ضيف ورأي

يدمرون القطاع الصناعي

بقلم الدكتور سنان علي ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية

الصناعة السورية وصلت لمراحل متطورة وخاصة بعد فترة حصار الثمانينات حيث استطاعت الكوادر السورية تامين قطع التبديل لتكون الصناعات النسيجية والغذائية والبتروكيماوية في تألق وفر على الدولة الاستيراد ووفر القطع الأجنبي ولكن لم تستمر هذه النهضة كثيرا، حيث أن رؤية مبرمجة لتخسير وقتل القطاع العام كانت في طور التنفيذ في الخفاء تارة وفي العلن تارة أخرى عندما بدأت حكومة العطري والدردري تستغفر من القطاع العام حيث سميت “حكومة حسبنا الله ونعم الوكيل” مثلما وصف العطري القطاع العام عشرات اللجان لإصلاح القطاع العام ظلت على ورق من دون تنفيذ، وكلنا كان يعرف أن الخلل في تعيين الإدارات وفي التقييد البيروقراطي لتامين المواد والتسويق وفي منع تجديد الآلات رغما من اقتطاع اﻻهتلاك السنوي ولكن بدلا من تجميعه لتجديد الآلات كان يذهب لأمور أخرى، ورغما عن ذلك استمر القطاع العام ليصبح الموضوع إلغاء شركات بقرارات رغما من جودة إنتاجها و تقبل الأسواق لها كما حصل بالكونسورة و المعاكس واﻻلمينيوم و التبغ، استمرت مع عمالها دون إنتاج لفترة و لتغلق ليحل محلها اﻻستيراد او المعامل الخاصة”.

الجزء المتبقي من المعامل والمصانع العامة والذي لم تستطع القرارات قتله جاءت الهجمات الإرهابية لتدمره، هذا رغما عن نجاح أسلوب اﻻدارة باﻻهداف بالتسعينات على 4 معامل تفوقت من خلالها كمعمل الأدوية والتي أصبحت تغطي 90 بالمائة من إنتاجنا و الزجاج و الحديد.

إن الرؤية للقطاع العام الصناعي خلال اﻻزمة لم تتغير ولم يضع قرار اﻻصلاح موضع التنفيذ على الرغم من حاجة البلد واﻻقتصاد لدور هذا القطاع بعد سرقة المعامل و تدميرها وخاصة انه لدينا الخبرات و الكفاءات القادرة على ادارة اﻻنتاج ولكن ما نراه استمرارية النهج نحو الخصخصة عبر التأجير مثلما حدث بمعمل اسمنت طرطوس، حيث هذا المعمل ومستوردوا القطاع الخاص يتحكموا بالسعر، أو عبر التدمير مثلما حدث لحوالي 20 معمل، أو عبر التعطيل و التغاضي عن تحقيق الخطط الإنتاجية لتكون السوق لمستوردي ومحتكري القطاع الخاص.

وفي ظروفنا إن لم تعود الحكومة ﻻدارة اﻻقتصاد وفق رؤية جديدة تستغل الموارد المتاحة فستتأخر العودة اﻻقتصادية واعادة اﻻعمار، و للقطاع العام الصناعي و اﻻنشائي أهمية مركزية في إدارة هذه العملية ولكن الرؤية اﻻصلاحية غائبة علما ان نهج اقتصاد السوق اﻻجتماعي الذي تبنته الصين انطلق من اصلاح القطاع العام ودور ركيزي له، وما وجدناه بسورية ابعد ما يكون عن نهج اقتصاد السوق اﻻجتماعي.

التخلي عن القطاع العام خطا كبير و يبعد العدالة اﻻجتماعية و يزيد البطالة و يقضي على التنافسية و يطلق اليد للمحتكرين و يحابي تجار اﻻزمة، وحتى في الدول الغربية التي تفرض علينا برامجها تحت ذريعة اﻻصلاح الهيكلي نسبة القطاع العام تتجاوز 50 بالمائة وهذا ما يثير استغراب المراقبين..لماذا اﻻستمرار بقتل وتخسير هذا القطاع رغما من توفر شروط نجاحه والحاجة الماسة لخدماته؟.

اظهر المزيد