دراسات و ابحاث

أهمية الجودة في زيادة تنافسية الشركات

خاص _ سينسيريا

تتميز الأسواق المعاصرة بالمنافسة الحادة بين المنشآت كمحاولة منها للوصول إلى إشباع الاحتياجات والمتطلبات للمستهلكين وإرضائهم بتمتعهم بالمزايا التنافسية التي تتيح لهم الاحتفاظ بموقعهم في الميادين التي يعملون
بها،فعلى المؤسسة التي لديها الرغبة في البقاء والنمو مع التفوق أن تتبنى فلسفة جديدة ترتكز على تقديم قيمة أعلى للمستهلك المستهدف .

وهذا ما جعل الاهتمام بالجودة ظاهرة عالمية حيث أصبحت المنظمات والحكومات في العالم توليها اهتماماً خاصاً،وأصبحت الجودة هي الوظيفة الأولى لأي منظمة وفلسفة إدارية وأسلوب حياة لتمكنها من الحصول على الميزة التنافسية حيث أصبحت الجودة سلاحاً استراتيجيا للحصول على الميزة التنافسية،وقد أدى إدراك أهمية الجودة كسلاح استراتيجي للحصول على ميزة تنافسية إلى تبني فلسفة إدارة الجودة الشاملة وهي فلسفة قائمة على أساس أنها عملية دمج جميع أنشطة المنظمة ووظائفها ذات العلاقة للوصول إلى مستوى متميز من الجودة وتصبح مسؤولية كل فرد في المنظمة مما يرفع أداء المؤسسة .

ويعد توافق منظومة البنية التحتية للجودة وممارساتها مع المتطلبات الدولية في هذا المجال عاملاً أساسياً لدعم الأداء الاقتصادي والتنموي في أي دولة،وإن العمل القائم على تطوير هذه المنظومة في سورية منسجماً تماماً مع أهداف عملية الإصلاح الاقتصادي نظراً للدعم الكبير الذي توفره هذه المنظومة لأداء القطاعات الإنتاجية ولرفع مستوى تنافسيتها .

حيث إن البنية التحتية المتطورة أحد محددات التنافسية واستدامتها التي تؤثر على فعالية العمليات الإنتاجية في الاقتصاد كما تعتبر عامل مهم في اختيار الموقع الجغرافي ونوع العمليات الإنتاجية للنشاط الاقتصادي ذلك أن البنية التحتية المتطورة تقلل المسافات بين الشركات وتربط بين أسواق الدول المختلفة،بالإضافة إلى أن الجودة العالية لشبكات البنية التحتية تزيد من نمو الاقتصاد وتقلل من تفاوت توزيع الدخل وتخفض من معدلات الفقر،فالبنية التحتية المتطورة للنقل والاتصالات عامل ضروري لتمكين الاقتصادات الأقل نمواً من الاتصال بمختلف الأنشطة الاقتصادية بفعالية مما يؤدي إلى تحسين بنية الأعمال فيها والارتقاء باقتصادها .

كما تعتبر جودة البنية التحتية المادية من العوامل الهامة للاقتصادات الراغبة في زيادة إنتاج السلع عالية التقانة ذات القيمة المضافة المرتفعة وتوفير الخدمات المادية والاجتماعية وتوليد فرص العمل،بالإضافة إلى أنها تعد عاملاً محفزاً للقطاع الخاص في زيادة استثماراته وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإقامة مشاريع داعمة للاقتصاد الوطني .

مما تقدم نبين أنه من أجل تعزيز تنافسية الاقتصاد السوري تم الارتقاء بالبنية التحتية بشكل عام والتكامل مع الدول المجاورة في مشاريع البنية التحتية والطاقة وتطوير المطارات وإنشاء المزيد منها وتطوير التشريعات الجاذبة للاستثمار فيها وتوسيع شبكة الطرقات والسكك الحديدية لتربط كافة المناطق،كما تم إنشاء المدن الصناعية في المحافظات وتشجيع الاستثمار فيها حيث تتمتع هذه المدن ببنية تحتية متطورة وتنظيم التجمعات الصناعية وتشجيع الاستثمار في الكهرباء، ويتم العمل حالياً على استثمار طاقة الرياح والطاقة الشمسية في توليد الكهرباء،وتقديم القروض الميسرة لها،وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الإنتاجية مما يساهم في الارتقاء بتنافسية الاقتصاد الوطني وبناء اقتصاد وطني قوي .

وانطلاقا من أهمية منظومة البنية التحتية للجودة كواحدة من المتطلبات الأساسية لدعم الأداء الاقتصادي والتنموي في سورية،ومتابعة للنشاطات التي تم تنفيذها في إطار برنامج تعزيز البنية التحتية للجودة خطت سورية خطوات هامة في هذا المجال حيث تم إطلاق البرنامج الوطني لدعم البنية التحتية للجودة في سورية الذي يهدف إلى تأهيل منظومة البنية التحتية للجودة وفقاً للمتطلبات الدولية ويسهم بدعم وزيادة تنافسية القطاع الإنتاجي السوري من خلال ضمان تقديم حزمة الخدمات الداعمة في مجال الجودة للمؤسسات الإنتاجية الوطنية وضمان سلامة المنتجات المتداولة في الأسواق المحلية،والاستفادة في اتفاقيات تخفيض العوائق الفنية أمام التجارة وذلك عن طريق تطوير الإطار التشريعي والسياسة الوطنية للجودة والعمل على تأهيل قطاعات الأعمال للاستفادة من خدمات البنية التحتية للجودة وممارساتها.

تعد الجودة أهم الأسلحة التنافسية للمؤسسة ومصدر تفوقها وتميزها باعتبارها عامل جذب العديد من الزبائن والمستهلكين والوسيلة الناجحة لتلبية حاجاتهم ورغباتهم بتوفير مجموعة من الخصائص والمواصفات في المنتجات المقدمة إليهم،وهي المحور والأساس الذي تقوم عليه الجودة الشاملة باعتبارها تعميم للجودة على كامل عمليات ونشاطات المؤسسة،ومنه يمكن استنتاج أهمية الجودة الشاملة في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسة حيث أن تحسين جودة سلع وخدمات المؤسسات يسمح لها بالبيع بأسعار مرتفعة ورفع حصتها في السوق ويساهم في زيادة أرباحها في حين أن اللاجودة هي المسؤولة عن ارتفاع التكاليف إذ أن لها آثار مباشرة على التكاليف من حيث الفحص،الرقابة،الفضلات،تراجع الزبائن،الإصلاحات،التعويضات…إلخ .

إلا أن تحقيق وتحسين الجودة يسمح بتفادي هذه التكاليف،وذلك بالمساهمة في تخفيض حالات عدم المطابقة والإصلاحات والتعويضات الناتجة عنها،ومن ثم المساهمة في تخفيض التكاليف الكلية للمؤسسة وهو ما ينعكس إيجاباً على أرباحها حيث يساهم تحسين الجودة في الرفع من مردودية نشاطات المؤسسة وزيادة إنتاجيتها وبالتالي تخفيض التكاليف كما تساهم في كسب رضا ووفاء الزبائن والمستهلكين وزيادة ثقتهم بسلع وخدمات المؤسسة مما يساعدها على فرض أسعار مرتفعة وبالتالي زيادة أرباحها .

ونتيجة لما يعرف بظاهرتي العولمة والشمولية وما خلفتاه من تحولات في العالم الاقتصادي.

livre7-culture

فقد أصبح امتلاك المؤسسات لقدرات تنافسية أمراً مهماً لا يقتصر فقط على الأسواق المحلية ولكن أيضاً على المستوى العالمي .

هذه القدرات التي باتت مرتبطة عند البعض بمدى تبني المؤسسة لفلسفة الجودة الشاملة لا تقبل بموجبها المؤسسات وجود أي موارد ذات جودة متدنية أو أخطاء وعيوب في جميع عملياتها ونشاطاتها كما تساعدها على تصميم منتجاتها وفقاً لمواصفات عالمية حديثة تتماشى مع الانفتاح الذي عرفته الأسواق العالمية ومتطلبات الزبائن .

ويعتبر التوافق مع المواصفات القياسية الأساس العام للتجارة العالمية،فبدونها لا يمكن تحقيق تجانس المنتوجات ورضا المستهلك والزبون كونها تحدد العناصر الأساسية للجودة الضرورية للتموقع في الأسواق العالمية،وتعتبر إستراتيجية التأهيل والتوافق مع المواصفات القياسية العالمية من بين الاستراتيجيات المهمة التي تسعى إليها المؤسسات في ظل المنافسة العالمية حيث إن حصول هذه المؤسسات على شهادة الايزو يعني امتلاكها لنظام قادر على التحسين المستمر وفقاً لمبادئ الجودة الشاملة ويمكنها الاستفادة من المزايا التالية:

  • تحسين سمعتها في السوق 2- اكتساب ثقة الزبون والمستهلك 3- زيادة قدرتها التنافسية من خلال التفوق في السوق والقدرة على تحقيق الرضا 4- إعطاء المؤسسة فرصة التصدير والدخول للأسواق العالمية التي تشترط الحصول على شهادة المطابقة للمواصفات العالمية .

وبناء على ما سبق ذكره فإن اعتماد مواصفات الجودة العالمية “الايزو” يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسة،ونظراً لهذه الأهمية فقد أصبح مسعى العديد من المؤسسات اعتماد مواصفات نظام إدارة الجودة “ايزو”

حيث إن تحرير التجارة الدولية يتطلب من جملة المتطلبات نظاماً موحداً أو مقبولاً من كل الأطراف لتقييم جودة المنتجات والخدمات المتبادلة،وقد وضعت هذا النظام منظمة المواصفات الدولية وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة المتواجدة في جنيف التي تعمل في مجال التوحيد القياسي العالمي لمختلف السلع والمنتجات والمواد،وهي التي وضعت مؤخراً أسساً وضوابط ومقاييس لعلامة جودة ضمن برنامج شامل للجودة لتكون وسيلة للترويج في مجال التصنيع والتجارة الدولية .

ويمكن أن تستخدم مع أي نظام موجود وتساعد الشركة على تخفيض الكلفة الداخلية وزيادة الجودة والفعالية والإنتاجية وتكون بمثابة خطوة باتجاه الجودة الكلية وتحسينها المستمر .

فقد أصبحت “الايزو” ذات أهمية متزايدة في السنوات القليلة الماضية لأن المصدرين اكتشفوا بأن التوافق معها وإن لم يكن ملزما إلا أنه هام للنجاح في الأسواق الأجنبية،حيث أصبح الزبائن في كافة أنحاء العالم أكثر اهتماما بالجودة ويطلبون الإيفاء بهذه المواصفات كحد أدنى،وفي المستقبل القريب وتبعاً لما تظهره توجهات السوق الدولية ستصبح مقياساً معترفاً به دولياً لنظام إدارة الجودة وستغدو منتشرة بمرور الوقت مما سيؤدي إلى الحصول على ميزات تنافسية للوصول إلى سوق عالمية تنافسية وخاصة الأسواق الأوروبية .

كما يمكن ذكر أهم الفوائد التي يمكن أن تحققها الشركات من تطبيق على سبيل المثال ايزو 9001:2008:

ومن هنا أصبح تطبيق نظام الجودة الشاملة لدى الشركات مسألة هامة لتحقيق جملة من الأهداف منها تنظيم الإدارة وفق المعايير العالمية ووضع الأهداف ومراقبة الأداء مع توضيح المسؤوليات وقنوات الاتصال بالإضافة إلى زيادة تحفيز العاملين مما يساعد في  تعزيز التحسين المستمر وتحسين النوعية وتعزيز رضا الزبون مما يؤدي إلى تحسين المبيعات وبالتالي تحسين الإنتاجية والأداء المالي وتحسين  صورة المؤسسة داخلياً وخارجياً.

مبررات السياسة الوطنية للجودة:

  • تهيئة سورية للانتقال إلى اقتصاد منافس على المستوى العالمي.
  • تعزيز البنية التحتية الوطنية للجودة مما يضمن تقديم منتجات آمنة وذات جودة في الأسواق.
  • تؤمن الإطار الذي يسمح بتعبئة جميع الموارد المتاحة وتكامل جهود مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني من خلال هيكلية مؤسساتية واضحة.
  • توفير البيئة التقنية والثقافية المناسبة لتطبيق أنظمة إدارة الجودة .

أهداف السياسة الوطنية للجودة:

  • تشجيع المنافسة العادلة والفعالة بغية تأمين خيارات أوسع من المنتجات والخدمات للمستهلك وبتكلفة أقل،وضمان تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص في مجال تقديم خدمات المعايرة والاختبار وتقييم المطابقة ومنح شهادات المطابقة.
  • ضمان توفر الوسائل الكفيلة لاختبار وإثبات سلامة وجودة وأداء السلع والخدمات الأساسية للمستهلك.
  • اتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيها مراقبة الأسواق لضمان سحب المنتجات غير المطابقة منه .
  • تعزيز النظام الوطني للقياس بحيث يتوافق مع المتطلبات الدولية.

يعتبر قياس نجاح تطبيق معايير إدارة الجودة الشاملة في القطاعات المختلفة من التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمات على المدى الطويل،بحيث يتطلب الأمر التكيف مع الكيفيات والطرق والأساليب المختلفة لمعالجة العراقيل المرتبطة بالتطبيق وتحدي المشاكل المرافقة .

حيث إن تحسين القدرة التنافسية بين المنظمات المختلفة من خلال تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة لايتأتى إلا عبر مستوى فعالية التنفيذ بمشاركة جميع الموظفين،واكتساب رضا العملاء مع العلم أن كل هذه المؤشرات يمكن وضع مقياساً لها من خلال تحديد أداء كل منها على أعلى المستويات الإدارية والتنفيذية التي تسهم في تقييم فعالية هذا المنهج باعتباره الهدف الرئيسي لتحقيق التميز على اعتبار أن الجودة قضية إستراتيجية والموظفون هم أساس تحقيق هذه الجودة بهدف خلق قيمة مضافة تسهم في ترقية وتطوير القطاعات المختلفة برمتها .

 

اظهر المزيد