دراسات و تحقيقاتمميز

لصوص الزيتون حصدوا الأخضر واليابس والزيت بينما 49% من مناطق الإنتاج خارج السيطرة

مزارعون لسينسيريا: سرقوا مواسمنا وأشجارنا للزيت والحطب والشكوى لله فقط...مديرة مكتب الزيتون لسينسيريا: القطاف المبكر والتغير المناخي لعبا دوراً في انخفاض نسب الزيت

لصوص

علي محمود سليمان

خلال السنوات الأخيرة بات انتظار موسم الزيتون شاقاً على الفلاح، كون أسعار زيت الزيتون التي ارتفعت بشكل جنوني، مدعومة بارتفاع التكاليف وفوران التضخم، أصبحت مغرية لضعاف النفوس ليسطوا على أشجار الزيتون ويسرقوا الموسم طمعاً في زيته الثمين.

وكون عملية الرقابة وضبط الأراضي لمنع السرقة صعبة للغاية، فقد أضطر قسم كبير من ملاك الأراضي للبدء مبكراً بموسم الزيتون خوفاً على محصولهم من النهب والتعدي.

القطاف المبكر بسبب السرقة

صحيفة سينسيريا قامت بجولة في عدة قرى بمحافظتي حمص وحماة، حيث تحدث عدد من أصحاب أراضي الزيتون في قرى مصياف بأنهم أجبروا هذا العام على التوجه مبكراً للبدء بجني محصول الزيتون، خوفاً من عصابات السطو التي انتشرت مؤخراً، على الرغم من أن الثمار لم تكن قد نضجت بعد.

لصوص

وهنا يوضح أبو حسين من قرية كفر كمرة في ريف مصياف بأنه بدء بجني المحصول مبكراً، لأن جاره كان قد سبقه بالقطاف، ولذلك ستصبح أرضه لقمة سائغة للصوص، كونهم يتصيدون الأراضي التي يقل فيها تواجد أصحابها.

ومن جانب أخر تحدث أبو سالم من قرية مريمين في ريف حمص بأن الأمر تجاوز سرقة ثمار الزيتون، حيث “تفرعن اللصوص” على حد قوله، وقام البعض منهم بقطع الأغصان الكبيرة من الأشجار، وأخذها معهم، وبذلك يحصلون على ثمار الزيتون للزيت، وعلى الأغصان للحطب، وهو ما شكل حالة من الرعب لدى أصحاب الأراضي المشجرة بالزيتون، ولذلك كان هناك بدء مبكر للقطاف، حيث أنهم لم يستفيدوا من الشكوى إلا لله.

فيما كشف لصحيفة سينسيريا أحد العاملين في معصرة زيتون بريف مصياف، بأنه ومنذ الساعات الأولى لافتتاح المعصرة كان هناك طلبات للعصر، وهو ما لم يحدث في المواسم السابقة، مضيفاً بأن بعض من أحضروا أكياس زيتون للمعصرة ليسوا من أصحاب الأراضي، وهم معروفون بأنهم لا يملكون أي شجرة زيتون، ولكنهم قالوا بأنهم ضمنوا أشجار زيتون من أصحابها، وهو ما نفاه بعض من يعرفهم وقالوا: ” اليوم يعصر اللصوص الزيت وغداً يبيعونه لأصحابه”.

التعفير ومراكز الشراء

فيما روى عدد من أصحاب الأراضي بأن “التعفير” موجود في كل موسم ولا أحد يشتكي منه، كونه مهما كان جني ثمار الزيتون دقيقاً، سيبقى البعض منها على الشجرة، وبعد انتهاء الموسم يقوم البعض من المحتاجين وممن لا يملكون الزيتون بالبحث ضمن الأراضي عما تبقى من الثمار على الأشجار، وهو ما يسمى “التعفير”، ولكن لا يمكن أن يصل الحال بمن يعفر الأشجار أن يحصل على كمية إنتاج تعادل ما ينتجه أصحاب الأراضي، كما أن “التعفير” يبدأ في نهاية موسم القطاف وليس في أوله.

لصوص

وعلى ما يبدو فإن سرقة محصول الزيتون قد أصبحت تجارة لدى البعض، وهنا تحدث إبراهيم من قرى ريف حمص الشرقي بأن حالات السرقة انتشرت في قراهم، بعد أن تم الإعلان عن افتتاح عدة مراكز لشراء محصول الزيتون، فيقوم اللصوص بسرقة الزيتون وبيعه للمركز بسعر يتراوح ما بين 4500 و5000 ليرة سورية للكيلو، ليقوم أصحاب المراكز بعصر الزيتون وتحقيق مكاسب كبيرة من الزيت على حساب المزارعين.

النسبة المتلاعب بها

أبو نادر من قرية بعرين بريف مصياف تحدث لسينسيريا بأن السرقة لم تقتصر على لصوص الأراضي، وإنما وصلت إلى المعاصر، حيث أن نسب الزيت التي تستخرج من الزيتون كانت ضعيفة هذا الموسم، ومع علم المزارعين بأن النسب ستكون أقل من العام الماضي لعدة أسباب، منها بأن الأمطار هطلت بغزارة قبل القطاف بعدة أيام، وعليه ترتفع نسبة المياه في الثمرة وتخفض نسبة الزيت.

ألا أنه ومن غير المنطقي أن يعصر المزارع جزء من محصوله في معصرة وتكون نسبة الزيت 20%، وفي معصرة أخرى تكون نسبة الجزء المتبقي 15%، على حد قول أبو نادر، كونه قام بذلك، متسائلاً كيف لنفس الأرض ونفس الأشجار أن تعطي نسبتين مختلفتين.

فيما تحدث أبو حامد من قرى ريف حمص بأنه قام بإيصال محصول الزيتون إلى المعصرة وتسجيله على دفعتين باسمه واسم ابنه، وعند انتهاء العصر كانت الكمية المسجلة باسمه بنسبة 21.5%، بينما الكمية المسجلة باسم ابنه 17%، مستغرباً هذا الفارق إن كان الزيتون نفسه من ذات الأرض والأشجار وكان يمكن له أن يعصره دفعة واحدة.

كما اشتكى العديد من المزارعين بأن نسبة الزيت الموجودة في مادة البيرين (التفل) أعلى مما كانت عليه في السنوات السابقة، لدرجة أن المادة كانت تخرج رطبة جداً من أنبوب التصريف في المعصرة، وهذا يعد سرقة وفق رأيهم، كون المعصرة لا تقوم بعصر الزيتون بالكفاءة المطلوبة لإنتاج الزيت، وهي بذلك تستفيد من مادة البيرين في بيعها لمعامل صناعة الصابون أو مكابس التدفئة.

الرأي الرسمي

 

وفي هذا الخصوص أوضحت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر بأن عملية الرقابة تتم من قبل اللجان الفرعية لمراقبة عمل المعاصر، وهي تضم ممثلين من عدة جهات.

وتتكون اللجنة من رئيس اللجنة ويكون من مديرية الزراعة وأعضاء من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ولديهم الضابطة القانونية لتنفيذ الضبوط للمخالفات، بالإضافة لأعضاء من وزارة الصناعة ومن الإدارة المحلية والموارد المائية وكل جهة مختصة بمراقبة جزء معين من عمل المعاصر.

حيث يتم أخذ عينات عشوائية من المعاصر لمراقبة كفاءة عملها وتحدد النسبة بمخابر مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث أن النسبة المسموح بها من المتبقي من الزيت في مادة البيرين أو (تفل الزيتون) بالنسبة لمعاصر المكابس حوالي 7%، ولمعاصر الطرد المركزي 5%.

موضحة في حديثها لصحيفة سينسيريا بأن لجان المراقبة تتحرك في حال تلقي شكوى من المزارعين بأن معصرة معينة مشكوك بطريقة عملها، وعليه يتم أخذ عينة، وتنظيم ضبط بعد إجراء الاختبارات، ولكن لا يمكن أن التأكد بأن العينة المأخوذة أن كانت لنفس صاحب الشكوى وإنما تكون عينة لكامل عمل المعصرة.

كونه لا يوجد أي إمكانية لتحديد الكمية الخاصة بصاحب الشكوى بعد عصر الزيتون، ولكن في حال أن المتبقي في البيرين (التفل) هي نسبة ضمن الحدود المسموح بها فلا يوجد أي تلاعب من المعصرة.

مشيرة إلى أن ما تم ملاحظته في الموسم الحالي أن بعض المعاصر كان لديها مخالفات ولكن ليس جميع المعاصر.

أسباب انخفاض نسبة الزيت

والملاحظ أيضاً بحسب جوهر أن التبكير بالقطاف من قبل المزارعين لأسباب تتعلق بالخوف من السرقات أو عدم توفر يد عاملة للقطاف، مع عوامل مختلفة أدت إلى أن يكون مردود الزيت أقل من السنوات الماضية، ومنها أن التغيرات المناخية الأخيرة، التي كانت في فترة حرجة وهي تشكيل الزيت ضمن الثمار، حيث كان هناك ارتفاع لدرجات الحرارة أدى لتصنيع الزيت ضمن الثمار في حده الأدنى.

ولفتت مديرة مكتب الزيتون إلى أن الظاهرة العامة المتعارف عليها في معظم المحافظات الداخلية بأن نسبة الزيت تكون أقل في الثمار ضمن سنة الإنتاج، بعكس سنة المعاومة حيث ترتفع نسبة الزيت، والعام الحالي هو موسم إنتاج بالنسبة لمحافظات الداخل.

والسبب في ذلك يعود لأن عدد الثمار يكون كبيراً في سنة الإنتاج، وبالتالي الوحدات التي تنتجها الشجرة ستوزع على كامل الثمار وهو إجراء فيزيولوجي ولذلك في سنة الحمل تكون نسبة الزيت أقل.

لافتة إلى أن المردود كان منخفض في بداية الموسم مقارنة بسنوات سابقة، وحالياً تبين من الجولات أن المردود تحسن بعد المطر، ومرحلة النضج والتلون أصبحت أفضل للاستخلاص.

مواعيد القطاف

مديرة مكتب الزيتون اعتبرت أن عدم التزام المزارعين بمواعيد القطاف بحسب مواعيد المعاصر في المحافظات كان له دور أيضاً، حيث أن موعد افتتاح المعاصر في أي محافظة هو موعد لبداية موسم العصر، وليس الموعد الأساسي لكافة مناطق المحافظة الواحدة.

حيث أن مواعيد افتتاح المعاصر يشمل كافة مناطق المحافظة، ولكن الزيتون لا ينضج في كافة المناطق بذات الوقت، وعلى سبيل المثال في محافظة حماة هناك مناطق غربية في مصياف والغاب وما حولهما، والمناطق الشرقية في السلمية، وليست من المعقول أن زيتون مصياف ينضج في نفس موعد نضج زيتون السلمية.

ولذلك نعطي موعد افتتاح المعاصر لكي يناسب أغلب الأصناف، ولكن موعد القطاف المناسب يحدد المزارع بنفسه ومن متابعته لحقله، بحسب مواصفات النضج والأصناف المزروعة والظروف المناخية وأن كانت سنة إنتاج أو معاومة، وإن كان زيتون مروي أو بعل وكلها عوامل تتدخل في تحديد الموعد الأمثل للقطاف

 

الإنتاج المتوقع

الكميات المتوقع إنتاجها في مناطق السيطرة هي 380 ألف طن زيتون، ينتج عنهن حوالي 49 ألف طن زيت زيتون، بحسب مديرة مكتب الزيتون عبير جوهر.

موضحة بأن هذه الكميات كافية فقط لسد حاجة الأسواق المحلية وبناء عليه تمت الإجراءات بإيقاف تصدير زيت الزيتون بسبب قلة الكميات المنتجة في مناطق داخل السيطرة.

موضحة بأن الإنتاج على مستوى سورية هو حوالي 711 ألف طن زيتون ينتج عنهن حوالي 91 ألف طن زيت زيتون، ولكن للأسف 49% من هذا الإنتاج خارج السيطرة في محافظتي إدلب وحلب وهما تعتبران مناطق الإنتاج الأساسي في سورية

الوزارة لا تسعر

 

وبينت مديرة مكتب الزيتون عبير جوهر أنه بالنسبة لموضوع تسعير زيت الزيتون، فإنه يخضع للعرض والطلب والأسواق العالمية وتكاليف الإنتاج وعدة عوامل أخرى.
والسنة لاحظنا ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع السعر عالمياً وارتفاع تكاليف إنتاج زيت الزيتون من أجور عصر ومحروقات وأجور يد عاملة ونقل، وكلها ساهمت برفع التكلفة وأيضاً موضوع التضخم وأثره الاقتصادي قد ساهم برفع السعر.

مبينة بأن وزارة الزراعة لا تتدخل في التسعير، ولكن فقط تقوم بدراسة التكاليف بحسب الوضع الراهن لكي يكون لديها مؤشر أو سعر تأشيري لتكاليف إنتاج الزيتون.

اظهر المزيد