اخبار البلد

مشروع خاسر تجارياً ورابح إنسانياً … “دار الوثائق الورقية” في حلب تبحث عن طرق لإحياء الكتاب الورقي

حلب – أنطوان بصمه جي

بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، فإن المجازفة بافتتاح مكتبة لبيع الكتب الورقية يعتبر ضرباً من الخيال والمجازفة في مشروع ترسم خطوطه الأولى أنه خاسر اقتصادياً بالإضافة إلى ابتعاد الناس عن القراءة أو لجوئهم إلى الكتب المستعملة المتناثرة على أرصفة الشوارع باعتبارها الأرخص مادياً.

ففي مدينة حلب وبالتحديد عن شارع القوتلي المحاذي لشارع بارون اتخذ المحامي علاء السيد على عاتقه ولادة مشروعه الخاص بافتتاح مكتبة “دار الوثائق الورقية” لبيع الكتب المستعملة والتي تنثر على رفوفها آلاف عناوين الكتب والمخطوطات التاريخية في مختلف المناحي الحياتية.

مكتبات مهجورة

عند دخولك الدار تجد أمامك أوراق صفراء تدل على قدم المخطوطات والجرائد التي توحي لك بأنك دخلت إلى التاريخ العابق بالأحداث، في حين تتنوع واجهة المحل بكتب لشتى المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية.
ويقول المحامي علاء السيد داعم ومشرف على دار الوثائق الورقية خلال حديثه لصحيفة سينسيريا إن فكرة افتتاح مكتبة لبيع الكتاب الورقي جاءت من واقع غلاء الكتاب الورقي وصعوبة اقتناؤه من قبل القراء فلا حل ليصبح الكتاب الورقي في متناول الجميع سوى تداول الكتب المستعملة، وبالتالي كان الهدف النبش في خزائن المكتبات المتواجدة في البيوت الحلبية بعد أن بقيت مهجورة وبعيدة عن جمهورها القراء.

أسعار رمزية

وعن طريقة عمل الدار، أكد المحامي السيد وجود إقبال كبير على وهب كتب ومكتبات كبيرة كإهداء للدار كدعم معنوي ومادي بغية الاستمرارية، مع وجود كثير من الكتّاب أن وضع مكتباتهم للبيع يساعد في إعادة تدويرها بأسعار زهيدة باعتبارها شكل من أشكال الصدقة الجارية.
لافتاً إلى أن طريقة العمل تبداً بشراء مكتبات كاملة بأسعار رمزية وتباع أيضاً بأسعار رمزية أو البيع بالأمانة من خلال وضع الكتب في الدار وبيعها على أن يتم دفع نسبة 70% للمالك صاحب الكتب و30% للمكتبة، والطريقة الأخرى تبديل الكتب ودفع رسوم للمكتبة فقط.

كذلك تعمل الدار على طرق تجارية عديدة تساهم في تخفيض أسعار تداول الكتب منها استئجار الكتاب لمدة 15 يوم لقاء مبلغ زهيد مع إمكانية الانفتاح على خيارات أخرى تتناسب مع القارئ بغية تحفيزه على القراءة، لأن الهدف الوحيد للدار هو جذب واستقطاب الناس من عمر سبعة حتى سبعة وسبعين سنة كما هو شعار مجلة (تان تان) الشهيرة التي أصدرت الطبعة الأولى عام 1946 وحملت شعار مجلة الشباب من 7 حتى 77 وكانت أحد المصادر الرئيسية للرسوم الهزلية في فرنسا وبلجيكا وتوقفت عن الصدور عام 1993.

إحياء الكتاب الورقي

في ظل انتشار الكتاب الإلكتروني لا توجد منافسة بين الورقي والإلكتروني إطلاقاً بحسب ما أكده السيد بل أن الهدف الرئيسي إعادة إحياء الكتاب الورقي والمواكبة بين النوعين فلكل نوع مزاياه المتفردة والخاصة به، ففي أوروبا وبكل حضارتها التكنولوجية المتقدمة، استمرت المحافظة على الكتاب الورقي والطريقة هي اعتمادهم على تدوير الكتاب في الأكشاك المخصصة ووسائط النقل والحدائق دون وجود وسيط.

وعن سبب تسمية الدار بالوثائق الورقية أوضح المحامي السيد أن التسمية على اعتبار أن الكتاب والجريدة والتسجيلات والصورة وثائق تراثية إنسانية، مبيناً أن الفئات العمرية التي ترتاد الدار منذ افتتاحه هي من عمر 40 عاماً وما فوق إضافة إلى شريحة الأطفال، وما زال العمل قائماً على جذب شريحة المراهقين، في حين يكمن الهدف الإنساني للدار هو إحياء الفكر والثقافة العميقة البعيدة عن الثقافة الضحلة أو السطحية وإعادة الاهتمام بالكلاسيكيات التقليدية والفطرية والأدبية والسياسية والدينية والاطلاع على مختلف المشارب الدينية.
وبيّن المحامي علاء السيد في حديثه لصحيفة سينسيريا أن المحل التجاري تقدمت به مجموعة صديقة كعربون للتشجيع ولفترة زمنية محدودة دون تكلفة لإحياء المشروع ثقافياً، وختم بالقول مشروع افتتاح مكتبة بالتأكيد مشروع خاسر تجارياً كون جميع المكتبات في الوطن العربي والمنطقة تغلق تباعاً لكنه في الجهة المقابلة رابح إنسانياً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى