دراسات و تحقيقات

الحرب “نهشت” مساحات كبيرة من الأراضي المروية…وتوقعات رسمية مبشرة بعودتها حسب هذه المؤشرات؟!

سينسيريا- فارس تكروني


فقدان سورية لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية المروية بالري الحديث بفعل الحرب وتغيرات المناخ، والاستنزاف المائي المستمر وتدني الكفاءة في الاستخدام الأمثل للمياه، كانت أبرز الأسباب التي دعت الفريق الحكومي إلى إعادة إحياء المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث بعد توقفه عام 2012 الذي بلا شك في حال نجاحه سيحقق وفرا كبيرا في استهلاك المياه والطاقة ذات التكلفة العالية”كهرباء- مازوت ” التي تهدر بالطرق التقليدية لري الأراضي الزراعية، وبالتالي تخفيف نفقات الإنتاج وتحسين جودة المحاصيل الزراعية.

قبل الحرب
سجلت البيانات الإحصائية في المكتب المركزي للإحصاء في عام 2010(قبل الحرب) امتلاك سورية 298 ألف هكتار من الأراضي المروية بالري الحديث، توزعت بين 111 ألف هكتار ري بالتنقيط، و 187 ألف هكتار ري بالرذاذ، في حين كانت تشكل مساحة الأراضي المروية بالري التقليدي حوالي 1.340 مليون هكتار توزعت بين 236 ألف هكتار أراضي مروية عن طريق الأنهار والينابيع، و 726 ألف هكتار مروية عن طريق الآبار، و 377 ألف هكتار مروية عن طريق مشاريع ري حكومية.
وقد صدر في ذات العام المرسوم رقم /20/ الذي هدف إلى تنظيم وتنفيذ الخطط المقررة للتحول إلى الري الحديث بالأراضي المروية في سورية، بغية ترشيد استخدام المياه والمحافظة على الموارد المائية وفق برنامج زمني محدد لذلك، ونص على أن يكون التحول إلى الري الحديث إلزاميا في المناطق التي تقرها اللجنة العليا المشكلة وفق هذا المرسوم.
وفي سبيل إنجاح هذا المشروع خُصّص له صندوق تمويل بلغ عدد المستفيدين منه 9588 مستفيدا بمبلغ إجمالي نحو 4 مليارات و 383 مليون ليرة سورية و قاربت مساحة الأراضي الممولة حوالي 520 ألف دونم وذلك لغاية منتصف شباط في عام 2012.

خسارة كبيرة
بين مصدر رسمي خاص “لسينسيريا” أن المساحة المعتمدة على الري الحديث انخفضت بسبب الحرب بنسبة 7% بين عامي 2010 و 2015 من 298 ألف هكتار في عام 2010 إلى 278 ألف هكتار في عام 2015.
واستمرت بالانخفاض – بحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء في أخر مجموعة إحصائية نشرها لعام 2018- حتى وصلت إلى 243 ألف هكتار في عام 2016، ليطرأ تحسن وتزداد في عام 2017 مسجلة البيانات أنها وصلت إلى 244 ألف هكتار(تحسن بحوالي ألف هكتار) وبالدخول في التفاصيل تشير البيانات الإحصائية إلى أن الحرب أدت إلى خسارة مساحات واسعة من الأراضي المروية بالري الحديث وصلت الى 72 ألف هكتار من الأراضي المروية بالري الحديث، كما خسرت سورية –بحسب البيانات- ما يقدر بـ 391 ألف هكتار من الأراضي المروية بالري التقليدي”انهار – ينابيع – سدود – آبار..”
كما بينت المصادر الرسمية الخاصة أن تنفيذ مشاريع الاستصلاح قد توقف بسبب وقوعها في المناطق غير المستقرة، كما لحقت منظومات الري أضرار واسعة، إضافةً إلى عدم وصول المياه إلى مساحات من الأراضي المستصلحة نتيجة الظروف التي مرت بها سورية، وقيام تركيا وبشكل مخالف للاتفاقات الثنائية الموقعة بتخفيض الحصة السورية من نهر الفرات وذلك لأسباب سياسية.
كما بين تقرير رسمي حصلت عليه “سينسيريا” أن الواقع الحالي يشير إلى تدني كفاءة استعمالات المياه في الزراعة نتيجة الري التقليدي الذي يشكل 84 % من مجموع الأراضي المروية، ولذلك فإن ترشيد استخدامات المياه وتطوير تقنيات الري أمران ضروريان لتطوير الزراعة المروية وزيادة المنفعة الاقتصادية.
وأكد أهمية أن تبرز هنا ضرورة التنسيق بين سياسات الوزارات القطاعية ضمن إطار الاستخدام الأمثل للموارد المائية المحدودة وتطوير استخدامات التقانة في القطاع الزراعي، وخاصة طرق الري الحديث بالإضافة إلى متابعة الاستبدال والتجديد لمنظومات مياه الشرب والحدّ من التعديات على مصادر مياه الشرب، والتوسع الأفقي والعمودي بإقامة السدود وحفر الآبار في مناطق المياه المتجددة. ويحتاج هذا القطاع إلى الدعم الدولي لتحسين كفاءة استخدام المياه ونقل التقانات، حيث لم يتلق هذا القطاع أي دعم دولي فعلي خلال السنوات الماضية، بالرغم من اعتماد نسبة كبيرة من الأسر السورية عليه لتحصيل مصادر دخلهم وعيشهم.

استنفار حكومي..!!
نتيجة هذا الواقع وعلى خلفية آخر اجتماع للجنة العليا للتحول إلى الري الحديث أقرت اللجنة عدة قرارات هامة بهذا الشأن كان أولها إعادة إحياء مشروع التحول إلى الري الحديث، وإطلاق العمل بمنح قروض التحول إلى الري الحديث للفلاحين من ضمن الرصيد الموجود لدى صندوق التحول للري الحديث حالياً والبالغ 2مليار ليرة واعتماد نسب تمويل للشبكات الممولة توزع فيها الدعم بين 50% في حال كانت الشبكات ممولة قرضا من دون فوائد، و 60% في حال كانت الشبكات ممولة نقدا من المستفيد.
وقررت أيضا إعطاء قروض لأصحاب المعامل والمنشآت التي تقوم بتصنيع مستلزمات الري الحديث والتي تضررت نتيجة الأزمة وتقديم الدعم لها والبالغ عددها 48 منشأة، بالإضافة إلى إعداد مشروع نص تشريعي لإعفاء المقترضين المتعثرين لمن تضررت مشاريع الري الحديث الخاصة بهم بفعل الحرب والممولة من صندوق التحول للري الحديث من فوائد القروض وغرامات التأخير التي تقدر بحدود 1.4 مليار ليرة
كما قررت اللجنة تحويل 1200 هكتار للري الحديث موزعة على محافظات (اللاذقية، طرطوس، حلب، حماه، حمص، ريف دمشق، دير الزور) و تطبيق إلزامية التحول للري الحديث على المساحات المخطط لزراعتها بمحصول القطن في محافظة حماه ومنطقة الغاب.

توقعات مبشرة..!
بالرغم من الخسارة في مساحة الأراضي المروية بين مصدر خاص أنه من المتوقع في حال تنفيذ مجموعة من مشاريع الري واستصلاح الأراضي بطرق لتصبح المساحة المعتمدة على الري الحديث بحدود 298 ألف هكتار في عام 2020 و 318 ألف هكتار في عام 2025 ، ولتبلغ 328 ألف هكتار في عام 2030.
هذه التوقعات إذا تحققت بلا شك ستشكل نقلة نوعية على صعيد التوفير في استهلاك المياه، التي تتراوح ما بين 25 إلى 50% مقارنة بطرق الري التقليدية، بالإضافة إلى تحسين الإنتاج الزراعي كما ونوعا، فهل سينجح هذا المشروع في انجاز هذه التوقعات ؟… نأمل ذلك

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى