مازوت التدفئة.. حلم منتظر..
مرّ شتاء عام 2019 وعام 2020 ببرده القارس على السوريين، مع جائحة كورونا، والكثير من الصعوبات المعيشية التي أثقلت ظهر الشعب، وجعلته عرضة للبرد والجوع، والآن يطل علينا عام 2021 بمزيد من المآسي واستمرار للمعاناة، التي لم تجد لها الحكومة حلاً إّلا بتصريحات مسؤول هنا ومسؤول هناك، وكل هذه التصريحات الممجوجة لا يتلقفها الشعب إلّا بالسخرية أغلب الأحيان، لأنها في الحقيقة كلام لا يغير من الواقع شيئاً. ففي العام الماضي خرجت الحكومة بحل عبقري كالمعتاد، مدعية أنها ستحل أزمة توزيع مازوت التدفئة عبر التطبيقات الذكية، والاستلام عبر البطاقة الذكية، وأصبح الناس منتظرين للرسالة والاتصال، محاولين أن يكون الجهاز الخليوي على أهبة الاستعداد في الـ 24 ساعة، خوفاً أن تفوتهم الرسالة، ولكن وللأسف بعد طول انتظار لم يستلموا إلّا نصف الكمية المخصصة عن عام 2019، والنصف الثاني قيد التأجيل! هل التدفئة من الكماليات؟ مخصصات الأسرة حددت بـ 200 ليتر فقط، ولم يستلموا القسم الثاني منها عن عام 2019، وذلك سواء كان ذلك في الريف أو المدينة، مع فارق درجات الحرارة بين الريف والمدينة طبعاً. علماً أن المخصصات من مازوت التدفئة جرى تخفيضها، فقد كانت 400 ليتر لكل أسرة، ثم أصبحت 200 ليتر. فماذا تصنع الـ 200 ليتر بشتاء يمتد إلى أشهر، هذا إن استطاعت الأسر المفقرة أن تؤمن ثمنها أصلاً!
والآن قد حل شتاء جديد مع ما يحمله من تراجع اقتصادي وغلاء مضاعف وانفلات في الأسواق وموجة جديدة من الوباء، مع هذا كله يجد المواطن نفسه أمام مواجهة وصراع مع البرد القارس الذي يأكل صحة الكبار والصغار، ولا يجدون ما يمدهم بالدفء. فهل أنقذتنا إجراءات الحكومة بذكاء بطاقتها؟ الحقيقة، أنهم زجّوا بأجساد الملايين من المواطنين فريسة للبرد الذي يأكل أطرافهم ويضعف أجسامهم، بما فيهم الأطفال والمرضى الذين لا يطيقون تحمل البرد في هذا الشتاء القارس، فمتى ستفي الحكومة بوعدها بعد أن دخلنا في النصف الثاني من الشتاء؟ فالرسالة المنتظرة عصية على القدوم، ولم يحصل أحد من الناس على قطرة مازوت للتدفئة في هذا الشتاء، إلا ما ندر ممن يعدون على أصابع اليد، وربما لغاية تكذيب أي حديث عن عدم توزيع المخصصات في هذا العام، أما عن بقية مخصصات العام الماضي، فقد أصبحت طي النسيان! وكأن التدفئة في الشتاء أصبحت من الكماليات بالنسبة للناس؟ سوق سوداء في العلن إلى متى ستستمر الحكومة بعدم الاكتراث بمعيشة الناس وحياتهم وصحتهم؟ وإلى متى ستستمر بسياساتها الداعمة لجيوب الفاسدين الذين يجمعون ثرواتهم على حساب صحة الناس ومعاناة الأطفال والشيوخ والمرضى؟! فالكل يعلم، أن من أراد الحصول على مازوت التدفئة عن طريق شبكات السوق السوداء فالأمر يسير، ولا يحتاج إلّا إلى مئات الألوف فقط ليحصل المواطن على كميه تقيه من البرد الشديد، على مرأى ومسمع من الجهات الرقابية والمسؤولة، حيث يباع الليتر بسعر 1000 ليرة سورية، وأحياناً أكثر من ذلك، محققين بذلك أرباحاً خيالية، على حساب المحتاجين واستغلالاً لاضطرارهم! أما من أين تأتي هذه الكميات إلى السوق السوداء فهي بعهدة شركة محروقات ووزارة النفط والحكومة وجميع أجهزتها الرقابية من خلفها؟! وما زال المواطنون بانتظار ذكاء الرسالة والاتصال الموعودين كحلم!.