بحجم يصل لـ 7 مليون دولار يومياً … ماذا لو توقفت الحوالات الخارجية؟

فضلية: تشكل وضع حرج لمخزون القطع الأجنبي ... محمد لسينسيريا: مجرد تخمينات والخوف على العمالة السورية من الأزمات العالمية

علي محمود سليمان

تشكل الحوالات الخارجية الواردة من المغتربين جزء هام من الواردات المالية في معظم دول العالم، وخاصة في الدول التي تتميز بتصدير اليد العاملة المنتجة، حيث يقوم العمال بتحويل جزء من أجورهم إلى ذويهم.

وفي سورية تلعب الحوالات الخارجية دوراً أهم، نتيجة لهجرة أعداد كبيرة من السوريين، سواء بداعي العمل أو بسبب ظروف الحرب، ولا ننسى الأعداد الكبيرة من المغتربين السوريين المتواجدين في دول العالم منذ عقود.
وعليه فإن إجمالي ما يصل إلى الداخل السوري من حوالات خارجية يعد رقماً كبيراً نسبياً، بالرغم من عدم وجود أرقام رسمية حول قيمة هذه الحوالات، إلا أن تأثيرها الفعال في حياة السوريين اليومية واضح للجميع.

ولكن ماذا لو حدث أي متغير تسبب في توقف كلي أو جزئي للحوالات الواردة للداخل السوري؟
هو سؤال افتراضي ولكن يطرح نفسه في ظل اعتماد جزء كبير من العائلات السورية على الحوالات الخارجية في تأمين متطلبات المعيشة الصعبة التي يمرون بها.

الاعتماد على الحوالات

 

الخبير المالي الدكتور علي محمد أوضح بأنه خلال سنوات الأزمة ونتيجة لصعوبة الظروف المعيشية في سورية، ومعدلات التضخم المرتفعة بمقابل انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية، بات تأمين متطلبات المعيشية اليومية لأسرة تتكون من 4 إلى 5 أفراد يحتاج ما بين 4 – 5 مليون ليرة سورية بالشهر الواحد، وهو مبلغ منطقي على حد ما، مع العلم بأن هناك بعض الأسر ربما تكتفي بمليون أو أقل، ولكن إذا شملنا كافة المصاريف بما فيها الطبية والسكنية فهو رقم يعادل المتطلبات الحقيقية.

وفيما يؤمن البعض دخله من خلال الأعمال الحرة، فإن هناك عدد كبير من الأسر التي تعتمد على الحوالات الواردة من الخارج، حيث أن إرسال 200 دولار من ابن أو قريب من العائلة يشكل مبلغ جيد يعادل 2.5 مليون ليرة سورية بسعر صرف السوق الموازي.

الحوالات مستمرة

 

بدوره رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية بتصريحه لصحيفة سينسيريا بأنه من الممكن أن تتوقف معظم الحوالات النظامية، ولكن من المستحيل أن تتوقف الحوالات الواردة عبر الأقنية غير النظامية، لا حالياً ولا خلال الأشهر والسنوات القادمة، ولا حتى ربما خلال العقود القادمة.
لافتاً إلى أن حوالات السوريين مستمرة منذ عقود قبل الحرب، وحتى إذا حصلت ضغوط خارجية قاهرة تمنع التحويل من الخارج إلى سورية منعاً باتاً، فسيبقى دعم السوريين في الخارج لأهاليهم في الداخل مستمرة عبر مبالغ (صحبة مسافر)
وأضاف فضلية أن الحوالات الخارجية يمكن أن ينخفض حجمها عموماً في حال تدهور الوضع الاقتصادي في دول الخارج، لاسيما الأوربية ولكنها من المستحيل أن تتوقف.

وضع حرج لمخزون القطع

 

وإذا افترضنا جدلاً أن التحويلات الخارجية قد توقفت لسبب ما (وهذا مستحيل) – بحسب فضلية – فإن وضع وحجم ومخزون القطع الأجنبي في سورية سيكون حرجاً، أما في حال توقفت الحوالات النظامية وبقيت الحوالات غير النظامية فسيكون الأثر أقل تأثيراً باعتبار أنها تشكل النسبة الأكبر من الحوالات الخارجية.

مشيراً إلى أن الحوالات النظامية لا يمكن إطلاقاً أن تنعدم باعتبار أن هناك على الأقل تحويلات رسمية ومن منظمات دولية كانت وما زالت وستبقى مستمرة.

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية بأنه لا يوجد بدائل للحوالات الخارجية، سوى تحويلات تأسيس مشاريع استثمارية بالشراكة مع مؤسسات حكومية سورية.
وحول حجم الحوالات الواردة إلى سورية اعتبر فضلية بأنه لا يمكن تحديد رقم دقيق لحجمها، باعتبار أن معظمها يحول أو يرسل بصورة غير معلنة أو غير نظامية، ولكن الأرقام التي صرح عنها مصرف سورية المركزي في مناسبات عديدة تشير إلى متوسط الحجم اليومي للحوالات يتراوح بين ٥ إلى ٧ مليون دولار.

تخمينات أرقام

 

من جانبه بيّن الخبير المالي الدكتور علي محمد بحديثه لصحيفة سينسيريا بأنه لم يصدر أي تصريح رسمي عن حجم الحوالات الواردة إلى سورية، وكل ما ينشر ويشاع هي مجرد تقديرات اعتمدت على بعض الاحصائيات لفترة ما قبل الأزمة، أو تصريحات صادرة من جهة رسمية قبل الأزمة حيث كان هناك أرقام معلنة عن حجم الحوالات الواردة إلى سورية من الخارج، وهي كانت موزعة ما بين المغتربين والمنظمات الدولية.

مضيفاً بأنه مع بدايات الأزمة بدأت تظهر أرقام هي تخمينات للمحليين والمطلعين استناداً للأرقام السابقة وعلى أعداد السوريين المتزايدة في الخارج، وكل التقديرات تبقى عبارة عن تخمينات ضمن فارق يزيد أو ينقص.

2.5 مليار دولار سنوياً

 

ومن هذه التقديرات يتابع محمد بأنه يمكن القول بأن متوسط الحوالات اليومية الوارد إلى سورية يعادل نحو 7 مليون دولار يومياً، وهو ليس رقم ثابت، ولكنه متغير حيث يزداد في بداية الشهر ومن ثم ينخفض تدريجياُ إلى نحو 3 مليون دولار يومياً.

يضاف إليه بأنه يرتفع ليتجاوز العشرة مليون دولار يومياً وقد يصل إلى 15 مليون دولار، في بعض الأيام والمناسبات المميزة في العام مثل الأعياد المسيحية والإسلامية، كما أنه وخلال شهر رمضان المبارك تقدر الحوالات بحوالي 10 مليون دولار باليوم الواحد، مدفوعة هذا التقديرات بإرسال بعض السوريين زكاة أموالهم وصداقاتهم خلال هذا الشهر.

وبالتالي وسطياً نتحدث عن 7 مليون دولار يومياً وهو ما يعادل 2.5 مليار دولار في العام، وهو رقم يعتبر جيد إلى حد ما، حيث يمكن الاستدلال على جودة هذا الرقم بمقارنته مع رقم المستوردات لعام 2020 والتي بلغت بحسب تصريحات حكومية 4 مليار يورو، وعليه فإن الحوالات تشكل نسبة تفوق النصف من قيمة الواردات وهذا لمجرد المقارنة.

أزمات عالمية

 

لافتاً إلى أنه يخشى أن يتسبب تصاعد الأزمات العالمية وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض فرص العمل والتسريحات التي قد تحدث في الأزمات، إلى فقدان البعض لوظائفهم وهذا سيناريو محتمل الحدوث سواء بالنسبة لسورية أو مصر أو لبنان باعتبار أن العمالة من هذه الدول الثلاث تعتبر كبيرة في الخارج، ونأمل ألا يحدث ذلك وأن يحافظ السوريون على أعمالهم في الخارج لمصلحتهم ولأجل من يعيلون في الداخل السوري.

Exit mobile version