اخبار البلد

ما هي قصة البصل كي ننسى ما حصل! … قلة إنتاج أم سوء تخزين … وهل صدرناه أم المورد خبّأه … السورية للتجارة تستورد البصل المصري بـ 4700 للكيلو

علي محمود سليمان

“كول البصل وانسى ما حصل” جملة شعبية تقال للتندر بتأثير أكل البصل، و”بعيش معك ع الخبزة والبصلة” مقولة شعبية أخرى تقال عن القبول بالقليل كون المتعارف عليه بأن سعر البصل هو الأرخص دائماً بين الخضار.
ولكن وفق ما شهدت الأسواق في سورية مؤخراً فإننا قد لا ننسى ما حصل وستصبح المعيشة بالخبز والبصل من الرفاهيات، بعد أن سجلت أسعاره أرقاماً لم يحلم بها البصل يوماً ما.

البداية والنتيجة

بدأت الحكاية بارتفاع تدريجي لأسعار البصل وصل فيها إلى 15 ألف ليرة سورية في المحلات وكان منافساً لأهم الفواكه التي تباع في غير موسمها، لتبدأً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحملة على المستودعات التي تخزن البصل وتتحكم بأسعاره وتصادر الكميات الموجودة وتعيد طرحه حصراً في صالات المؤسسة السورية للتجارة بسعر 6000 ليرة سورية.

ولكن الذي يجري الآن في الأسواق أنك قد تبحث في عدة أسواق ولا تجد بصلة واحدة وإن وجدتها فالسعر يصل إلى 17 ألف ليرة سورية للكيلو ولدى قلة قليلة من المحلات بعد أن أصبح عملة نادرة، مع العلم بأنه موجود في صالات السورية للتجارة بـ 6 آلاف ليرة.

صعوبات التخزين

بينّ مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أحمد حيدر بتصريحه لصحيفة سنسيريا أن الحديث عن قلة إنتاج في البصل أدت إلى ارتفاع أسعاره، هو كلام غير صحيح، والواقع بأن عدم توفر حوامل الطاقة خلال الفترة الماضية قد أثر على عمليات التخزين، والبصل مادة حساسة جداً لظروف التخزين، ونظراً لعدم إمكانية تخزين كميات من المادة بفترة الإنتاج الأعظمي نتيجة قلة المحروقات وارتفاع أسعارها، فقد أصبح لدينا مشكلة في فترة انقطاع الإنتاج وهي الفترة الحالية وبالتالي وصلنا إلى ارتفاع السعر نتيجة صعوبات التخزين السابقة.

توضيح الزراعة

وكانت وزارة الزراعة قد بينّت في بيان سابق لها بأن إنتاج سورية هذا العام من البصل بلغ 42 ألف طن وهو أقل من الاحتياج بقليل مما أدى إلى استغلال التجار لانخفاض الكميات المعروضة في السوق ورفع الأسعار.
كما تراجعت المساحات المزروعة بالبصل في عام 2022 نتيجة الخسائر التي تعرض لها المنتجون في عام 2021 وانخفاض الأسعار حينها لوجود فائض كبير من المادة ولم يتمكن التجار من تصدير الفائض.

مع الإشارة إلى أن وزارة الزراعة تخطط لإدارة الموارد المائية والأرضية والمحاصيل الاستراتيجية والرئيسية فقط، أما باقي الخضار والمحاصيل يترك للفلاحين الحرية بزراعة ما يرغبون بشكل حر دون تقييد بخطة محددة ومنها محصول البصل.

قرار الاستيراد

وكان قد صدر قرار مؤخراً بموافقة رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة السماح باستيراد كمية 2000 طن من مادة البصل لمصلحة المؤسسة السورية للتجارة شريطة أن تصل الكميات قبل نهاية شهر شباط الجاري لتقوم بطرحها في صالاتها وبيعها بالمفرق للمواطنين وبتمويل من خارج المنصة (القرار 1070).
وحول هذا القرار أوضح معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بسام حيدر بتصريحه لصحيفة سنسيريا بأن القرار حصر الاستيراد بالمؤسسة السورية للتجارة ليتم بيع الكمية في صالاتها حصراً.

مضيفاً بأن المؤسسة السورية للتجارة تستورد باسمها والإجازات تمنح باسمها، ويمكن لها أن تبرم عقود مع مستوردين لاستجرار الكمية المحددة ضمن القرار، مع الالتزام بشرط أن تباع المادة ضمن صالاتها وبسعر المفرق ولا تبيعها للتجار.

هل هناك تمييز؟

وفي هذا السياق تحدث أحد المستوردين لصحيفة سنسيريا بأن حصر قرار استيراد البصل لصالح جهة واحدة وبمدة لا تتجاوز الـ 15 يوماً، يعتبر تمييزاً ما بين المستوردين.
وفي رده على هذا الكلام قال معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بأن من كان ينتظر القرار لن يستفيد منه كونه صدر فقط لصالح السورية للتجارة، نتيجة حاجة السوق المؤقتة لتأمين مادة البصل لحين إنتاج الموسم القادم، وهو قرار صدر لمرة واحدة وبمدة محددة وليس قرار دائم.
وعن طريقة استيراد السورية للتجارة للمادة أشار حيدر إلى أن هذا الموضوع يعود للسورية للتجارة إن كان بالتعاقد مع مستوردين محليين أو موردين خارجيين لاستجرار الكمية، بشرط الالتزام بالمدة والشروط التي نص عليها القرار.

سوق الهال

عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق محمد العقاد أوضح بأن المادة اختفت حالياً من الأسواق بعد أن حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر مبيع البصل بـ 5500 ليرة سورية، في حين يجب أن يسعر بـ 10 آلاف ليرة سورية، ولذلك أحجم الموردين عن توريد البصل إلى الأسواق وتناقصت الكميات الموجودة في المحلات، ومن لديه كمية من البصل خبّأها ورفض تنزيلها للسوق. وقد علمت سنسيريا بأنه لم تصل إلى سوق الهال بدمشق يوم أمس إلا سيارة بصل واحدة لكل أسواق دمشق.

وحول أسباب ارتفاع أسعار البصل أوضح العقاد بأن الموسم كان “مضروباً” على حد تعبيره، ولم يكن هناك سوء بالتخزين وعلى العكس فإن البصل الأحمر لا يتلف نتيجة التخزين وهو مخصص للمونة، ولكن الموسم لم يكن جيداً والإنتاج أقل مما كان عليه سابقاً، ولم يتم زراعة كميات كافية مع ارتفاع تكاليف الزراعة وخاصة لناحية المحروقات فمن كان يزرع 100 دونم خفض المساحة إلى 20 دونم.

البصل المصري

مضيفاً بأنه وخلال الأيام القادمة ستصل كميات من البصل المصري عبر السورية للتجارة لتوزيعها في صالاتها، وبحسب العقد المبرم فإن الكمية المستوردة من البصل المصري هي بسعر 4700 ليرة سورية للكيلو الواحد، على أن يتم تسعيره للمستهلك بعد وصوله.
مشيراً إلى أن مهلة الاستيراد لنهاية شباط ليست لمصلحة أحد، وإنما تم تحديد المدة كي لا يحدث تضارب في الأسواق ما بين البصل المستورد والموسم البلدي الذي سيكون في الأسواق بعد قرابة الشهر، وبالتالي فإن الكمية المستوردة ستغطي حاجة الأسواق لحين قلع الموسم الجديد.

لم نصدر !!

“لم يكن هناك أي تصدير للبصل ولا حبة بصل صدرت وأنا مسؤول عن كلامي” والكلام لعضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق محمد العقاد، متابعاً بأن من تحدث عن تصدير للبصل ليس لديه اطلاع على التفاصيل، وحتى عندما صدر قرار السماح بتصدير البصل، لم يتم تصدير أي كمية، والسبب بأنه لا قدرة لنا على المنافسة بتصديره مقابل البصل المصري والباكستاني والهندي وغيرها من الدول، المعروفة بأن البصل لديها بجودة أفضل مما لدينا وبتكاليف إنتاج وسعر أقل، فكيف نصدر إن لم نكن قادرين على المنافسة وتحقيق الأرباح، ومصر لوحدها لديها إنتاج هائل من البصل ولا يمكن لنا منافستها بالأسواق.

تصدير 1%

أما بالنسبة لقرار التصدير في العام الماضي فقد أوضحت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه جاء تفاديا لمزيد من الخسائر والأضرار التي ستحل بالفلاح وعلية وزارة الزراعة وجهت كتاب إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بناء على توصية اللجنة الاقتصادية حول إمكانية تصدير الفائض المتوقع من البصل والبالغ حوالي 3600 طن، حيث أن وزارة الزراعة توقعت أن الإنتاج من مادة البصل للعام 2022 هي 63.729 طن، وحيث تبلغ حاجة السوق المحلية 59.500 طن، فإن الفائض المتوقع هو 3.591 طن، وتم التصدير ولكن لكمية لم تتجاوز 118 طن فقط، أي بنسبة 1 % من الإنتاج وهذه النسبة لا تؤثر على السوق المحلية، ومن ثم توقف التصدير عندما تبين أن حجم الإنتاج أقل من التوقعات.

التجارة الداخلية

وحول البصل المستورد أوضح مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن أول الدفعات من البصل المستورد ستصل قريباً ويتم طرحها في كافة صالات المؤسسة السورية للتجارة في المحافظات، وبأن الكميات التي تباع حالياً بصالات السورية للتجارة بسعر 6000 ليرة سورية، هي الكميات التي تمت مصادرتها من مستودعات المحتكرين للمادة، وذلك لحين وصول الدفعات الأولى من البصل المستورد.
وبينّ المصدر بأن عملية الاستيراد تتم عن طريق مستورد متعاقد مع السورية للتجارة، كون العقوبات المفروضة على سورية تمنع الاستيراد المباشر لصالح مؤسسة حكومية، بالإضافة إلى صعوبات تسديد ثمن المستوردات في المصارف الخارجية إن كان الاستيراد من قبل جهة قطاع عام، مؤكداً بأن المدة التي حددت للاستيراد بنهاية شهر شباط الحالي هي كافية لوصول البصل وتوزيع الكميات على كافة صالات المؤسسة بالمحافظات.

البطاطا

وحول إمكانية استيراد البطاطا إن كنا سنشهد وضعاً مماثلاً لما حصل مع البصل فقد أكد معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بسام حيدر بأنه لا يوجد أي نية حالياً لاستيراد البطاطا، وهو ما أيّده فيه عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق محمد العقاد، بالقول “لا أتوقع أن نشهد مشكلة مماثلة في مادة البطاطا كون البطاطا تتحمل ظروف التخزين بشكل أفضل، كما أنه يمكن تخزين البطاطا ضمن الأرض بأن يبقي المزارع محصوله بالأرض ولا يقلعه ولكن هذا لا يغني عن التخزين بالبرادات، ولا أتوقع أن نشهد ارتفاع لأسعار البطاطا”.
متابعاً بأنه وبطبيعة الأحوال لدينا فترة انقطاع ما بين العروة الخريفية والربيعة وهي ما بين الشهر الثالث والرابع، وعادة تبدأ العروة الربيعية مبكراً في طرطوس وسهل عكار، ولاحقاً بالشهر الخامس من باقي المحافظات.

اظهر المزيد