اقتصاد عالميمميز

السعودية تسعى للانضمام إلى بريكس … عاصي لسينسيريا: من المبكر الحديث عن انهيار البترودولار قبل التوافق على عملة بديلة

ابراهيم مخلص الجهني

باتت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظراً لأرقام النمو التي تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام العديد من الدول الأخرى، والتي ترغب في الانضمام إلى هذا التكتل.

وبينما تستعد المملكة العربية السعودية للانضمام المحتمل إلى مجموعة بريكس الاقتصادية، حيث أن هناك الكثير مما يجب مراعاته لجهة التأثير على الاقتصاد السعودي، فإن هناك من ينظر إلى هذا على أن الانضمام تحرك جيوسياسي بسيط، قد تكون له آثار اقتصادية كبيرة على المنطقة والعالم ككل.

وفي هذا الصدد بيّنت وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي في حديثها لصحيفة سينسيريا أن العام الحالي شهد تقديم طلبات انضمام عدة دول إلى تحالف بريكس مثل السعودية ومصر والجزائر وتركيا والأرجنتين وغيرها، معتبرة أن انضمام عدة دول بحد ذاته يعتبر تغييراً في اصطفاف القوى العالمي، ويعزز ظهور أقطاب متعددة لقيادة الاقتصاد العالمي، بدلاً عن هيمنة الولايات المتحدة كقطب وحيد في العالم، حيث أن تحالف بريكس يضم كلاً من “البرازيل – روسيا – الهند – الصين – جنوب أفريقيا”.

البترودولار

 

وحول الحديث المتداول عن التداعيات المحتملة لانضمام السعودية ومنها احتمال انهيار البترودولار قالت عاصي: إنه من المبكر القول بأن انضمام السعودية سيؤدي إلى انهيار البترودولار، كونه يعني اعتماد الدولار الأمريكي كعملة رسمية للتبادل التجاري في سوق النفط العالمي، وانهيار نظام البترودولار يعني التوافق على عملة بديلة تستخدم في العمليات التجارية في سوق النفط العالمي، وهذا اليوم ما زال بعيداً، بالرغم من التقارير الإعلامية التي تتحدث عن الاتفاق بين دول البريكس بشأن إصدار عملة موحدة لهذا التحالف.
وأضافت عاصي بأنه تم الإعلان بأن موضوع إصدار عملة موحدة لدول البريكس ليس مدرجاً على جدول الأعمال في القمة القادمة في جنوب أفريقيا في 22 آب الجاري، ومازالت هناك خلافات بين الأعضاء على موضوع إصدار العملة الموحدة، حيث أن الهند مازالت تعارض الفكرة، إضافة إلى أن إصدار عملة موحدة من الناحية المالية والفنية محاط بكثير من التعقيدات والتفاصيل الذي يجعله أمراً مؤجلاً.

المصالح السعودية

إما عن الفوائد المحتملة التي قد تحققها السعودية من انضمامها إلى تحالف “بريكس أوضحت عاصي أن انضمام السعودية لتحالف بريكس يأتي ضمن رؤيتها بخلق انتماءات مختلفة بحيث تضمن التنوع والتوازن في علاقاتها الدولية وفي اقتصادها، كما ورد في رؤية السعودية 2030، أن هدفها الأساسي هو خلق اقتصاد أكثر تنوعا واستدامة.
ونلاحظ أنها بدأت في الفترة الأخيرة، باتخاذ مواقف تنطلق من المصالح السعودية أولا لذلك بدأت بالتنسيق مع روسيا وغيرها لضبط الإنتاج العالمي للنفط، وهذه تعتبر سياسة جديدة ولم تكن معروفة سابقاً، وكمثال قامت بتخفيض إنتاج النفط ورفع سعره بعكس توجهات الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب الأوكرانية، حيث حاولت الولايات المتحدة تعويض الغاز والنفط الروسي بزيادة إنتاج الأوبك، ولكن التنسيق الذي حصل بين السعودية وروسيا جعل إنتاج النفط العالمي ضمن حدود معينة تستطيع الحفاظ على أسعاره.

قوة إضافية

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أصدرت بيان بأنها لا تعارض انضمام مصر والجزائر إلى تحالف البريكس، ولم تذكر السعودية، ولكن وبحسب الدكتورة لمياء عاصي التي تعتقد أن العلاقات الاقتصادية والسياسية السعودية الأمريكية تاريخياً أكبر وأكثر تعقيداً من أن تتأثر بقوة نتيجة انضمام السعودية لتحالف بريكس وبشكل فوري، وستحرص السعودية ووفقا لرؤيتها لعام 2030 على التوازن والتنوع في العلاقات الدولية الاقتصادية.

لافتة إلى أن السعودية بلد غني ذات اقتصاد قوي، والناتج الإجمالي المحلي يتجاوز 800 مليار دولار، وهي المصدر الأول للصين بالنفط، والتي تعتبر الاقتصاد الثاني عالمياً، كما أن السعودية جزء من مبادرة “الحزام والطريق” التي أعلنتها الصين لتأمين خطوط التجارة الدولية، لذلك يمنح انضمام السعودية لهذا التحالف، قوة إضافية للسياسات التي تتوافق عليها دول البريكس وتخدم اقتصاداتها.

صعوبات البحث العلمي

وعن التحديات التي قد تواجه السعودية في تحقيق التكامل الاقتصادي مع دول بريكس، أشارت عاصي إلى أن التحديات التي تواجه السعودية بشكل عام، تتعلق بمستوى البحث والتطوير المحدود السائد اليوم في المملكة، وبالتالي فإن مستوى الابتكار والإنتاج الإبداعي هو في مستويات متدنية اليوم، ولكن بحسب رؤية السعودية 2030، فإن تنويع مصادر الاقتصاد السعودي وتخصيص ميزانيات عالية للبحث والتطوير والاستثمار في البحث العلمي سيمكن من تغيير هذا الوضع.

وتابعت عاصي أن السعودية منذ سنوات وقبل تقديم طلب الانضمام إلى تحالف بريكس، كانت بحالة تنسيق مع روسيا لضبط إنتاج النفط العالمي وخصوصاً من خلال منظمة أوبك وأوبك بلس، لذلك أن الانضمام يعني مزيداً من التنسيق والعمل مع الدول الأخرى المنتجة للنفط بهدف السيطرة على الإنتاج العالمي والحفاظ على مستوى أسعار منصفة ومقبولة.

تقليص الهيمنة

وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن الهدف الرئيسي لنشوء تحالف “بريكس ” هو تقليص نطاق هيمنة الولايات المتحدة والدول الغربية التي تتبع سياساتها، والقدرة على تشكيل عالم جديد “متعدد الأقطاب”، والحد من قدرة الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى من فرض عقوبات على اقتصاد الدول، بهدف إعاقة نموها وإفقارها وبالتالي السيطرة على قرارها،
مشيرتاً بالنسبة للسعودية فإنها تعتبر نفسها لاعباً قوياً ومهماً في المنطقة وهي تهتم كثيراً بتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كعامل أساسي وجوهري لتحقيق رؤية المملكة الاقتصادية الطموحة، وبهذا السياق يشكل انضمام السعودية ودول أخرى مثل مصر وتركيا والجزائر وغيرها، تقوية مجموعة بريكس وجعلها مؤثرة اقتصادياً وسياسياً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى