أسباب رفع أسعار الدواء تكشف عنها تصريحات «نارية» سبقت القرار.. ارتفعت 150% وليس 50% والآت أعظم.!!
سينسيريا ـ وسيم إبراهيم:
قرارات رفع متتالية يصدم بها المواطن يوما بعد يوم.. “مازوت ـ بنزين ومن ثم دواء”.. ويخشى المواطن من عبارة “ما خفي كان أعظم”. فبعد سجال وتمهيد جرى خلال الأشهر الماضية لرفع سعر الدواء، حُزم القرار واتخذ ورفعت وزارة الصحة أسعار الدواء ضاربة بعرض الحائط الوضع الاجتماعي والاقتصادي للغالبية العظمى من المستهلكين والمرضى، فالنسبة التي رفع فيها سعر الدواء وصفها الكثير من المتابعين بأنها بعيدة عن “الرحمة” حيث وصلت إلى 57% مع زيادة هامش ربح الصيدلي.
أما لماذا بعيدة عن “الرحمة” فالجواب وفق العديد من المواطنين ممن التقيناهم، بأن الحكومة لم تأخذ بعين الاعتبار وضع المرضى والفقراء وذوي الدخل المحدود والذي يشكلون النسبة العظمى من المجتمع حالياً وخاصة مع تزايد نسبة المواطنين الذي يعيشون تحت خط الفقر وتزايد نسب البطالة في المجتمع وخاصة مع “غول” الأسعار الذي انطلق في أسواقنا ولم يبقي أو يذر على أي سلعة أو خدمة إلا وطالها، وسأل العديد من المراقبين: ماذا سيفعل مرضى الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى الدواء كشرب الماء، ماذا سيفعل الأطفال الذين سيحتاجون إلى دواء وأصبح من الصعب على الأسر توفيره بسبب ارتفاع سعره كثيرا.؟
قائلين: ” إنه دواء يا حكومة وليس فروج لكي يستغني عنه المستهلك أو المريض، إنه دواء وليس لحوم حمراء لكي يفارقها المستهلك أو المريض، إنه دواء يا حكومة، إنه دواء يا وزير الصحة، إنه دواء يا نقيب الصيادلة.. فالمرضى كثر والدخل لم يكن يستطيع تغطية تكاليف الاستطباب فكيف له أن يغطي تكاليف الدواء أيضاً.. إنه دواء وليس “بندورة”.
مافيات وأيدي غير نظيفة ودواء!!
سابقاً وخلال العام الماضي رفع سعر الدواء بحجة ارتفاع التكاليف أيضاً بنسبة تراوحت ما بين 25 إلى 50% وذلك حسب سعر الدواء، وحالياً وقبل رفع سعر الدواء أثيرت دوامة ضخمة من التصريحات عن فساد وأيدي خفية تتلاعب بسوق الدواء، حيث أطلق رئيس لجنة الإدارة المحلية والخدمات في مجلس الشعب صفوان القربي، تصريحاً نارياً، بيّن فيه أن هناك أيادي غير نظيفة تحاول عرقلة سير إنتاج الدواء الوطني بهدف استيراد الدواء الأجنبي، وبذلك يستنفد القطع الأجنبي الذي نحن بحاجة إليه حالياً، مشيراً إلى أن المطلوب إيجاد آلية تسعير جديدة وسريعة ومنصفة “تراعي مصالح الجميع ومصلحة المواطن بالدرجة الأولى”، الذي يريد دواءً فعالاً وجيداً وبسعر مقبول، أيضاً قال في تصريحه أن ملف الدواء في الوزارة تاريخياً كان ملفاً جدلياً، وبتعبير الناس هناك مافيات دوائية داخل الوزارة وخارجها، مشدداً على ضرورة حفظ أسعار الأدوية المحلية باعتبارها الحل للخروج من الأزمة التي تمر بها سورية، كما أن هناك بعض القرارات والإملاءات غير البناءة تحكم مفاصل وزارة الصحة.
أيضاً وزير الصحة نزار يازجي أكد، وجود مافيات دوائية تلعب دوراً في أسعار الأدوية، كاشفاً عن أن الوزارة ضبطت العديد من الأشخاص وأن لديها أرشيفاً كاملاً حول هذا الموضوع.
ترقبوا ارتفاعات متتالية
وبعد هذه الدوامة من التصريحات فجأة صدر القرار برفع سعر الدواء..وكل أنواع الدواء دون استثناء حتى المنتج سابقاً وحتى المخزن وحتى بعد أن خفضت الكثير من شركات الأدوية كميات الدواء التي تبيعها ضمن العبوات لحد النصف، رفع سعر جميع أنواع الأدوية دون استثناء، طبعاً، عدى المشافي الخاصة سترفع تعرفتها بحجة ارتفاع سعر الدواء، وهو إجراء ليس ببعيد، كذلك سترفع شركات التأمين الصحي من تعرفتها أيضا بحجة ارتفاع سعر الدواء، وهكذا، كل شيء سيرتفع على إثر هذا القرار الذي نعتقد انه لم يكن مدروساً.
تخرج علينا نقابة الصيادلة وتقول بأن الدواء الذي لم يتم رفع سعره فهو خاسر، طبعاً هذا الحديث سابقاً، والحجة بأن التكاليف تضاعفت!!!..
ونسأل هنا: أي تكاليف تضاعفت 57% خلال نصف عام، هل المازوت تضاعف بهذه النسبة؟ أم البنزين أم الحطب أم الكهرباء أم الماء أم المواصلات؟.
ما الذي تضاعف يا نقابة الصيادلة بهذه النسبة.. أم أن أصحاب شركات الأدوية لم تعد تعجبهم أرباحهم ولم يعجبهم الربح القليل، كيف يمكن أن نقتنع بأن شركات الأدوية كانت تنتج وتبيع في الأسواق لمدة عام وهي خاسرة، هل يعقل ذلك؟.
بالطبع لا لم تكن خاسرة ولا يوجد دليل واحد على أن أي شركة أدوية خاصة أو عامة تعرضت للخسائر، ربما وزارة المالية على إطلاع بذلك إن كانت هي الأخرى تجري مراقبة مالية صحيحة على هذه الشركات من حيث الضرائب والرسوم.
كل الحجج التي سردها وزير الصحة ونقيب صيادلة سورية لم تقنع الولد الصغير، فكيف تم رفع سعر الدواء وعلى أي أساس؟.
لا يوجد شركة أدوية خاسرة والقرار الأخير رفع أرباحهم 150%
بالطبع الكلمات السابقة أكدها رئيس نقابة عمال الصحة في دمشق سامي حامد في حديثه لـ”سينسيريا” حيث انتقد بشدة قرار رفع سعر الأدوية مشيراً إلى أنه يوجد أدوية رابحة بنسبة 100% لدى معظم الشركات وأن صناعة الأدوية وفق خبرته لم تكن خاسرة أصلاً ليتم رفع سعر الدواء وإنما انخفضت أرباح شركات الأدوية الخاصة بنسب معينة فاعترضت على ذلك مما دفعها للضغط لإصدار قرار الرفع الأخير.
وسأل حامد: “لماذا تم رفع سعر جميع الأدوية بنسبة 50% على الرغم من أنه يوجد أدوية رابحة وبنسب كبيرة، ولماذا لم يتم وضع دراسة لمعرفة الأدوية الخاسرة وفق مزاعمهم ورفع سعرها فقط؟”، مؤكداً أن قرار رفع سعر الأدوية لم يأخذ في عين الاعتبار إمكانيات المواطن المادية حيث يوجد الكثير من المواطنين لديهم أمراض مزمنة مثل أدوية الضغط وهم يحتاجون إلى هذا الدواء بشكل يومي مما سيشكل عبء مادي ضخم عليهم.
ونوه إلى أن رفع سعر الأدوية سيكون له تبعات أيضا على شركات التأمين والتي ستطالب بعد وقت برفع أسعار خدماتها مما سيؤدي إلى عرقلة العمل.
ولفت إلى أن شركات الأدوية ومنذ نحو أكثر من عام، قامت برفع أرباحها دون أي قرار عندما قامت العديد من الشركات بتخفيض كمية الدواء في العلبة الواحدة طارحاً في ذلك مثال: “علبة دواء التهاب تحتوي 20 مضغوطة أصبحت تحتوي 10 مضغوطات فقط وبنفس السعر، أي أن الشركة رفعت أرباحها بنسبة 100% سابقاً وأتى هذا القرار ورفع من ربحها 50% فأصبحت أرباحها لا تقل عن 150%”.
وأشار إلى أن جميع مستلزمات الإنتاج ارتفعت سواء المواد الأولية أو الأجور ولكن رغم كل الارتفاعات السابقة لم تتعرض شركات الأدوية للخسارة فليس من المعقول أن تكون خاسرة وهي مستمرة بالإنتاج.
ماذا عن المستودعات؟
وقال: “ماذا عن مستودعات الأدوية التي خزنت واحتكرت الدواء مع علمها بقرار رفع سعر الأدوية؟..هل تم جرد الأدوية التي لديها قبل هذا القرار كما يحدث عند رفع سعر المازوت أو البنزين حيث يتم جرد كميات الوقود في المحطات؟، ولماذا لم يحدد القرار الأدوية المنتجة حديثا فقط وشمل الأدوية القديمة المخزنة والحديثة؟”.
وأشار حامد إلى قضية جودة الدواء، متسائلاً: “هل الدواء المصنع محلياً مراقب ويصنع وفق المواصفات القياسية، وماذا عن فعاليته؟”.
كيف سينسى المريض ألمه؟
يبقى القول بأن المواطن أستغنى عن الفروج لارتفاع سعر واستغنى عن اللحوم الحمراء ونسياها ونسقها من مائدة طعامه لجنون سعرها، واستغنى عن أغلب الفواكه كونها مضرة لجيبه ودخله، وأصبح نباتياً بامتياز حتى أنه لن يصبح نباتياً بعد فترة من الزمن كون أسعار النباتات أيضا ترتفع.
ولكن كيف سينسى المريض ألمه في حال لم يستطع الحصول على دواء لارتفاع سعره؟..وهل ملئ جيوب شركات الأدوية الخاصة ستكون كفيلة من الحد من الفساد في أسواق الدواء كما أشير أعلاه وهل ملئ جيوبها سيحقق الفعالية في الدواء وهل ملئ جيوبهم وزيادة أرباحهم على حساب صحة المواطن سيوفر الدواء بعيدا عن السوق السوداء؟..