اقتصاد زراعيمميز

موسم الزيتون “ضاع” بين القطاف المبكر والقطاف المتأخر ماذا حصل في ريف حمص الشرقي؟

ابراهيم مخلص الجهني

يبدو أن الخسارة أمر محتوم على المزارع السوري بقدرة إلهية، بعيداً عن التدخل البشري فالحلول بمختلف أشكالها انتهت والأمر متروك للسماء كما يقال، البداية كانت مع حلول موسم قطاف الزيتون، حيث انقسم المزارعون إلى قسمان الأول اتجه نحو القطاف باكراً خوفاً من السرقة، إما القسم الثاني فقد قرر الصمود للحصول على مردود جيد وزيت بمواصفات عالية.

لكن في كلتا الحالتين كانت الخسائر من نصيب المزارعين، فالنوع الأول قطف باكراً ونجى من سرقة محصوله لكن بالمقابل حصل على مردود أقل، إما النوع الثاني فلم ينجو من السرقة على أمل بالحصول على مردود جيد، لكن ما حصل في ريف حمص الشرقي كان صدمة موجعة للمزارعين فقد انخفضت نسبة الزيت إلى ما بين 3% و9.0%، فيما كانت نسبة الزيت في بداية الموسم تتراوح ما بين 13% و22%.

نسب متدنية بنهاية الموسم

حيث اشتكى مزارعون من ريف حمص الشرقي لصحيفة سينسيريا انخفاض نسبة الزيت في الثمار إلى ما دون 10%، علماً أن الثمار نضجت بشكل كامل وحصلت هطولات مطرية مجزية وهذا أمر جيد كما هو معروف بالنسبة للمردود، مؤكدين أن تأخرهم بالقطاف زاد من تكاليف العصر دون أي تحسن في مردود الزيت، فالبعض اتهم أصحاب المعاصر بالسرقة والاستغلال.

أبو علي (مزارع من ريف حمص الشرقي) يمتلك 500 شجرة زيتون، ذكر لصحيفة سينسيريا، إنه جنى ثمار أشجاره الواقعة على أطراف القرية مبكراً مطلع تشرين الأول الماضي، بسبب السرقات وكانت نسبة الزيت حوالي 12% وبالمقابل قطف أشجاره المحمية بجانب منزله وكانت نسبة الزيت 22 %، إما ما تبقى من أشجار فلم تكن ناضجة وكانت ثمارها مجعدة، ولذلك تأخر بقطافها للأسبوع الفائت بعد الهطولات المطرية وقد تفاجئ بانخفاض نسبة الزيت إلى 7% الأمر الذي خيب أمله في موسم هذا العام.

قياس كمية الزيت بوحدة المساحة

وحول هذا الموضوع بيّن الخبير الزراعي والمدير المؤسس لمكتب الزيتون بوزارة الزراعة المهندس أحمد عميري في حديثة لصحيفة سينسيريا أن شجرة الزيتون تحتاج للري مثلها لها مثل أي كائن حي، منوهاً إلى أن الري التكميلي أعطى نتائج جيدة على الأشجار وإنتاجها، كما ينصح في المناطق الجافة بالري في شهر شباط لزيادة المخزون المائي في التربة وهذا ينعكس بشكل إيجابي على الإنتاج.

وأضاف عميري أن نسبة الزيت في الثمار تزداد حتى نهاية كانون الثاني بحسب الدراسات التي أجريت من المعنيين وعند الرغبة في الحصول على أفضل نوعية من الزيت يفضل قطف الثمار في نسبة تلون 60%، إما عند الرغبة في الحصول على أكبر كمية من الزيت يجب تأخير القطاف حتى التلون الكامل للثمار باللون الأسود وهذا يختلف موعده من صنف لآخر وحسب الظروف المناخية وسنوات الحمل الغزير والخفيف والري وغيرها من العوامل.

