اقتصاد و فوبيا

المتضرر الأول

علي محمود سلمان

تعودنا على مدى عقود بأن نرى المسؤولين عن خدماتنا وهم يقيمون المهرجانات الخطابية عند قيامهم بأقل مهمة موكلة إليهم، ولعل احتفالهم مبرر كونهم يتفاجؤون بقدرتهم على الإنجاز.

ولكن عند أي تقصير خدمي مهما عظم شأنه فإنهم سيد من اختفى وكأنهم (فص ملح وذاب) وإن بان لهم أثر فلكي يتفننون بإيجاد الأعذار والمبررات لا لإيجاد الحلول المؤقتة بالحد الأدنى.

وهذا ما يحدث منذ عدة أيام في كراج مصياف وخاصة خطوط النقل من مصياف إلى اللاذقية، وصباح اليوم كان الكراج يكتظ بالركاب من عائلات وأطفالهم وطلاب جامعة تشرين وكلهم ينتظرون الفرج بقدوم أي وسيلة نقل تقلهم إلى اللاذقية.
أما السبب فبحسب ما تم تداوله بأن سائقي السرافيس العاملة على خط مصياف – اللاذقية أضربوا عن تحريك الخط احتجاجاً على تفعيل نظام (جي بي اس) على خطوطهم.

أما لمعرفة

سبب الإضراب فعلينا الخطف خلفاً لسنوات مضت كانت فيها طرق المواصلات سيئة جداً ما بين قرى مصياف ومحافظتي حمص ودمشق نتيجة المعارك التي كانت دائرة والمخاطر على تلك الطرق.

ما أدى بالمحصلة لانتقال عدد كبير من الطلاب الجامعيين إلى جامعة تشرين باللاذقية، كما تغيرت الوجهة التجارية والمعيشية لأغلب تلك القرى باتجاه الساحل بحثاً عن الأمان في تلك الفترة.
الأمر الذي نشط حركة المواصلات بين قرى مصياف واللاذقية وطرطوس وأدى لخلق خطوط سير جديدة، فأصبحت السرافيس تقل الركاب وغالبيتهم من الطلاب الجامعيين من اللاذقية إلى قراهم بريف مصياف وبالعكس، وبقي عدد من السرافيس يعمل على الخط الرئيسي بين كراجي مصياف واللاذقية.

والآن تصر الجهات المعنية بالمواصلات على فرض خط السير الرئيسي بين الكراجين على جميع السرافيس بتطبيق نظام (جي بي أس)، ولكن هذا الأمر بات لا يناسب السائقين ولا الركاب الذي أصبح عليهم تكبد عناء البحث عن وسيلة نقل تنقلهم إلى مصياف للوصول للسرافيس المفترض ذهابها إلى اللاذقية.

وبالنتيجة أضرب السائقون عن العمل وأصاب الجمود خط السير وتشتت الركاب وباتوا مرميين على الطرقات بحثاً عن معين لهم.
وهذا السرد التفصيلي ليس للاصطفاف مع جهة على حساب أخرى، وبمطلق الأحوال لن نصل لمعرفة من هو المخطئ والمصيب، والطالب الجامعي المنتظر مع العائلات في الطرقات لا يعنيه من هو المحق، وجُلّ همه إيجاد وسيلة نقل بدل عن المضربة.

وهنا مربط الفرس

فأين هم المسؤولون عن النقل؟ سواء في محافظة حماة أو منطقة مصياف أو أي جهة أخرى مرتبطة بهذا الأمر.
فجميعهم مسؤولون عن تأمين البديل للراكب ومن ثم البحث لإيجاد الحلول، أما أن تترك الناس مرمية بالطرقات وتمارس عض الأصابع مع السائقين المضربين دون أي إحساس بالمسؤولية، فالمواطن سيكون المتضرر الأول.

وأي حديث بأنكم تبحثون عن بدائل غير مقبول ولا يعني من تقطعت بهم السبل، فكل مبرراتكم لا تعنينا إن لم تقوموا بعملكم، وإلا فاستقيلوا إن لم تكونوا أهل لهذه المسؤولية، وأنا على يقين بأنكم أجبن من الاعتراف بالتقصير والاعتذار عنه، وأمهر الماهرين بإيجاد الأعذار لأنفسكم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى