“طوفان الأقصى” يهز بورصات دول الجوار خبير اقتصادي لسينسيريا: أعداء سورية يحرصون على تصعيد الجبهة الاقتصادية
ابراهيم مخلص الجهني
شهدت البورصات العربية هبوطاً جماعياً خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وذلك جراء المخاوف المتعلقة بتصاعد الصراع بين حركة المقاومة بقطاع غزة والكيان الإسرائيلي، حيث يراقب المستثمرون عن كثب تطورات الأحداث في الكيان وما قد تشكله من مخاطر على الأسواق، ويتوقع البعض أن تدفع الحرب إلى التحرك نحو الأصول الآمنة، فيما يقول المحللون إن تصاعد المخاطر الجيوسياسية قد يدفع لموجة شراء لأصول مثل الذهب والدولار، وقد يعزز أيضاً الطلب على سندات الخزانة الأميركية.
تأثير سلبي
وفي هذا الصدد بيّن الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية في حديثه لصحيفة سينسيريا أن أي حرب أو صراع أو نزاع أو تمرد مسلح داخلي ضمن أي بلد في العالم مثل سورية والسودان أو ما تشهده فلسطين اليوم له تأثير سلبي ومؤذي على كافة الأصعدة داخل البلد، وعلى الصعيد الاقتصادي عموماً، والمعيشي بشكل خاص.
وتمتد هذه التأثيرات السلبية غالباً على كافة أو بعض دول الجوار، وتزداد هذه التأثيرات حينما تكون هذه الحرب أو النزاع المسلح بين بلدين كما الأمر بين روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال، حيث تعطل الأعمال العسكرية الأنشطة الاقتصادية عموماً وتعرقل نقل المواد والبضائع وتحرك الأشخاص على وجه الخصوص.
البورصات
وأشار فضلية إلى أنه على رأس الأنشطة الاقتصادية التي تتأثر سلباً وبقوة أكثر هي الأنشطة الاستثمارية ذات الصلة بالأصول الثابتة والسلع المعمرة والأنشطة المالية مثل الإيداع في المصارف وتمنعها عن الإقراض وكذلك الأنشطة المالية والاستثمارية وأهمها أنشطة تداول الأسهم في البورصات بيعاً وشراءاً، فينعدم أو ينخفض الطلب على الأسهم ويزداد عرضها كون هذه الأسهم تجسد بطبيعتها بمثابة سند ملكية لأصول وممتلكات الشركات المساهمة التي هي من أكثر المتأثرين سلبياً في أنشطتها الاقتصادية.
وبالتالي تنخفض أسعار الأسهم بوتيرة متسارعة أي تنخفض قيمة ملكية أصحابها، منوهاً إلى أن المؤسسات المالية والبورصات التي تأثرت مؤخراً سلباً بالأحداث هي مؤسسات وبورصات الدول المجاورة وغير المجاورة التي تم التصريح أو الادعاء بأن لها صلة بما يحدث في فلسطين.
التصعيد على الجبهة الاقتصادية
وحول تأثير الحروب والصراعات المسلحة على الاستثمارات الأجنبية، أوضح الخبير الاقتصادي أن التأثيرات سلبية بالمطلق حيث يتم غالباً تجميد ما هو منها ناشط أو قيد التأسيس والإنشاء من جهة كما يتم من جهة ثانية صرف النظر إلى أجل غير مسمى عن تنفيذ أنشطة استثمارية جديدة وربما إلى حين توفر البيئة الآمنة المناسبة، موضحاً أن ما ينطبق على الاستثمار الأجنبي ينطبق أيضا على الاستثمار المحلي ولو جزئياً وبنسبة مخاوف وحذر أقل.
فالاستثمار وممارسة الأنشطة الاقتصادية يتطلب الأمن والأمان أولاً ومن بعد ذلك يتم التفكير بإجراءات دراسات الجدوى الاقتصادية بحسب القاعدة المعروفة بأن (رأس المال جبان) وبأن (بيئة الاستثمار المناسبة) أهم من معدل الربح المتوقع، لذلك من الضروري التنويه إلى أن أعداء سورية يحرصون دائما على خلق حالة عدم الاستقرار بعد أن يفشلوا بالحفاظ على حالة الحرب والاشتباكات المسلحة وهذا ما يمكن أن نسميه التصعيد على الجبهة الاقتصادية.
إجراءات ضرورية
إما عن نوع وطبيعة الإجراءات الاقتصادية التي يجب أن تتخذها الدول المتضررة من التداعيات السياسية والعسكرية، لفت فضلية إلى أن التداعيات أن كانت داخلية أو خارجية فهي تختلف من بلد إلى آخر بحسب شدة تضرر البلد وبحسب إمكاناته وقدراته المادية وحكمة إدارته الحكومية والرسمية وبحسب مرونة اقتصاده وتنوع قطاعاته الإنتاجية، والأهم بحسب شدة ارتباطاته الدولية والتجارية الخارجية، لذا لا توجد وصفة محددة قد تكون صحيحة لبلد ما وغير مناسبة لبلد آخر.
لكن وبشكل عام يصح في أي بلد أن يزيد من الاعتماد أكثر فأكثر على طاقاته وقدراته المادية والبشرية واتخاذ كل ما شأنه الاعتماد بمستوى أقل على الخارج وهذه الوصفة تنطبق بصورة أكثر فعالية على سورية الغنية بالموارد الطبيعية وبعناصر الإنتاج الرئيسية (لا سيما قطاع الزراعة…أرض ومناخ مناسب ومصادر الري) والتي تمتلك بالوقت ذاته الطاقات البشرية القادمة على استغلال هذه الموارد فمعظم طعامها من إنتاجها ومعظم كسوتنا من عمل مصانعنا.
واختتم الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية حديثه لصحيفة سينسيريا بالقول إن انعكاسات الظروف العسكرية والسياسية والمعيشة السائدة حالياً على أرض الواقع محلياً وإقليمياً ودولياً ستكون سيئة وسلبية على جميع دول العالم ولو بنسب وتداعيات مختلفة إلا أن التنبؤ بالأوضاع والظروف التي سيكون عليها المستقبل القريب والمتوسط والبعيد فهو يتعلق بسيرورة الأحداث والوقائع واتجاهاتها التناحرية أو غير التناحرية ويتعلق ذلك بالخطط والنوايا والأهداف التي تضمرها القوى العالمية الفاعلة في الشرق والغرب، ولكنها لن تكون وردية بحسب فضلية.