هل يوجد علاقة بين ارتفاع الذهب وتدخل المركزي بخفض الدولار؟

 

سنسيريا-خاص
تحقيق: إبراهيم مخلص الجهني

آثار الارتفاع الحاد في أسعار الذهب في سورية جدلاً واسع على وسائل التواصل الاجتماعي ونقاشاً حول مدى تأثير ذلك على الاقتصاد.
ويأتي ذلك بينما يترقب السوريين تغيرات في سعر صرف الليرة مقابل الدولار بعد تدخلات مصرف سورية المركزي في سوق الصرف.
متسائلين عن العلاقة بين الدولار والذهب ؟
وهل عوامل التأثير داخلية أم خارجية؟؟

اضطراب عالمي

بدأت دول العالم بشراء كميات كبيرة من الذهب منذ أن تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن معيار الذهب عام ١٩٧١، حيث صنفت تركيا كأكبر مشتري للدهب عام ٢٠٢٢ ثم روسيا تليها بولندا ثم الصين وفق مجلس الدهب العالمي.

وفي حوار “سنسيريا” مع الخبير الاقتصادي الدكتور خضر العكاري حول أسعار الذهب أكد أن الحكومات اشترت حوالي ٦٥٠ طن من الذهب في عام ٢٠٢٢ بانخفاض متواضع عن ٦٦٠ طن تم شراؤها في عام ٢٠١٨، مشيراً أنها  لا تزال قريبة من مستويات مرتفعة لم نشهدها منذ ٥٠ عام، وهذا ما يعكس حالة الاضطراب العالمي في الوقت الحاضر تذكرنا في حالة الاضطراب أثناء أزمة الرهن العقاري في عام ٢٠٠٨.

علاقة عكسية

وعن علاقة الذهب بالدولار أشار الخبير أن العلاقة عكسية بينهما لأن المعدن مقوم بالدولار، وأن الدولار يميل لإبقاء الذهب منخفض ليبقى مسيطر بشكل أكبر ، بينما سيؤدي ضعف الدولار إلى رفع سعر الذهب من خلال زيادة الطلب لأنه يمكن شراء المزيد من الدهب عندما يكون الدولار اضعف.

عوامل داخلية

وبحسب النشرة الصادرة عن الجمعية الحرفية للصياغه وصنع المجوهرات بدمشق، بلغ سعر مبيع غرام الذهب من عيار ٢١ قيراطاً ٣١٢ ألف ليرة، ، وسعر شرائه ٣١١ ألفاً و ٥٠٠ ليرة سورية.

كما حددت “الجمعية” سعر مبيع غرام الذهب عيار ١٨ قيراطاً ب ٢٦٧ ألفاً و ٤٢٩ ليرة سورية، وسعر شرائه ب ٢٦٦ ألفاً و ٩٢٩ ليرة.

الخبير أوضح أن سعر الذهب افتتح بداية عام ٢٠٢٢ بمبلغ ١٧٦ ألف ليرة سورية من عيار ٢١ ووصل بتاريخ ١٢/٢٤ إلى سعر ٣١٢ ألف ليرة سورية وفي حساب لمعدل التغير في السعر قد بلغ المعدل ٧٧% وبالمقارنة مع التغير في سعر الصرف حسب نشرة مصرف سورية المركزي ارتفع الدولار في ٢٠٢٢ من ٢٥١٢ إلى ٣٠١٥ ليرة سورية اي معدل الارتفاع هو ٢٢% أما في السوق السوداء نلاحظ إنه ارتفع منذ بداية العام من ٣٦٠٠ إلى ٦٦٠٠ ليرة سورية للدولار الواحد و يبلغ معدل التغير في السعر ٧٧%.

وأشار العكاري إلى أنه وبهذه الإحصائية البسيطة نلاحظ أن أسعار الذهب في سورية ترتبط بشكل طردي مع مقدار انخفاض قيمة العملة السورية أمام الدولار في السوق السوداء وظهر ذلك من خلال تطابق نسبة التغير في السعر بين ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء وارتفاع الذهب والتي بلغت ٧٧%.

بدوره قال الخبير الاقتصادي إياد محمد أن الذهب لا يرتبط بالسوق السوداء وإنما تتم عملية التسعير على سعر خاص للدولار بجمعية الصاغة السورية الذي يساوي 5560 ليرة سورية”، كما أنه سعر وسطي بين دولار المركزي والسوق غير النظامية وذلك لضمان عدم انخفاض سعر الذهب عن الدول المجاورة وبالتالي تهريبه إلى الخارج .

وأوضح الخبير أنه وفق المؤشرات المالية عالمياً فالذهب مرشح للارتفاع بسبب الضغط على البنوك المركزية العالمية لخفيض سعر الفائدة كون الغالبية منها قام بالرفع نتيجة التضخم العالمي.

عوامل خارجية

وحول تأثير ارتفاع الذهب عالمياً قال الدكتور خضر أنه في عملية تتبع لأرقام أسعار الذهب عالمياً من بداية عام ٢٠٢٢ كان سعر الأونصة ١٨٠٢ دولار إما اليوم ١٧٩٠ دولار أي أن هناك انخفاض بنسبة ٠.٢٢% اما داخلياً فإن معدل ارتفاع الذهب ٧٧%، موضحاً أن مراد ارتفاع أسعار الذهب هو التضخم وبالتالي وفق هذه المعطيات يمكن القول أن سعر الذهب في سورية مرتبط طردياً بشكل تام مع تقلبات سعر الصرف في السوق السوداء وارتباطه طفيف جداً بالارتفاع العالمي للذهب.

تدخلات أنيه

مصرف سورية المركزي أعلن في ١٣ من الشهر الجاري عن تدخلات في سوق القطع الأجنبي وخفضت هذه التدخلات الدولار حوالي ١٥٠ إلى ٢٠٠ والذهب انخفض بقيمة ٩٠٠٠ليرة سورية، ليبين الخبير العكاري أن نتائج هذه التدخلات كانت أنيه وقصيرة الأجل ولم تجدي نفعاً وعادت أسعار الذهب والدولار للارتفاع، مشيراً أن أدوات المصرف المركزي وحدها لاتكفي ويأتي تأثيرها نفسي أكثر ما هو عملي.

و أضاف العكاري أنه حتى يكون التأثير طويل الأجل يجب أن يرافقه تحسن كبير في عمليات الاستثمار والإنتاج والتجارة من حيث الصادرات والواردات.

حالة من عدم التأكد

كما بين الدكتور أنه على رأس العوامل المؤثرة في ارتفاع سعر الصرف والذهب اليوم هو حالة عدم التأكد في الاقتصاد السوري والذي يمكن تعريفه على أنه حالة الشك حول الوضع المستقبلي للاقتصاد، منوهاً انه مع غياب أي معلومات حول مؤشرات الاقتصاد السوري الرئيسية وغياب الخطط اتجاه المستقبل مع عدم الاستقرار السياسي يلجأ الناس للذهب كملاذ أمن للتحوط بعدم التأكد الذي يرافقه تقلبات في الأسعار وهو ما يدفع الذهب نحو الارتفاع حسب قانون العرض والطلب.

ويمكن القول أن تحسين الواقع يضع سورية أمام تحدي استعادة الحياة الطبيعية للاقتصاد وإعادة عجلة الإنتاج للدوران من خلال النهوض بالمنشأت الصناعية في القطاعين العام والخاص وجذب المستثمرين الأجانب.

Exit mobile version