اقتصاد و فوبيا

العصب الوركي للكهرباء ..

سنسيريا – كتب معد عيسى

وصف رئيس مجلس الوزراء المهندس  وزارة الكهرباء بالعصب المحرك للاقتصاد ، لا شك أنه توصيف دقيق , لأن الكهرباء دخلت إلى كل تفاصيل حياتنا من النوم إلى الطعام إلى العمل ,و ما يؤكد توصيفه أيضا تعطل الكثير من الأعمال وتراجع الإنتاج بسبب الانقطاع الطويل للكهرباء , نتيجة تعطل هذا العصب .

معالجة وإصلاح عصب الكهرباء ,ليست في الطلب الذي وجهه رئيس الحكومة , من خلال بذل الجهود المضاعفة للعاملين في الكهرباء, لأن هؤلاء العاملين أبدعوا بالعمل وابتكروا الحلول , وضحوا بأرواحهم وكانوا دائما خلف الجيش.
مشكلة قطاع الكهرباء في إدارة ملف التوليد, ورسم سياساته, وعدم استثمار الموارد المتاحة ,والتأخير في تنويع مصادر الطاقة ، وما هو قادم سيكون أصعب ,في ظل التمسك بسياسة التعالي على الواقع , والتمترس خلف فكرة ان وزارة الكهرباء جاهزة ولكن المشكلة في نقص الفيول والغاز .

 

سياسة الكهرباء في إدارة ملف التوليد كارثية , وندفع ثمن ذلك اليوم ولكنه سيكون مكلفا أكثر في قادم الأيام ، و ما تباهي به الوزارة اليوم من البدء بتنفيذ مشاريع توليد جديدة في حلب واللاذقية , لن يكون الا إضافة لمجموعات التوليد المتوقفة بسبب نقص الوقود، ولو أن الوزارة توجهت لاستثمار الموارد المتاحة , ولا سيما ” السجيل الزيتي ” أو الزيت الصخري , الذي نملك منه احتياطات تكفي لأكثر من مئة عام ,  لكان وضعنا أفضل بكثير  ,و ما التمسك بفكرة ان تكلفة إنشاء محطة تعمل على (السجيل الزيتي) تعادل ضعفي ما تكلفه محطة تعمل على الفيول او الغاز  ,وتجاهل ان هذه المحطة توفر في عام واحد من الوقود , ما يزيد على الفارق بين تكلفة إنشاء محطة تعمل على (السجيل الزيتي) , وأخرى على الوقود (الاحفوري).

 

الخروج من واقعنا المؤلم في ملف الطاقة وغيره من المواد المدعومة , خياره في تغيير طريقة الدعم وايصاله بشكل مباشر , بعد أن وفرت البطاقة الذكية بيانات كاملة عن عدد الأسر والأفراد,  وهذه الطريق ستكون أفضل للدولة والمواطن، فالدولة لم تعد قادرة على إنتاج كهرباء ب ٢٠٠ ليرة للكيلو تبيعه للمواطن ب اربع ليرات، ولم تعد قادرة على إنتاج مازوت ب ١٨٠٠ وتبيعه للمواطن ب١٨٣ ليرة’ وبنزين ب ١٧٠٠ وتبيعه ب ٧٥٠ ليرة .

الدولة تدعم قطاع الطاقة بملياري دولار سنويا , ولكن هذا الدعم يضيع بين حلقات الفساد، فلا المواطن راض ولا الدولة حصلت على الرضى ، والحل بتوزيع هذا المبلغ على الأسر وتحرير الأسعار , وفي هذه الحالة فقط يصل الدعم ويكون كما قال عنه رئيس مجلس الوزراء : هو رسالة حكومية اجتماعية واقتصادية ,تهدف إلى تمكين القطاعات الاستهلاكية والإنتاجية .

الدعم لا يبرر استمرار الخسارة المشتركة للمواطن والدولة ، ولا يبرر بقاء إدارات مصابة بالفكرة الثابتة بقطاع التوليد ، استمرار الدعم مرهون بكفاءة إدارته وأتمتته وايصاله بشكل مباشر لا عبر حلقات .

رجل الأعمال لن يأتي للاستثمار في مصادر الكهرباء المتنوعة , وغيرها من القطاعات بوجود فارق كبير بين تكلفة الإنتاج وسعر المبيع ، والمواطن لن يرشد الاستهلاك في ظل الدعم المقدم بشكله الحالي ، والكهرباء لن تتوفر بعقلية التوليد القائمة على استمراريتها بإلقاء الحجج على الآخر، المواطن ضاق بين الحرب والعقوبات والحصار ,  و إدارات لم تنجح إلا بإفشال القطاعات التي تديرها .

أصبح وضع القائمين على ملف الكهرباء كوضع (صويلح في ضيعة ضايعة )، كلما تعرض لموقف ينسحب منه بحجة العصب الوركي .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى