أثر المتغيرات العالمية على الاقتصاد السوري
عاصي لسينسيريا: خفض قيمة المستوردات إلى الحد الأقصى كان له تأثير سلبي على النمو وإعادة الإعمار
المتغيرات العالمية
دانا برجاس
معدلات التضخم العالية كانت أهم سمات الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، وقد بدأ معدل التضخم بالارتفاع عالمياً منذ أن عصفت أزمة فيروس كورونا أو الكوفيد 19 بالدول جميعها وسببت الكثير من الإغلاقات والاضطرابات في الأسواق العالمية، الأمر الذي أدى الى خلل في سلاسل الإمداد العالمية، ما فاقم من أزمة توفر السلع والمواد في الأسواق العالمية، وبالتالي شهدنا المزيد من الارتفاع في معدل التضخم بحسب دكتورة الاقتصاد لمياء العاصي.
رفع أسعار الفائدة
المتغيرات العالمية
وأضافت عاصي في حديثها لصحيفة سينسيريا أنه من المعروف أن التضخم يحدث عندما يتجاوز الطلب العرض للسلع والخدمات وهذا ما سببته أيضا الحروب، وخصوصا الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في بداية 2022، وأدت إلى المزيد من الاضطراب في سلاسل الإمداد والأسواق، وخصوصا بالنسبة للنفط والغاز والحبوب والأسمدة.
ولتخفيض معدلات التضخم لجأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة بالنسبة للدولار الأمريكي، وأيضا قامت البنوك المركزية في الدول الكبرى برفع الفائدة على عملاتها مثل، الاتحاد الأوروبي وكندا وغيرها، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على اقتصاديات الدول النامية وأدى إلى انخفاض سعر صرف العملات المحلية وحصل نتيجة لذلك ارتفاع قيمة مديونياتها، وتبعاً لذلك تأثرت كثيراً الدول ذات حجم المديونية العالية، مثل مصر والأرجنتين وغيرهما.
المتغيرات العالمية
وعن مجالات التأثير لهذه المتغيرات قالت عاصي: أدى رفع سعر الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى إلى انخفاض سعر صرف العملات الوطنية في الدول النامية مقابل العملات الصعبة، وتبعا لذلك ارتفعت قيمة مديونياتها وأعبائها وزادت تكاليف مستورداتها وبالتالي عم الغلاء كل السلع والخدمات، بالطبع هذا شمل كل القطاعات وكل الأنشطة.
الأثر بالاقتصاد السوري
أما عن أثار هذه المتغيرات على الاقتصاد السوري وكيفية التعامل معها أوضحت الدكتورة لمياء عاصي أن الاقتصاد السوري تأثر بمتغيرات الاقتصاد العالمي بشكل كبير، لأن حجم الاستيراد يشكل نسبة كبيرة من السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج والمواد الأولية، وبنفس الوقت لا تعتبر سورية منتجة لنوع من السلع بشكل كبير ومؤثر في السوق العالمية، حيث ترافق ارتفاع معدل التضخم العالمي بارتفاع لمعدل التضخم المحلي، لأسباب تتعلق بشكل رئيسي بتداعيات الحرب في سورية.
وقد وجد أصحاب القرار الاقتصادي في سورية أنفسهم أمام عدد محدود من الخيارات أهمها ترشيد المستوردات من أجل خفض فاتورة الاستيراد إلى الحدود القصوى، ولكن خفض قيمة المستوردات إلى الحد الأقصى كان له تأثير سلبي على النمو وإعادة الإعمار، إضافة لارتفاع أسعار كل المواد الأساسية وغيرها، الأمر الذي زاد كثيراً من صعوبة الحياة وخفض المستوى المعيشي.
الحلول الممكنة
وبينت عاصي لصحيفة سينسيريا أنه في عصرنا الحالي، أصبح العالم قرية صغيرة، وفق ما قاله المنظِّر الإعلامي الكندي مارشال ماكلوهان في أواسط القرن العشرين، وأصبحت تلك المقولة واقعاً فعلياً، بسبب عوامل عدة أهمها: ما حصل من تطور مذهل في مجال الحواسيب ووسائل الاتصالات حيث أصبح انتقال المعلومات والصوت والصورة يتم في الزمن الحقيقي وكذلك في وسائل النقل الحديثة، مما أدى الى نشوء عالم اقتصادي مختلف اتسم بتعقيد وتشابك الأنشطة الاقتصادية.
لتختتم حديثها لسينسيريا بأن اعتماد كل الدول على بعضها من أساسيات العمل في الاقتصاد العالمي، ولا يمكن الاستغناء عن التبادل التجاري، وبالتالي استيراد الصعوبات والتضخم وباقي المشاكل ضمنه.
معتبرة بأنه للتخفيف من تأثير تحديات الاقتصاد العالمي والتي تؤدي عموماً إلى الشح والصعوبة بتأمين المواد وارتفاع أسعار السلع بآن معا، بأن يتم التركيز أكثر على خلق منتجات محلية بدل المستوردة على الأقل بالنسبة للسلع الأساسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها.