدرت بأكثر من 4.7 تريليون ليرة، في حين خصصت مبلغاً لصرف التعويضات قدر بنحو 81.5 مليار ليرة للتعويض خلال الفترة الماضية، وجرى توزيع 17.9 مليار ليرة، وذلك وفق تصريحات حكومية سابقة.
ولا شك أنه في ضوء ما سبق فإنه من البديهي أن يكون هناك زيادة في الطلب على المواد الخاصة بترميم المنازل في المناطق التي أعيد إليها الأمان، وقد رفعت الأزمة الراهنة الطلب على مواد البناء والإكساء، مما أدى إلى ارتفاع جائر في أسعار هذه المواد لدرجات غير معقولة، حيث بلغ سعر طن الحديد نحو 170 ألف ليرة، وبلغ سعر طن الأسمنت نحو 22 ألف ليرة، كما بلغ سعر (البلوكة) نحو 100 ليرة، عدا بقية أسعار مواد الإكساء من بلاط ونجارة وتمديدات صحية ومستلزمات عديدة، وهنا لا بد من طرح سؤال مفاده: كم تكلف عمليات الصيانة أو إعادة إكساء منزل تعرض للخراب أو التدمير؟، بالطبع الإجابة عن هذا السؤال يبقى حسب حجم الضرر ولكن بشكل عام ما هي تكلفة الإكساء حالياً؟
تكلفة 100 متر مربع نحو 5 ملايين ليرة
من النادر حالياً وجود من يقوم بإكساء منزله وخاصة المقبلين على الزواج، إذ وصلت كلفة إكساء منزل مساحته 100 متر مربع إلى 5 ملايين ليرة كحد أدنى، “أي كسوة عادية”، عدا عن فرش المنزل، وهو ما أكده رئيس اتحاد حرفيي دمشق مروان دباس في حديثه لموقع «سينسيريا».
ويوضح أن فرش المنزل حاليا يكلف الكثير من المال، فسعر غرف النوم تبدأ من 200 ألف ليرة وربما يصل البعض منها إلى 600 ألف وربما أكثر، وذلك حسب نوعها، كما يبدأ سعر غرفة الصالون المكونة من “ثلاثة أريكات أو أربعة” من 150 ألف ليرة، أما مستلزمات المطبخ فقد سجلت أرقاما غير معقولة فسعر البراد يبدأ من 150 ألف ليرة وسعر الغسالة يبدأ من 125 ألف ليرة وسعر الغاز يبدأ أيضا من 100 ألف ليرة، مشيرا إلى أنه لا يوجد رقابة أبدا على هذه المستلزمات سواء من حيث التصنيع أو الأسعار.
وتشهد أسعار ومواد الإكساء ارتفاعاً غير مسبوقاً خلال الفترة الحالية، عدا عن تكاليف النقل وأجور العمالة المرتفعة، وفي هذه النقطة يقول دباس أن كسوة المنازل أصبحت حاليا من النوادر وخاصة مع غياب التقسيط عن التعاملات التجارية، لذا اقتصرت الكسوة على المقدرين ماديا فقط.
واتهم عدد من الحرفيين تجار المواد الخام والمستوردين، برفع أسعار مواد الإكساء، حيث وصفها متعهدو الإكساء والديكور بالملتهبة، فتكلفة إكساء عقار مساحته 85 متراً مربعاً بمواصفات متوسطة، تبلغ أكثر من مليوني ليرة سورية.
وحسب رئيس اتحاد الحرفيين فإنّ 90% من حرفيي الإكساء والديكور هجروا المهنة وهاجروا خارج البلاد، ومن بقي منهم في سورية لجأ إلى مهن مختلفة، وانتهى المطاف ببعضهم الآخر على بسطات في شارع الثورة، وهنا نصل إلى نتيجة مفادها بأن تجار مواد الإكساء وتجار قطع غيار السيارات لا يخضعون لأية جهة رقابية.
باب الخشب بـ 100 ألف ليرة
ومن يتتبع الأسواق حالياً وخاصة للعديد من الحرف ومنها صناعة الأبواب الخشبية يجد أن تكلفة صناعة “غرفة النوم” حاليا تبدأ من 200 ألف ليرة وتصل إلى المليون والنصف مليون ليرة على حد قول النجار بسام، وذلك حسب الخشب المستخدم وحسب الموديل المطلوب، مع الإشارة إلى أن سوق النجارة وخاصة التفصيل يعاني من جمود وركود كبير وخاصة مع ارتفاع الأسعار حيث أن الخشب معظمه مستورد ويخضع لتقلبات سعر الصرف، كما أن معظم الطلب حاليا على غرف النوم المستعملة ويشمل ذلك بقية الفرش في المنزل حيث تعرض فرش الصالون والمطبخ للبيع بأسعار تعتبر رخيصة مقارنة مع أسعارها في السوق المحلية، وخاصة مع نشاط حركة الهجرة مؤخرا، حيث الكثير من المواطنين قاموا ببيع فرش منزلهم بنصف سعرها الحقيقي لتأمين مبالغ الهجرة والسفر، وهذا ما دفع العديد من المواطنين وخاصة المقبلين على الزواج شراء هذا الفرش وبالتالي زيادة الجمود في سوق النجارة، ويقول بسام أن باب الخشب دون “حفرة” أو زخرفة أو أي موديل يكلف حاليا 100 ألف ليرة كاملا، في حين إذا كان فيه “حفرة” وموديل يكلف بحدود 150 ألف ليرة ويتوقف ذلك أيضا على نوع الخشب.
