اقتصاد و فوبيا

نصدّر برغم العقوبات ولكن

علي محمود سليمان

“السوريون وهم تحت العقوبات يصدّرون لدول لا تتعرض لعقوبات … فماذا هم فاعلون لو رفعت العقوبات”. هي عبارة توقفت عندها بعد أن قالها أحد الزوار العرب لمعرض سيلا المقام حالياً في مدينة دمشق للمعارض.

وخلال حديثي مع الضيف العربي قال بأن تلك العقوبات والإجراءات التعسفية المفروضة على سورية مخالفة للقانون الدولي ومؤذية أخلاقيا واقتصادياً وإنتاجياً. وما يحصل هو خيبة أمل لمن فرضوا تلك العقوبات. حيث أن السوريين تجاوزوا الأزمة الكبرى والدليل قدرتهم على التصنيع رغم كل التضييق ويصدرون لدول لا تتعرض لعقوبات.

هذا الحديث من الزائر العربي يعتبر رفع معنويات هام وضروري إلى حد ما، ولكن يجب التوقف عند التفاصيل والبحث فيها، فإن كنا قادرين على التصدير بالرغم من العقوبات فهذا مؤشر على امتلاكنا إمكانيات جيدة يمكن التعويل عليها، وبالمقابل لم يبقى صناعي ومنتج وحتى صاحب أصغر ورشة في البلد إلا وتحدث عن مشاكل كبيرة تعيق الإنتاج والتصدير.

صعوبات كبيرة

والواقع لا يكذب فنحن نعاني من صعوبات كبيرة جداً في التصدير نتيجة العقوبات وغيرها من التفاصيل المرتبطة بالعوامل الخارجية، ولكن قبل الذهاب لإيجاد الحلول للمشاكل الخارجية، علينا البدء بالمشاكل الداخلية، فلا يمكن لك أن تبدأ ترميم منزلك من السور الخارجي والأعمدة والسقف متهالكة!

سنوات وسنوات مرت والماكينة الإعلامية المحلية تعيد وتكرر في شريط الصناعات الزراعية والاستفادة من كوننا بلد زراعي لتصدير المنتج الزراعي النهائي بدلاً من تصدير المنتج الزراعي الخام، ولكن ما النتيجة التي وصلنا إليها؟ ما زلنا نصدر منتجات زراعية خام ونخسر القيم المضافة والميزات التنافسية لها.
وبالمثل قدمت أبحاث لا تعد ولا تحصى عن ضرورة التوجه للزراعات العضوية المرغوبة في الأسواق العالمية. وأهمية زراعة ما يصدر بدلاً من تصدير الفائض، ولنا مثال حيّ في قصة البصل بعد أن صدرنا جزء من الفائض والآن نحصد نتائج السياسات الخاطئة.

اليد العاملة

وعلى مدى سنوات لم تتوقف المناشدات بضرورة دعم اليد العاملة الحرفية والمحافظة عليها بالقوانين التي تحمي حقوقها وتمنع هجرتها، والمعروف بأننا من الدول المشهود لهلا بتميز اليد العاملة فيها وبأنها الأقل تكلفة في سلسلة الإنتاج النهائية، والنتيجة الحالية واضحة للجميع بخسارتنا للآلاف من العمال والحرفيين الذين هجروا معاملهم وورشاتهم، وأصبحوا يشغلون أهم وأقوى الشركات الصناعية في أوروبا والدول العربية.

عديد الدراسات والأبحاث التي أكدت وبالأرقام عن قيمة وحجم المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر في بلدنا، وبأنها تشكل نسبة عظمى تصل لأكثر من 90% من إجمالي الصناعات لدينا. ولم تتوقف المطالبات بدعم هذا القطاع الأساسي والحيوي وتقديم التسهيلات الهامة لتقويته وأهمها ملف الإقراض وبميزات استثنائية، وإلى اليوم مازلنا نطالب.

ولربما لا تتسع المساحة لسرد كل مشاكلنا الداخلية المتعلقة بالإنتاج سواء صناعي أو زراعي. والتي لا تتأثر بشكل مباشر بالعقوبات والحصار الخارجي، بقدر ما ترتبط بحلول داخلية يمكن العمل عليها لتحسين الوضع ولو تدريجياً، فمشاكلنا من يدنا وحلها بيدنا، وكوننا لن نتأمل من الغرب أن يرفع العقوبات كرمة سواد عيوننا. وحينها نسعى لتطوير صادرتنا، فالأولى أن نفكر بكيفية التصدير برغم العقوبات وهي صفة بات من الواضح بأن هناك من يراها ميزة لنا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى