اخبار البلد

ليست خياراً بل ضرورة … باحث اقتصادي: قانون التشاركية الحالي غير صالح للعمل ويجب تطويره من الآن

ابراهيم مخلص الجهني

دعا الباحث الاقتصادي الدكتور نبيل سكر خلال ندوة جمعية العلوم الاقتصادية للتمييز بين التشاركية والقطاع المشترك، منوهاً إلى ضرورة أن تتجه المشروعات أو القطاع العام الإداري نحو القطاع المشترك في القطاعات الاقتصادية ومؤسسات العام الإداري مثل المرافق العامة والبنى التحتية يجب أن تكون عن طريق التشاركية.

خلل كبير

 

وتطرق الباحث إلى تطور قانون التشاركية الذي طرح منذ عام 2004، وظهر بشكله الأولي في عام 2009 في مؤتمر الجمعية السورية البريطانية، ثم صدر لاحقاً بالقانون رقم /5/ عام 2016، لافتاً إلى أن هناك خلل كبير في القانون حيث إنه لم يقتصر فقط على المرافق العامة والبنى التحتية على خلاف مجمل القوانين في العالم، وإنما وسع هذا القانون وشوه الجدوى الأساسية من صدوره، بحيث أن أي مشروع تعود ملكيته للقطاع العام ينطبق عليه قانون التشاركية.

وهذه الجزئية وضع لها الباحث الاقتصادي حلاً في توصياته عن طريق إصدار قانون جديد للقطاع المشترك للشركات ذات الصيغة الربحية أو تعديل في مواد القانون السابق وإصدار قانون جديد للتشاركية في المرافق العامة والبنى التحتية.

ضمانات

 

ونوه الدكتور سكر إلى الضمانات وحماية المصلحة العامة في القانون رقم /5/ حيث نص القانون على إقامة مجلس للتشاركية لدى مجلس الوزراء ومكتب لها لدى هيئة تخطيط الدولة والتعاون الدولي، بحيث تكون مهام المجلس إقرار المشاريع التي يمكن تشميلها بالقانون، ومهام المكتب تقديم المشورة الفنية والإدارية والقانونية والمالية اللازمة لمجلس التشاركية وللجهات العامة المتعاقدة مع القطاع الخاص.

وبالنسبة للضمانات الأخرى، فقد وضع القانون في المادة 13 عدة ضمانات مثل إشراف الجهة العامة المتعاقدة مع القطاع الخاص على أعمال المشروع ومتابعة تنفيذه لضمان حقوق المستخدمين النهائيين، وإلزام الشريك الخاص تقديم تقارير دورية عن سير أعمال عقد التشاركية، وإعطاء الجهة المتعاقدة في القطاع العام الحق بزيارة جميع مكاتب شركة المشروع والاطلاع على جميع الوثائق اللازمة أثناء تشغيل المشروع في أي وقت تراه مناسباً، وتضمين عقد التشاركية نصاً يقضي بنقل ملكية أصول المشروع إلى الجهة العامة المتعاقدة عند انتهائه.

التشاركية خيار أم ضرورة؟

 

بيّن الباحث الاقتصادي أننا كنا بحاجة للتشاركية كي نجذب القطاع الخاص لمشاريع البنى التحتية والمرافق العامة قبل الأزمة، وأصبحنا أكثر حاجة إليها الآن في مرحلة إعادة الإعمار بعد الدمار الذي تم خلال الأزمة والذي قدر بحوالي 500 مليار دولار، وبالتالي فإن التشاركية لم تعد خياراً وأصبحت ضرورة بسبب الحاجة لإعادة إعمار المرافق العامة التي تهدمت من طرق وشبكات مياه وكهرباء وصرف صحي، وإعادة تشغيلها وتطويرها بالسرعة اللازمة، مما يخفف العبء على الدولة ويساعدها على التفرغ لتحريك عجلة الاقتصاد، وتوحيد البلاد وتعزيز التماسك الاجتماعي وإعادة ملايين اللاجئين وإسكانهم، والتعويض عن المتضررين، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وإعادة السلم الأهلي والسعي للتنمية المناطقية المتوازنة، وخلق فرص العمل ومواجهة الفقر القديم والجديد وغيرها من المهام.

مشيراً إلى أن التشاركية تقلّص من حاجة الدولة لرفع الضرائب أو للاستدانة الداخلية والخارجية، فالتشاركية من حيث الواقع تشكل صيغة تمويلية وطنية بديلة للمديونية التي تحمل معها عبء خدمة الدين على الموازنة العامة للدولة لسنين طويلة.

هل نحن مستعدُّون؟

 

الدكتور نبيل سكر أوضح أن قانون التشاركية الحالي غير صالح للعمل، وأقترح العودة إلى دراسته بفكر جيد وعقل جديد، مذكراً بصيغة القانون الأولى التي تم إعدادها في العام 2010 بمساعدة خبراء دوليين متخصصين في هذا الموضوع، والصيغة الأخرى التي تم إعدادها في العام 2014، ومستفيدين بنفس الوقت من تجارب التشاركية في العالم. ولكن لا يظن أحداً أن مجرد إصدار قانون التشاركية مع تعليماته التنفيذية، سيمكننا من بدء العمل به في اليوم التالي، فنحن لسنا مستعدين بعد لاعتماد التشاركية كمبدأ أو لتطبيقها.

وحول المطلوب تعديله في التشريع يعتقد سكر أن هناك حاجة لتعديلات رئيسية في القانون تشمل نطاق مشاريع القانون وحل النزاعات بشكل خاص، إضافة إلى تعديلات متعددة أخرى، إما في تطبيق قانون التشاركية هناك عوامل عديدة يجب التعامل معها للتمكن من البدء بالتطبيق، ومن أهم هذه العوامل والأكثر ضرورة هي تطوير القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار وتطوير مؤسسات الدولة ذات العلاقة وتطوير القطاع المصرفي والقطاع المالي غير المصرفي.

واختتم الباحث الاقتصادي الدكتور نبيل سكر طرحه حديثه خلال ندوة جمعية العلوم الاقتصادية التي عقدت الثلاثاء الماضي، بأننا بحاجة لتعديل قانون التشاركية أو إصدار قانون جديد لها، وبحاجة لإصدار قانون للقطاع المشترك تخضع له كافة المشاريع التشاركية الهادفة إلى الربح، ولكن علينا البدء من الآن بتحسين البيئة الاقتصادية لمشاريع التشاركية، دون انتظار تعديل القوانين أو إصدار قوانين جديدة، ودون الانتظار لرفع العقوبات الاقتصادية على سورية التي تعيق الاقتصاد الوطني ودولته وقطاعها الخاص وقطاعه المصرفي. فتطوير العناصر اللازمة لنجاح التشاركية تأخذ وقتاً طويلاً، ويجب البدء بالتعامل معها فوراً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى