أرقام سوريةمميز

هل يمكن خفض تكاليف إنتاج الفروج والبيض بنسبة 70%؟!

قرنفلة لسينسيريا: سياسة التسعير القسرية وانحسار مصادر التمويل أدت لخسائر تراكمية لمربي الفروج

ابراهيم مخلص الجهني

حطمت أسعار الفروج والبيض كل التوقعات وحلقت إلى مستويات غير مسبوق، حيث سجلت الأسعار أرقاماً قياسية بعد أن وصل كيلو الفروج لـ 30 ألف ليرة وصحن البيض يسجل 55 ألف ليرة.

وكانت قد صدرت آخر نشرة أسعار للفروج والبيض بدمشق يوم أمس حدد من خلالها سعر كيلو الفروج الحي بسعر 20 ألف ليرة والمذبوح المنظف بـ 28 ألف ليرة وكيلو الشرحات بسعر 46 ألفاً وكيلو السودة بـ 40 ألف وكيلو الدبوس 27 ألفاً، والوردة بـ 31 ألفاً وكيلو الكستا بـ 31 ألفاً والجوانح بسعر 21 ألف ليرة، على حين تم تحديد سعر صحن البيض بسعر 43 ألف ليرة.

لكن على أرض الواقع يباع اليوم سعر كيلو الفروج الحي في أسواق دمشق بين 28 و30 ألف ليرة وسعر كيلو الشرحات بين 55 و60 ألف ليرة وسعر صحن البيض ما بين 50 إلى 55 ألف ليرة سورية.

قطاع تقليدي

 

إن قطاع الدواجن في سورية قطاع تقليدي ولم يواكب التطور والحداثة في البنية التحتية إلا بنسبة ضئيلة، ولا يزال يعتمد على المداجن ذات الطاقات الإنتاجية المتواضعة والتي بنيت معظمها بطرق قديمة، ولا توفر حظائرها للطيور الوقاية المطلوبة من تبدلات الطقس، وما يؤكد ذلك أن درجات الحرارة والرطوبة في دول الخليج تفوق ما هو في بلدنا، ومع ذلك لا تشهد المداجن لديهم نسب نفوق مرتفعة بالطيور خلال الصيف أو الشتاء نظراً لاعتماد المداجن النظام المغلق الذي يمكن التحكم فيه أوتوماتيكياً لتأمين كل الشروط النظامية لحياة الطيور، ورغم ارتفاع تكاليف إنشاء هذه المساكن لكنها توفر ضمانات تعزل الطيور عن التأثير السلبي لتغيرات الطقس كما أن المداجن التي تعتمد نفس هذا النظام ببلدنا لا تتأثر سلباً بمؤشرات الطقس وذلك بحسب الخبير في الإنتاج الحيواني المهندس عبد الرحمن قرنفلة.

قرنفلة أوضح في حديثه لصحيفة سينسيريا أن التأثير الأكبر لتكاليف الإنتاج لا يتعلق بالفصل من السنة ولكن يتعلق بشكل أساسي بسعر مدخلات الإنتاج وفي مقدمتها الأعلاف التي تشكل قرابة ٨٥% من إجمالي تكاليف الإنتاج بالمرحلة الراهنة، ومن المعروف أنه كلما زادت قيمة الأعلاف ترتفع نسبة مساهمتها بإجمالي التكاليف، بالتالي ليس لحلول فصل الخريف إلا تأثير بسيط جداً على أسعار الفروج وتوفره في الاسواق.

وأضاف قرنفلة أنه لا شك أن خفض تكاليف استيراد الأعلاف سوف يشجع تجار المواد العلفية على زيادة واردات القطر منها، وهذا يخلق حالة من التنافس بين التجار تساهم بخفض أسعار الأعلاف وهي ظاهرة لمسها مربوا الدواجن منذ وقت طويل حيث تنخفض أسعار الأعلاف عند توريدها من أكثر من تاجر، كما تساهم الاعفاءات الضريبية بخفض تكاليف الإنتاج كونها أحد عوامل التكلفة، وعليه فأن كل ذلك يجب أن يخفض تكاليف الإنتاج بالنسبة للحم وبيض الدجاج.

التسعير القسري

إما بالنسبة لأسعار البيض فقد بيّن الخبير أن هناك حزمة من العوامل وراء ارتفاع أسعار بيض المائدة، يأتي في مقدمتها خروج عدد كبير من مربي الدجاج البياض من حلقات الإنتاج نتيجة التكاليف الضخمة التي تحتاجها العمليات الإنتاجية او البدء بدورات إنتاج جديدة في وقت انحسرت فيه مصادر الائتمان والتمويل، ولم تشجع إجراءات المصرف التعاوني الزراعي المربين على الاقتراض منه.

كما أن سياسات التسعير القسري الذي مارستها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال السنوات القليلة الماضية الحقت خسائر تراكمية لكثير من مربي الدجاج البياض وأدت لخروجهم من حلقات الإنتاج.

وتابع قرنفلة أن العامل الثالث هو تحول تجار الأعلاف من البيع بالآجل (الطريقة التقليدية المعتادة لمربي الدواجن) إلى طريقة البيع النقدي لاسيما أن معظم المربين لا يملكون السيولة النقدية اللازمة لتمويل مشترياتهم من أعلاف الطيور.

خفض تكاليف الإنتاج

وعن الحلول المتاحة لخفض تكاليف إنتاج بيض الدجاج بشكل خاص ومنتجات الدجاج عموماً أكد المهندس عبد الرحمن قرنفلة على ضرورة تحديث أنماط الإنتاج في قطاع الدواجن وتشجيع قيام مجمعات تعاونية إنتاجية ورفع سوية الإرشاد الزراعي في قطاع الدواجن وتحقيق إشراف فعلي وميداني للمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين على المداجن، وخفض نسب النفوق بين الطيور باعتماد الأسس الفنية للتربية والرعاية وإدارة المداجن وتحقيق المعدلات الإنتاجية النظامية من الطيور نظراً لأن انخفاض تلك المعدلات يرفع تكاليف الإنتاج.

بالإضافة إلى ضرورة تحديث طرق تسويق منتجات الدجاج وتطوير أسواق بيعها بالجملة وتطبيق نسب أرباح نظامية في كل مراحل السلسلة التسويقية وتوسيع مساهمة مؤسسات الدولة في إنتاج لحم الدجاج وبيض المائدة وأهمية قيادتها للقطاع من خلال التركيز على توسيع تربية جدات وامات الدجاج، والتحكم بحجم المعروض من الصيصان، وزيادة دور مؤسسات التسويق الحكومية بامتصاص فوائض إنتاج قطاع الدواجن وإعادة طرحها في فترات تراجع الإنتاج وخلق حالة توازن بين العرض والطلب على مدار العام.

مع أهمية قيام وزارة الزراعة بإلزامية تطبيق قواعد الأمن الحيوي بالمداجن وعلى مسؤولية الفنيين المشرفين عليها، وكذلك حصر تداول واستعمال الأدوية واللقاحات البيطرية المستخدمة بالمداجن بالفنيين المخصصين بهذه المهام ومنع المربين (من غير الفنيين) من شراء واستخدام الأدوية واللقاحات البيطرية، مبيناً ان تطبيق هذه البنود مجتمعة يساهم بخفض تكاليف الانتاج بنسبة ٣٠%.

واختتم الخبير حديثه لصحيفة سينسيريا أن المطلب الاهم هو التوسع بزراعة الأعلاف محلياً وتوفير مجففات حبوب الذرة الصفراء وزيادة إنتاج فول الصويا حيث أن تأمين هذه الاعلاف بسعر رخيص يخفض تكاليف الإنتاج بنسبة ٤٠%، أي أن تطبيق مجمل الإجراءات المذكورة يساهم بخفض تكاليف الإنتاج بنسبة ٧٠% عما هي عليه الآن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى