تجارة جديدة بحلب .. بيع و تأجير المتسول : 100الف يوميا دخل المتسول الصغير…تقسيم حلب لمناطق نفوذ بين شبكات التسول
يدور في خاطر الكثير من الناس حول ظاهرة التسول التي تعصف بالمجتمع، أهي حاجة أملاها شظف العيش، أم مجرد “مهنة” لكسب المال؟.
ويرى بعضهم أن التسول من الوسائل السهلة للحصول على المال بمجهود قليل لا يتطلب المهارات الحرفية ولا أي تحصيل علمي، ولا حتى رأسمال يحتاجه أي مشروع صغير.
مشاكل أخلاقية
نشوء هذه الظاهرة، ينم على وجود مشاكل أخلاقية واجتماعية واقتصادية في المجتمع تعكس صورة سلبية عنه، إلا أن استفحالها أخيرا في مدينة حلب عاصمة الإقتصاد السوري، طرح تساؤلات وإشارات استفهام عديدة.
يلجأ المتسولون إلى اختيار مواضع شغلهم بعناية ودراسة ناجمة عن خبرة للوصول إلى المستهدفين، ويتولى مديرو شبكات التسول المهمة لباعهم الطويل في هذا المجال، حيث جرت العادة أن يستهدف هؤلاء أحياء السكن الراقية، وخصوصا التجارية منها، في الشطر الشرقي من المدينة، مثل الفرقان والموكامبو، عبر متسوليهم الصغار، الذين يتوزعون وفق خرائط نفوذ متفق عليها فيما بينهم، وتحقق “ريعية” جيدة.
عمالة الأطفال
جديد شبكات التسول في حلب، بحسب ما ذكرت مصادر خاصة من داخل تلك الشبكات، تأجير عمالة الأطفال الصغار من “معلميهم” إلى شبكات جديدة ناشئة أو شبكات أخرى ترغب بتوسيع قاعدة أعمالها.
وأوضحت المصادر ل “صاحبة الجلالة”، أن “سعر” الطفل المتسول، الذي يتراوح عمره بين ٧ و١٢ سنة، في عملية التأجير بين الشبكات المتخصصة، وصل إلى ٣٠ ألف ليرة سورية يوميا، يضاف إليها ٢٥ ألف ليرة لحساب الطفل، بالإضافة إلى “الربح” الصافي الذي يحققه صاحب الشبكة الجديد، ، والذي يتراوح بين ٤٠ و٦٠ ألف ليرة يوميا، ما يعني أن بإمكان المتسول من الاعمار الصغيرة تحقيق “دخل” صافي مقداره نحو ١٠٠ ألف ليرة يوميا بشكل وسطي، أي ٣ ملايين ليرة شهريا بدون عطلة أسبوعية، وهو ما يعادل أكثر من ٧ أضعاف راتب الموظف الحكومي!.
دفع ذلك سكان الأحياء، التي تنتعش فيها ظاهرة التسول، إلى التذمر وتقديم الشكاوي إلى الجهات المعنية، التي يبدو أنها لا تلقي بالا للشكاوى ولا تبذل جهود كافية لمعالجة الظاهرة أو حتى الحد منها، إذ لا تزال وعود وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بطرح قانون جديد لمكافحة التسول، أدراج الرياح، على الرغم من مضي أشهر عديدة على إطلاق وعودها.
المصارف والشركات
وأوضح “محمد. د”، صاحب محل تجاري، في حي الفرقان، أن متسولي الحي يتموضعون أمام المصارف وشركات تحويل الأموال والمطاعم المنتشرة في الحي، علاوة على المحال التجارية مزدهرة البيع وعند إشارات المرور في أهم تقاطعات الطرق، مثل مستديرتي “الصخرة” و”الشرطة”، وأمام مساجد الحي، خصوصا عقب صلاة الجمعة وفي المناسبات الدينية.
الباحث الاجتماعي إبراهيم دوش، بيّن ل “#صاحبةالجلالة”، أن المتسولين، ومنهم النساء وكبار السن، يعوّلون على هيئتهم الرثّة في استقطاب “الزبائن”، بالإضافة إلى اتباع أساليب الاستعطاف والتذلل والإلحاح والإحراج، للحصول على مرادهم. ولفت إلى تنامي ظاهرة توظيف ذوي الإعاقة الجسدية في الظاهرة، التي باتت تتفاقم وتؤرق سكان المدينة بدون إيجاد الحلول لها.
وعزا دوش ازدهار ظاهرة التسول إلى أسباب عديدة “منها الفقر والضائقة الاقتصادية الراهنة جراء غلاء المعيشة أو بسبب توارث مهنة التسول في بعض العائلات والطبقات الاجتماعية المحددة
ودعا جميع الجهات المعنية من مؤسسات حكومية وجمعيات محلية وأصحاب الرأي والأفراد الفاعلين في المجتمع، إلى تضييق خيارات نشوء وتوسيع دوائر الظاهرة، من خلال توفير فرص عمل مناسبة وتقديم الدعم المادي اللازم للعائلات المعوزة مع الدعم النفسي والمشورة والتوعية للأفراد المستتهدفين، بهدف تحقيق التكافل الاجتماعي لتلافي الظاهرة وإعادة الألق للمظهر الحضاري للمدينه. ونوه إلى أن تحقيق ذلك يستوجب تأمين مأوى للمشردين والمتسولين في حلب، الى جانب دور رعاية تعمل على جعلهم أفراد ذوي نفع عام للمجتمع.