اقتصاد و فوبيا

انشروا الخير تجدوه

علي محمود سليمان

شاءت الظروف أن أكون متابعاً للحظات الأولى لإطلاق حملة تبرعات من عدة فعاليات اقتصادية، وللأمانة أقول بأن ما رأيته من اندفاع وتنافس بين أصحاب هذه الفعاليات لتقديم الدعم لمنكوبي الزلزال كان مدعاة للفخر.

وفي المقابل كان هناك أصحاب مؤسسات خدمية وهندسية وسواها باشروا على الفور بإرسال كل ما لديهم من آليات ومعدات يمكن أن تساهم بإغاثة العالقين تحت الأنقاض، ومنهم من لا يملك سوى آلية واحدة وأرسلها.

أما مجتمعنا الأهلي العظيم فلا كلام يصف روعة إنسانيتنا نحن السوريون، الفقير والمحتاج تسابق مع أصحاب الأموال في تقديم ولو قوت يومه لإعانة أخ له في هذه المحنة.
لست أقول كلاماً إنشائياً ولا أبالغ في وصف قيمة ما يحدث، آلاف حملات التبرع أعلن عنها وكلٌ بما يقدر عليه دون أدنى تأخير.

ولكن !!!

ذهب البعض للتشكيك بالحملات وتساءل آخر أين هي أموال التبرعات، واشتكى البعض بأن المعونات تسرق.

من قال لكم بأن أموال التبرعات ستصرف نقداً ومن الساعات الأولى على المتضررين، والحديث هنا عن الحملات داخل سورية، فكل ما يتبرع به من خارج سورية له حسابات معقدة ولم يصل بعد.
التبرعات المالية الداخلية تجمع لصالح لجنة الإغاثة العليا وبإشراف منها وهي المفوضة بالتصرف بها لأعمال الإنقاذ والتعويض والترميم وغيرها من الإجراءات التي ستمتد ربما لشهور، ولذلك فالسؤال أين هذه الأموال ليس بمحله.
ما حدث بأن تسارع جميع الفعاليات الأهلية والاقتصادية والحكومية لمد يد العون لمنكوبي الزلزال أحدث بعض الفوضى وسوء التنسيق، ولكن هذه الفوضى بدأ تنظيمها والنتائج ستتحسن تباعاً.

أما ؟!

تشويه قيمة أعمال الخير المقدمة من أبناء الوطن بأفعال فردية لفاسد هنا ولص هناك، فهو لا يفيد إلا في أذية المنكوبين، وكأن اللص والفاسد لم يولدوا إلا اليوم وفي بلدنا، وهذا ليس تبريراً ولكنه الواقع.

مع العلم بأن كل الدول التي تتعرض لكوارث تحدث بها حالات سرقة فردية وجماعية وهي ليست وقف على دول بعينها وهو ما حدث سابقاً في فرنسا وانكلترا وأمريكا والكثير من الدول ولكنها لم تشوه أعمال الإغاثة لديها لمجرد نقطة سوداء في صفحات بيضاء.

المحاسبة والعقوبة واجبة لكل من يثبت بأنه ارتشى وسرق وتلاعب وقام بأي فعل خسيس ووضيع يمس بقيمة العمل الإنساني في هذه الظروف، ولكن على أن لا نشوه ونسيء لأيادي الخير الممدودة لإغاثة ملهوف وإعانة منكوب، بل علينا نشر أخبار العمل الخيري لنشجع بعضنا البعض ونعلي الهمم في دفع البلاء عن بلدنا، فالشعب السوري حيّ وشامخ لا ينكسر ولا يهان بفعل سارق هنا وفاسد هناك.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى