اقتصاد و فوبيا

اليد السورية العليا

علي محمود سليمان


يقولون دائماً بأن اليد الواحدة ضعيفة وغير قادرة ولا تصفق. ولكن اليد السورية الواحدة أغاثت وأنقذت ورفعت وحركت دماراً وأزاحت أنقاضاً وجمعت تبرعات وأرسلت قوافل العون. فكانت هي اليد الواحدة القادرة العالية والعليا.

كارثة وفاجعة ومحنة وغيرها من الكلمات والأوصاف غير قادرة على التعبير عن هول مصابنا الجلل الذي حل ببلدنا العزيز سورية. في زلزال نفض البلاد من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها.

ولكن وفي عز الألم رأينا بصيص نورٍ اشتعل فتيله بمبادرات الإغاثة من كل سوري قادر على تقديم العون ولو بكلمة أو رفع حجر. فما بالك بآلاف حملات التبرع المالي والعيني من رجال استرخصوا أموالهم وأرزاقهم لإغاثة إخوانهم.

سواعد أبناءها

هذه الحملات الوطنية تؤكد مجدداً بأن الشعب السوري حيّ لا ينكسر وبأن بناء سورية سيكون أولاً وأخراً بسواعد أبناءها، والمبادرات التي تنفذ على الأرض لتأمين السكن البديل والمؤقت للمتضررين ممن خسروا منازلهم لهي خير دليل على لهفة السوريين على بعضهم، ومع الأهمية القصوى لما يقدم الآن من إعانات بوجبات الطعام واللباس والأدوية وتأمين السكن.
ولكن هل هذا بكافِ؟.

هنا لعل الحديث يكون مبكراً في رأي البعض، ولربما ينتقد الآخرون هذا الطرح، ولكن التخطيط المسبق والمنظم لأي عمل سيوصلنا للغاية المنشودة.

وعلى مبدأ “علمني الصيد ولا تطعمني السمكة” فإنه من الضروري أن يبدأ التنسيق من الآن بين جميع الجهات المعنية بإعداد قوائم بما يحتاجه الناجون من مستلزمات تساعدهم لإعادة تشغيل مصادر دخلهم. ولنا في هذا المجال باع طويل من الإمكانيات والخبرات الوطنية في القطاعين العام والخاص والقادر على إحياء ما تهدم من أسواق ومحال وورشات، لتأمين فرص العمل والدخل للناجين من هول الكارثة.

وإن العمل بهذا الاتجاه على المدى البعيد يجب أن يبدأ من الآن، فما حل بنا من مصاب يدعونا للبحث عن حلول جادة وفاعلة ومنتجة، ولا أظن بأن الإعداد لهذا الأمر سيعيق متابعة أعمال توزيع المساعدات للمنكوبين. بل يجب أن يسير العمل بخطين متوازيين ما بين توزيع المساعدات وتسجيل البيانات اللازمة لإعادة تأهيل المتضررين للعودة لسوق العمل بأقرب وقت، كون الإعانات وتأمين السكن البديل مهما طال أمده فإن له وقت سيتوقف وعندها يجب أن يجد رب الأسرة المتضررة بأن لديه عملاً يدر عليه دخلاً ليعيل عائلته ويعوض خسائره. ولا أظن بأن أي رب أسرة سيرفض تأمين فرصة عمل له أو الأخذ بيده لإعادة عمله الخاص حتى وهو ينفض عنه غبار الكارثة.

اظهر المزيد