إكساء الشقة يعادل سعر شقة قبل 5 سنوات
أحد الخبراء لفت في حديثه لـ”سينسيريا” إلى أن تكلفة إكساء متر المربع لشقة من النوع الوسط وليس الديلوكس يتراوح ما بين 40 ألف ليرة إلى 50 ألف ليرة، أي أن شقة مساحتها نحو 100 متر مربع تكلفة إكسائها تصل لنحو 4 ملايين ليرة، مع الإشارة إلى أن “هذا المبلغ كان سعراً لشقة جاهزة قبل الأزمة”، في حين كان سعر الإكساء لا يتجاوز 8 آلاف ليرة قبل الأزمة، مما يدل على حجم الارتفاع الكبير في أسعار مواد الإكساء، وهو يشكل تحدياً حقيقياً للمواطن وللحكومة أيضاً.
وبالنسبة لارتفاع أسعار مواد الإكساء الخاصة بالأبنية لفت الحرفي إلى أن ذلك سببه الغش والاحتكار والسرقة، حيث تشكلت طبقات من المليارديرية خلال الأزمة التي تمر على سورية على حساب المستهلك، فكثير من التجار كانت لديهم بضائع استوردوها قبل الأزمة بعدة ملايين من الليرات، واحتكروها ومن ثم طرحوها في السوق بأسعار ملتهبة، محققين أرباحاً بلغت مئات الملايين من الليرات، كما أشار إلى أن من الأسباب الهامة في ارتفاع أسعار وتكاليف الإكساء والبناء هو أن الحرفي رفع أجرة عمله.
وبالنسبة للرقابة على أسعار الأدوات الصحية والكهربائية من قبل الجهات الرقابية، لفت إلى أنه لا توجد أي رقابة تموينية على هذه السلع، حيث كانت هناك مضاربة في السوق وهي التي كانت تحكم الأسعار، أما حالياً فلا توجد مضاربة، والذي لديه بضائع هو الذي يتحكم بالأسعار.
وقامت وزارة التجارة الداخلية سابقاً، بتحديد هوامش أرباح الإطارات والدهانات والأسمنت الأبيض، وطلبت من المديريات في المحافظات أن تدرس فروق أسعار مواد البناء المختلفة من أجل وضع دراسة لها وتحديد هوامش أرباحها هي أيضاً، حيث تقرر تحديد هوامش أرباحها، تحضيراً لمرحلة إعادة الإعمار وخفض أسعار هذه المواد قدر الإمكان، سواء البورسلان أو التمديدات، سيجري سيتم التركيز على السلع الأكثر طلباً من قبل المستهلكين.
ارتفاع أسعار مواد الإكساء نحو 350%
أحد تجار مواد البناء أوضح، أن أسعار جميع المواد الخاصة بعمليات الإكساء شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، سواء المواد الصحية أو الكهربائية، وصل إلى نسبة 350% على أقل تقدير مقارنة مع أسعار المواد قبل الأزمة نفسها، لافتاً إلى أنه رغم ارتفاع أسعار المواد الخاصة بعمليات الإكساء، فإن عدم توفرها هو الذي يزيد من سعرها، إذ يوجد نقص في جميع أنواع المواد الصحية والكهربائية، وفي حال توفرت فهي ليست بالجودة التي كنا نعهدها سابقاً، مع وجود فارق كبير بالأسعار يصل لحدود 5 آلاف ليرة للقطعة نفسها من منطقة إلى آخرى، مما يدل على المزاجية في التسعير وعدم الوقوف على السعر الحقيقي للقطع الصحية والكهربائية.
وقال أن سعر “الحنفية” أصبح حالياً لا يقل عن 5000 ليرة، في حين كان سعره قبل الأزمة لا يتجاوز ألف ليرة، حتى أدنى أنواع (الحنفيات) تضاعفت أسعارها بحدود 400%، لافتاً إلى أن سعر (الكوع) البلاستيكي أصبح حالياً بحدود 70 ليرة، في حين كان سعره 10 ليرات بالجملة، وأصبح سعر (مفتاح الكهرباء) بنحو 150 ليرة كحد أدنى، في حين كان سعره بالجملة نحو 40 ليرة، حتى اللمبات ارتفعت أسعارها بشكل كبير، مؤكداً أن هناك طلب كبير على المواد الصحة والكهربائية، ولكن للأسف هذا الطلب يواجهه شح في المواد وتأخر في وصولها للأسواق، عدا تذبذب أسعارها بين الحين والآخر، فلا يوجد سعر ثابت لأي شيء حالياً، لأن معظم هذه المواد يتم استيرادها من الخارج وهي بالتالي تعتمد على سعر الصرف.
وذكر تاجر أخر أن هناك ارتفاعاً كبيراً طال أسعار مواد الإكساء مثل الجبس، حيث أصبح سعره يتراوح ما بين 850 ليرة إلى 3 آلاف ليرة، وارتفع سعر السيراميك من ألف ليرة إلى 4 آلاف ليرة للنخب الأول، في حين أن النخب الثاني كان بـ 700 ليرة وأصبح بحدود 3 آلاف ليرة، أما عن الألمنيوم فقد أوضح أحد التجار أن سعره بلغ نحو 12 ألف ليرة للمتر المربع، وذلك بعد أن كان سعره 3000 ليرة، أما الأخشاب فقد بلغ سعر خشب السنديان نحو 270 ألف ليرة للمتر المربع، في حين كان ثمنه 50 ألف ليرة.