بعد قرار «التموين» بتحرير الأسعار … اللحام: سيسهم بتوافر المواد في السوق والتاجر يعاني من تغيرات سعر الصرف يومياً
بعد التعميم الذي أصدرته التجارة الداخلية إلى مديريات التموين في المحافظات. والذي تضمن متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية التي تحرر من المنتجين والمستوردين وتجار الجملة واعتماد فواتيرهم أساساً في تحديد مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة. كما أنهى التعميم العمل بنشرة الأسعار المعمول بها حالياً رقم 7 حتى إشعار آخر.
توفير المواد
استطلعت «الوطن» آراء مجموعة من أصحاب الشأن بالقرار التي كانت متقاربة بخصوص إيجابيته بشرط أن يستكمل بإجراءات أخرى. وقال رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام في تصريح إن تعميم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يعتبر خطوة ايجابية وسيسهم بتوفر المواد في السوق. لافتاً إلى ضرورة التوجه نحو اقتصاد السوق وتعديل بعض التشريعات الصادرة.
وأكد اللحام وجود ندرة بتوفر المواد في الأسواق والهدف الأساسي الذي يجب العمل عليه حالياً هو توفيرها. مشيراً إلى وجود مشكلة أساسية يعاني منها التاجر وهي تغيرات سعر الصرف يومياً التي تنعكس على الأسعار، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل للضعف. ناهيك عن ارتفاع أسعار الكهرباء وعدم توفر المحروقات وارتفاع أسعارها ونتيجة لذلك يلجأ التاجر لرفع الأسعار. مضيفاً: لو أن هناك ثباتاً بأسعار الصرف ما كنا سنشهد هذه التغيرات والارتفاعات اليومية بالأسعار في الأسواق.
ولفت إلى أن المستورد يلجأ اليوم في ظل الحصار والعقوبات الجائرة على سورية للاستيراد وإيصال البضائع المستوردة إلى موانئ أخرى غير الموانئ السورية. وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة التكاليف. متمنياً أن تتحسن الأمور خلال الفترة القادمة وأن تتوفر المواد وتنضبط أسعارها.
ووصف قرار السماح بالاستيراد من السعودية بالقرار الإيجابي. لافتاً إلى أننا نسعى ونتمنى دائماً فتح أسواق جديدة وتدفق السلع والمواد بشكل أكبر إلى الأسواق السورية.
بداية انفراج اقتصادي
بدوره اعتبر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم أن التعميم الصادر عن وزير التجارة الداخلية يعتبر بداية انفراج اقتصادي بالنسبة للتسعير. لافتاً إلى أننا ومنذ زمن نقول إن التسعير يعتبر سياسة خاطئة لا تتماشى مع الواقع على الأرض. مشيراً إلى أن الوزارة أصدرت هذا التعميم في هذا التوقيت من أجل تصحيح مسار عمل سابق لم يكن صحيحاً.
وفي تصريح لـ«الوطن» بين أكريم أن النسبة الأكبر من التجار والشركات لا يحققون ربحاً أكثر من نسبة الربح المحددة لهم. مشيراً إلى أن صدور هذا التعميم يعطي أريحية بالعمل للتاجر. الذي يجب أن يضع التسعيرة على البضاعة من أجل ألا تكون هناك حالات غش.
وأوضح أن نظام التسعير السابق كان يشوبه الكثير من الأخطاء. أما في حال اعتماد نظام التسعير الحالي وفق ما صدر في التعميم. وتم وضع التسعيرة على البضاعة فإن هذا الأمر يعتبر جيداً جداً وكافياً.
إنهاء الاحتكار
وأشار إلى أن الأسعار في الفواتير التي كانت تعطى من المستورد لوزارة التجارة الداخلية قبل صدور التعميم كانت أعلى من التسعيرة التي تفرضها الوزارة. وكان هناك مشكلات بهذا الخصوص وحتماً مع تطبيق واعتماد هذا التعميم على أرض الواقع ستنتهي هذه المشكلات.
وتوقع أكريم أن تتوفر السلع والبضائع بشكل أكبر في الأسواق بعد صدور هذا التعميم وأن تنتهي مظاهر احتكار وتخزين البضائع. مستبعداً في الوقت نفسه أن تتوحد أسعار المواد في الأسواق وأن نتخلص من حال الانفلات والاختلاف في الأسعار بين محل وآخر باعتبار أن جودة ونوعية المواد تختلفان بين محل وآخر وهناك زبائن يبحثون عن الجودة والنوعية الممتازة بغض النظر عن السعر. مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي الذي يجب التركيز عليه هو أن يتم وضع التسعيرة على البضائع وألا يكون هناك حالات غش واستغلال من البعض.
وبخصوص إمكانية انخفاض الأسعار بعد تحريرها أكد أكريم أن انخفاض الأسعار عملية متشابكة. ولا يمكن أن يتم ذلك حالياً في ظل عدم انضباط سعر الصرف واستمرار وجود مشكلات منصة تمويل المستوردات وصعوبة الاستيراد وإدخال الأموال وإخراجها. لذا يجب حل كل هذه المشكلات ومن ثم تستقر الأسعار.
تحرير للمنتج والمستورد
من جهته، رأى الصناعي عاطف طيفور أن تحرير الأسعار هو أهم بنود جذب رأس المال التجاري والصناعي. وسيفتح أبواب القدرة التنافسية بشكل متسارع وغير مسبوق.
وبيّن أن قرار تحرير الأسعار يعتبر تحريراً للمنتج والمستورد ليتمكن من البيع بالسعر الذي يرغب به ويؤمن ربحاً لاستحضار المواد. إلا أن توقيته غير مناسب وتأثيره في السوق سيكون سلبياً، فنحن بالمرحلة الأخيرة من الربط الإلكتروني وهو قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ حاله حال السجل التجاري والفوترة والربط مع المالية وهذه السلسلة لم تنته بعد، موضحاً أنه إذا تم تحرير الأسعار قبل نهاية إنجاز هذا الربط فسنمنح المنتج والمستورد الحرية لتحديد السعر وفق التكاليف، والوزارة هنا لن تراقب هذه الفاتورة بل ستعتمد على الكشف المقدم من المنتج. بالتالي سنرجع للفوضى القديمة نفسها، ومع هذا القرار فتحنا مجالاً واسعاً لارتفاع الأسعار.
وأكد طيفور أن هذا القرار هو فتح باب المنافسة للانفتاح الاقتصادي. أي جذب المستثمر الخارجي بالتالي وجود منافس قوي للتاجر والصناعي الداخلي، والحل السياسي والدبلوماسي إن تحقق فسيؤدي إلى انفتاح اقتصادي. ما سينعكس على استقرار التوريدات وفتح الإجازات بشكل تدريجي وفتح أفق المنافسة. التي يهاب منها أغلب المنتجين والمستوردين.
وأضاف: إن كل من يمتلك مواد مخزنة أو محتكرة سيجد نفسه أمام كارثة الخسارة. وكل من يستهين بالجودة والأسعار سيجد نفسه أمام منافسة شرسة. كما أن الانكماش الاقتصادي وترشيد المستوردات نهايتها قريبة.
معمول به أساساً
بدوره الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة تشرين علي محمد أكد، أن قرار التجارة الداخلية ليس مختلفاً عما هو موجود على أرض الواقع. صحيح أن هناك نشرات تموينية تصدر بشكل دوري عن مديريات التجارة الداخلية في المحافظات أو عن الإدارة المركزية من دائرة التسعير لكن العبرة كانت الالتزام بهذه المواد، بالتالي الممارس فعلياً على أرض الواقع كما يلاحظه أي مواطن بمخالفة الأسعار عن نشرات وزارة التجارة الداخلية. وهذه النشرات كانت تستخدم كأوراق ثبوتية بأيدي موظفي التموين عندما يجولون على المحال لكتابة بعض المخالفات لعدم الالتزام بالتسعيرة، وبعض المحال كانت تضع التسعيرة التي وضعتها وزارة التموين.
وبين أن كل ما صدر أمس يحاكي ما هو معمول به فعلياً في الخفاء، وهذا القرار مرحب به من كل الصناعيين والتجار والمنتجين. وهو الأقدر على تحديد التكلفة الحقيقية لمنتجاتهم وبالتالي وضع هامش ربح. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التغير والتقلب بسعر الصرف وتغير التكاليف المنظورة في الداخل السوري سواء من حيث المشتقات النفطية أم من حيث تكلفة الموارد البشرية والتكاليف الأخرى النثرية والتغير في الأسعار والتكاليف العالمية خاصة بعد شباط 2022 والحرب في أوكرانيا، وموجات التضخم العالمي منذ نحو سنتين أو ثلاث سنوات وإن كانت بسيطة في بعض الدول. في ظل كل ذلك هل ستتملص وزارة التجارة الداخلية من القيام باحتساب التكاليف الفعلية للمستوردات وبالتالي في كيفية تحديد نسبة الربح للمستوردين وكذلك للمنتجين.
وأشار محمد إلى أن هذا الحديث بكل تأكيد ينطبق على كل المستوردات باستثناء المستوردات الممولة من مصرف سورية المركزي. وهي مقتصرة على ثلاث مواد «القمح والأدوية البشرية ومستلزمات الأطفال الرضع»، فلا بد أن تكون هناك سيطرة كاملة على موضوع التسعير والتكلفة الكاملة باعتبار أنها ممولة من الدولة ممثلة في مصرف سورية المركزي بسعر صرف تفضيلي مقارنة بسعر الصرف الذي تمول على أساسه باقي مستوردات عبر المنصة كل شركات الصرافة المرخصة.
التسعير الجبري خاطئ
واعتبر محمد أن التسعير الجبري ليس أسلوباً صحيحاً في إدارة الاقتصاد حالياً ولا سابقاً لأنه يضر بالمستهلك. حيث إنه عند وضع تسعيرة جبرية لسلعة ثم يرتفع سعرها لأسباب متعددة فإنها ستختفي من السوق، ويبدأ ظهور السوق السوداء لهذه السلعة. ويتم بيعها بأسعار تكون غالباً أعلى من الزيادة الطبيعية في تكلفة إنتاجها، وبالمقابل. إذا تم تسعير سلعة وزاد إنتاجها والمعروض منها ما أدى إلى انخفاض سعرها فإن التسعيرة الجبرية مستمرة ولا يستفيد المواطن من هذا الانخفاض في سعرها.
وأوضح أن السيطرة على الأسعار تتحكم فيها ثلاثة عناصر هي «العرض والطلب والمخزون»، ودور الحكومة يتمثل في زيادة المعروض في السوق. وأن يكون لديها مخزون يسمح لها باستمرار بمد السوق باحتياجاتها، وهذا لا يحمل الخزينة العامة أي أموال، حيث إنها تزيد المعروض فقط. مؤكداً أن الحل هو منع الممارسات الاحتكارية الضارة لأن الاحتكار يؤدي إلى رفع الأسعار.
بدوره اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز معقالي أن التعميم يضمن انسياب السلع إلى الأسواق في ضوء تهديد بعض التجار بالعزوف عن العمل واستيراد المواد نظراً لتقلبات الأسعار عالمياً. معرباً في الوقت ذاته عن تخوفه من عجز وزارة التموين عن ضبط التداول بفواتير وفقاً للتكاليف الحقيقية. ما من شأنه أن يزيد من فوضى الأسعار الحاصلة في الأسواق الأمر الذي يحمل المواطن عبء ارتفاع جديد في أسعار السلع.
الوطن