مصارف ومال

العلة بالاحتكار .. لا بالدولار!!

نظرياً العلاقة وثيقة جداً ومترابطة بين الأسعار والدولار .. ولا أحد ينكر أو يدحض هذه البديهية الاقتصادية..!.

 

ولكن هذه البديهية تصبح طوباوية ومجرد حبر على ورق مع الغياب التام للمنافسة الفعلية وللآليات الفعالة التي تمنع الاحتكار !.

 

لقد ارتفع صوت التجار عالياً على مدى سنوات: لا إمكانية لخفض الأسعار ولجم ارتفاعها مع الانخفاض المستمر بسعر صرف الليرة أمام الدولار !

 

وغاب هذا الصوت واختفى كلياً مع استقرار سعر الصرف لأكثر من عام، ثم تحسن سعر صرف الليرة بنسبة لا تقل عن 18 %!!.

 

لم يجد التجار ما يبررون به فعلتهم باستمرارهم برفع الأسعار، لأنهم لا يملكون الجرأة للاعتراف: نحن محتكرون نتحكم بالأسواق وانسياب السلع لرفع سعرها بما يزيد من ربحنا أكثر فأكثر!!.

 

ولعل التجار يسخرون عندما يسمعون الجهات المعنية تعلن بثقة بأن الأسعار ستنخفض فوراً أو قريباً بعد تحسن سعر صرف الليرة المفاجىء!

 

وبما أن هذا لم يحصل ولن يحصل فإن الجهات المعنية بالتسعير والأسعار “وقعت في حيص بيص” ولم تجد تفسيراً لخيبات توقعاتها ووعودها سوى الإعلان بغضب مشوب بالعجز: لا نملك عصا سحرية لتخفيض الأسعار!!!

 

ماذا يعني هذا الاعتراف الصريح بالعجز؟.

 

يعني أن مؤسسات التدخل الإيجابي غير فعالة بتخفيض الأسعار لأنها لا تزال تستجر موادها من كبار التجار المحتكرين!!.

 

ويعني أكثر أن لا سلطة فعلية للجهات المعنية على الأسواق والأسعار، والجهات المعنية هنا لا تقتصر على وزارة التجارة الداخلية فقط، وإنما تشمل أيضاً وزارات أخرى كالصناعة والاقتصاد ..الخ!.

 

قد لا تكون هذه الجهات مجتمعة تملك العصا السحرية لتخفيض الأسعار، لكنها كانت ولا تزال تمتلكها لمنع الاحتكار بما يتيح المنافسة الفعلية لصالح المستهلك، وبما يتيح الحصول على السلع الجيدة ـ لا الرديئة ـ بأسعار تناسب تماماً سعر صرف الدولار .. لا سعر المحتكرين!!.

 

السؤال: ماذا فعلت الجهات المعنية على مدى العقود الماضية لمنع الاحتكار وتحقيق مبدأ المنافسة  الفعلية ـ لا الشكلية ـ في الأسواق؟.

 

من يعود إلى أرشيف صحفنا سيكتشف أن هذه الجهات أخفقت حتى الآن بمنع الاحتكار .. فلماذا ؟؟.

 

وعندما تكشف وزارة التجارة الداخلية الأرباح الفلكية التي كان يشفطها مستوردو المتة من المستهلكين ومن خزينة الدولة .. فكم هي المليارات “المشفوطة” في السلع الأخرى التي يتحكم باستيرادها وعرضها وتسعيرها قلة محدودة من المحتكرين!؟.

 

قد تنفي جهة ما وجود احتكار لبعض السلع الضرورية .. ولكن ماذا يعني اختفاء هذه السلع فجأة من الأسواق في كل مرة تحدد لها الجهات المعنية سعراً لا يعجب مستوردوها؟.

 

هل السبب نقص في المادة؟.

 

كلا .. فبمجرد قبول الجهات المعنية برفع سعرها يخرجها المستوردون من مستودعاتهم ويغرقوا بها الأسواق !!.

 

بالمختصر المفيد: مشكلة الأسعار لاعلاقة لها بالدولار، فالمشكلة كانت ولا تزال وستبقى بالاحتكار.. ولا شيء آخر سوى الاحتكار!!.

البعث

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى