اقتصاد و فوبيا

ثقوب الوقت

علي محمود سليمان

من عادة الأم أن تراقب ثياب أولادها إن تعرضوا للتمزق أو الاهتراء لتسارع لخياطة مكان التمزق (ما يعرف بالرتي). وكلما تأخرت في إصلاح مكان العطب ازداد توسع التمزق، حتى يصل لمرحلة لا يجدي معه أي إصلاح.

 

حال اقتصادنا لا يختلف كثيراً عن حال ثيابنا الممزقة عندما كنا صغاراً وأمهاتنا ترقعها. وإن حدث وأهدرت الوقت دون إصلاحها تزداد الثقوب وتصبح ثيابنا تالفة. وغالباً تتحول إلى خرق للمسح إن لم يتم رميها.

 

وعليه فإن أمّنا (الحكومة) أهدرت الكثير من الوقت في البحث عن حلول لإصلاح أوضاعنا المعيشية والاقتصادية حتى انتشرت الثقوب في كل تفاصيل يومنا المعيشي. وبات من الصعب الترقيع بأي حل. وما كان يطرح سابقاً على أنه خطة على المدى البعيد أصبح حالياً حل اسعافي لمرحلة مؤقتة. نتج عنها توسع فجوة الأزمة الاقتصادية والمعيشية.

 

وما كان يخيفنا سابقاً بات حلم نرجو العودة إليه، فعندما كنا نمني النفس بدخول العام 2023 بآمال التحسن المعيشي والانفتاح الاقتصادي. بتنا نرجو أن نعود لما كان عليه الحال قبل ستة أشهر وننظر للأيام القادمة كمن يقف أمام جسر مظلم وأخشابه مهترئة.

 

 

  ولنا في الأرقام خير دليل

 

على ما وصل إليه حالنا، فهي لا تتلون ولا تُرقع، وكون الذهب يعد مقياس هام وأساسي في الحسابات التجارية منذ اكتشافه. وكي لا ندخل في تضارب سعر صرف الدولار ما بين الرسمي والموازي.

 

نجد أن الذهب بنهاية العام الماضي وبداية العام الحالي كان سعره 330 ألف ليرة سورية لغرام /21/ وحالياً وصل سعره إلى ٥٤٠ ألف ليرة سورية. أي أن معدل التضخم بالذهب وصل إلى ٦٣%.

 

ويمكن لهذه النسبة أن تؤخذ لغالبية السلع والمواد بنسب متفاوتة بحسب حجم العرض والطلب، بمقابل تدهور متسارع لقدرات المواطن. بعد أن تُرك وحيداً في معركة غير متكافئة ضد غول التضخم، دون أي إعانة من الحكومة. التي كرست جُلّ اجتماعاتها وعملها لدعم قطاع الأعمال والاستثمار.

 

 

وبالمقابل لم تفوت الحكومة أي فرصة للحديث عن عقلنة الدعم وتوجيه الدعم للفئات المستحقة. وترشيد الدعم وسواها من الشعارات التي ما نتج عنها سوى انكماش الدعم  الحكومي للمواطن حتى بات بالقطارة.

 

ومع تراكم أيام هدر الوقت بات لزاماً العمل على حل جذري وسريع لإغاثة المواطن العاجز والمحبط. وإلا فإننا سنصل لوقت لا تنفع فيه أي حلول سواء إسعافية أو استراتيجية كون المريض قد مات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى