لماذا نستورد «القطن الصناعي»؟
اعتبر الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة أن قرار رئاسة مجلس الوزراء المتضمن الموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية باستيراد مادة بذور القطن الصناعي، يعد مهماً جداً. لكونه جاء كبديل عن استيراد الزيت ولتشغيل المعامل المحلية واليد العاملة، ولمساعدة الإنتاج المحلي وتغطية احتياجات السوق قدر الإمكان. لافتاً إلى أن الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع واسعة جداً والإنتاج المحلي من القطن لا يغطي حاجتها.
ولكن الآثار الإيجابية لهذا القرار مشروطة بأن تستخدم هذه البذور المستوردة في عملية التصنيع حصراً. وألا تتسرب أجزاء منها كبذار للزراعة، لأن هذا الأمر خطير جداً ويسيء إلى الأصناف المحلية. لكونها معتمدة ومدروسة من هيئة البحوث الزراعية ومكتب القطن وقد أجريت عليها تجارب لسنوات طويلة حتى تم اعتمادها. كما يوجد لها معادلات سمادية محددة ولها مقننات معروفة من الفلاحين. لذا فإن أي صنف غريب قد يؤدي إلى خلل في العملية الإنتاجية. مشدداً على ضرورة أن تكون هناك رقابة شديدة على هذا الجانب لضمان أن تدخل هذه البذور إلى المصانع وخطوط الإنتاج فقط.
تشغيل المعامل
وفي السياق ذاته، أوضح قرنفلة أن تشغيل المعامل ستكون له فوائد متعددة. أولها استخلاص الزيت وثانيها استخراج كسبة بذار القطن التي تستخدم كأعلاف في الوقت الذي يعاني فيه قطاع الأعلاف من عجز كبير. حيث يعد ذلك أفضل من الاستيراد، وخاصة في ظل تراجع محصول القطن والذي يعود إلى أن احتياجاته المائية كبيرة. حيث تراجع الوارد المائي بالفترات الأخيرة بشكل كبير بعد أن انخفض مردود مياه نهر الفرات. كذلك الأمر بالنسبة للموارد المائية الجوفية بفعل عدم توافر إمكانية استثمارها بشكل أمثل نتيجة عدم وجود موارد طاقة لعمل المحركات.
متابعاً: «وعادة تأخذ الخطط الزراعية بعين الاعتبار كميات المياه المتوافرة وعلى ضوء ذلك يتم تخطيط مساحات القطن فمن غير المعقول زراعة قطن دون ماء. لذلك تم تصميم الخطة الزراعية هذا العام على ضوء الموارد المائية المتاحة التي أوصت بها وزارة الموارد المائية.
خيارات الحكومة
وأردف قرنفلة أن الحكومة اليوم أمام خيارين فإما تجميد المعمل الذي يحتوي على كتلة مالية كبيرة تقدر بمليارات الليرات. وإما تشغيله في ضوء الموارد المتاحة واستثماره وإنتاج مواد جديدة. مشيراً إلى أن البيئة التشغيلية للتصنيع وقلة موارد الطاقة لن تؤثرا سلباً على القرار.وذلك نتيجة الدعم الحكومي المقدم للمعامل الموجودة في المناطق الصناعية من خلال إعفائها بشكل شبه كامل من التقنين الكهربائي. أما المعامل الأخرى فيحرص أصحابها على استمرار العمل من خلال الطاقة المنتجة من المولدات أو الطاقة الشمسية أو أي طريقة أخرى. باعتبار أن كل هذه الخيارات أفضل من التوقف.
وبيّن قرنفلة بأنه لا يمكن التنبؤ الآن فيما إذا كان سينخفض سعر زيت القطن بالأسواق. باعتبار أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة من حيث كلفة البذار المستوردة وكلف التصنيع والتوزيع والنقل. ولكن أياً كانت هذه التكاليف فإن السلع المنتجة محلياً تعطي نوعاً من الاطمئنان لتوافر المادة. على عكس الاستيراد وما يولده من قلق تجاه توريد المادة وأجور نقلها بسبب حالة الحصار الاقتصادي المفروضة.
إنتاج القطن
وأشار قرنفلة إلى أن إنتاج القطن حالياً يعتبر جيداً ومردوده كذلك أيضاً. حيث تقدر إنتاجية الهكتار الواحد هذا العام بـ5 أطنان من القطن، ولكن المساحة تقلصت مقارنة بالسنوات السابقة. فمثلاً في بداية التسعينيات تم الوصول إلى إنتاج 1.1 مليون طن من القطن سنوياً.وكانت هناك موارد مائية كبيرة وأراض كثيرة صالحة لزراعة القطن. لافتاً إلى أن كل المحاصيل الأخرى تأثرت بقلة المياه ومثال على ذلك الذرة والقمح المروي.
من جانبه، بيّن مدير مكتب القطن في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الدكتور أحمد جمعة أن هذا القرار جاء بناءً على احتياجات وزارة الصناعة ونتيجة قلة منتج القطن في سوريةظوفقاً لشروط وضعتها وزارة الزراعة. مشيراً إلى أن إجازات الاستيراد التي تعطى للشركة هي إجازات لبذورٍ صناعية. لذا فإن مديرية مكتب القطن تتابع عملية الصناعة في شركات الزيوت بشكل دائم وتتأكد من السجلات. لمقارنة حجم البذور الواردة إلى المعمل مع كميات الزيوت المصنعة كي لا تتسرب أي بذرة للزراعة.
الخطة الإنتاجية
وكشف جمعة أن الخطة الإنتاجية للعام 2021-2022 تبلغ 57.365 هكتاراً. في حين وصلت المساحة المنفذة بشكل فعلي إلى 24.211 هكتاراً (42 بالمئة). وقد بلغت تقديرات الإنتاج الأولية 66.775 طناً، معيداً انخفاض نسبة المساحات المنفذة إلى عدة أسباب. أولها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ووجود مشكلات في العمالة، وثانيها أن القطن هو محصول صيفي مروي بحاجة إلى أن يكون موجوداً في الأرض منذ شهر نيسان وحتى شهر تشرين الأول وبالتالي لا يمكن زراعة أي مادة قبله أو بعده سوى الحنطة. أما السبب الثالث فيتمثل بتذبذب أسعار بعض مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والمحروقات. لافتاً إلى أن الحكومة ملتزمة بدعم هذا المحصول. حيث تم تحديد سعر شراء كيلو القطن المحبوب الواصل إلى أرض المحالج بـ4000 ليرة. وذلك بناء على كلفة الإنتاج وفق السوق الرائجة.
واصفاً هذا السعر بأنه مجد ومشجع للفلاحين لتسليم الإنتاج لمؤسسات الدولة وزيادة المساحات المزروعة في الأعوام القادمة.
واعتبر جمعة أن الإنتاج هذا العام جيد جداً ولا يوجد تراجع بالنسبة للسنوات السابقة. ولكن المشكلة تتمثل بأن الوزارة لا تستطيع استلام الأقطان المنتجة في المنطقة الشرقية. التي تحتوي على 80 بالمئة من المساحات المخصصة لزراعة القطن.
الوطن