وحول انخفاض نسبة الزيت في الثمار بعد الأمطار أوضح مدير مكتب الزيتون السابق أنه في حال كان السطع الشمس جيداً بعد هطول الأمطار تنشط عمليات التمثيل الضوئي وامتصاص المجموع الجزري للرطوبة وبالتالي تزداد كمية المياه على حساب الزيت لكن بالمحصلة لو أخذنا إجمالي كمية الزيت في وحدة المساحة سوف تزداد أيضاً، وكثير من الدول لا تقيس الإنتاج بكمية الثمار إنما بكمية الزيت بوحدة المساحة.

وأكد عميري أن هذه الشجرة تحتاج للماء بالدرجة الأولى والغذاء الدرجة الثانية،وأن الأمطار لا يمكن أن تكون سبباً في خفض نسبة الزيت أو الإساءة للنوعية، وقد يكون هناك عوامل أخرى غير واضحة لكن يجب اختيار معصرة موثوقة وذات سمعة جيدة يجري فيها غسيل جيد للثمار وعجنها لفترة كافية، لأن زيادة فترة العجن تزيد من نسبة استخلاص الزيت كما يوصى باستخدام مياه درجة حرارتها لا تزيد عن 30 درجة مئوية حتى تحافظ على الفيتامينات وتبقى سليمة.

المطلوب من المزارع لتحقيق إنتاج جيد

 

إما عن المطلوب من المزارع للحصول على أعلى إنتاج وبأفضل نوعية وبأقل التكاليف قال الخبير الزراعي إن هذا الأمر يستدعي تقليم الأشجار تقليماً سنوياً خفيفاً، بهدف الحصول على نموات سنوية تكون هي المسؤولة عن إعطاء الثمار في العام القادم، ومحاولة إعطاء ري تكميلي خلال أشهر الصيف في تموز وآب وأيلول، وهذا ينعكس بشكل جيد على الأشجار وإنتاجها، كما يفضل إعطاء تسميد ورقي للأشجار في الأوقات الحرجة أثناء الزهر والعقد وفي مرحلة تصلب النواة وتشكل الزيت بالثمار وهذه المرحلة إذا أعطيت تسميد وراقي تعطي نتائج جيدة.

وتابع المهندس أحمد عميري أنه من الضروري المحافظة على سلامة الثمار وقطافها في الوقت المناسب ونقلها بعبوات مناسبة إلى المعصرة وعصرها فوراً لأن أي تأخير في عصر الثمار ينعكس سلباً على نوعية الزيت وينصح باستخدام المعاصر الحديثة المنتشرة على كامل مساحة القطر وتعبئة الزيت الناتج في عبوات مناسبة وتخزينها في مكان بارد بعيداً عن الحرارة والرطوبة والضوء لحين الاستعمال أو البيع.

بدورها المهندسة الزراعية بشرى الجهني أشارت إلى أن موعد القطاف يعتمد على الموقع الجغرافي وطبيعة الطقس، كما تتأثر جودة زيت الزيتون بعدة عوامل مثل النضج والصنف وموعد القطف وطريقة القطف والجمع والنقل والتخزين للثمار ثم طريقة العصر والرقابة عليها ومن ثم تخزين الزيت وكذلك نوعية الثمار وإصابتها بالآفات، مؤكدة أن الانخفاض الذي حصل في بداية الموسم يعود إلى عدم اكتمال نضج الثمار، أما الانخفاض في نهاية الموسم ناجم عن زيادة نسبة المياه في الثمار مما زاد من وزن المحصول الأمر الذي خفض حسابياً نسبة الزيت.

ونوهت الجهني إلى أن تلون الثمار جزئياً يعد من مؤشرات النضج المكتمل، وأن عصر الثمار قبل نضوجها فيه هدر وفقد، ولذلك يشكل خسارة للمزارعين ولكميات الزيت المنتجة على مستوى البلاد، مشيرةً إلى أن إنتاج زيت الزيتون بمواصفات عالية ومطابقة للمواصفات العالمية تعد أساس نجاح عملية التسويق والتصدير والدخول للأسواق العالمية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى