اقتصاد عالمي

لبنان المثقل بالأزمات يطلق برنامج دعم نقدي للفقراء

أقرت حكومة تصريف الأعمال في لبنان اعتماد بطاقة تمويلية يتم من خلالها دعم الأسر الأشد فقراً مع اقتراب توقف الدعم الموجه للمواد الغذائية الأساسية. بسبب تسارع تبخّر الاحتياطات النقدية واضطرار المركزي لعدم تمويل أي سلع يتم استيرادها جراء شح العملة الصعبة.

برنامج دعم

أطلق لبنان أخيراً وبعد مناقشات دامت أشهراً برنامج دعم نقدي مباشر للأسر الأكثر احتياجاً. والذي تم الكشف عنه لأول مرة نهاية العام الماضي. في محاولة يائسة من السلطات لإسكات جوع الآلاف من الناس الذين باتوا تحت خطر الفقر.

وأعلن وزيرا الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية والاقتصاد راؤول نعمة في حكومة تصريف الأعمال الخميس خلال مؤتمر صحافي مشترك في بيروت. عن البطاقة التمويلية المستحدثة لدعم الفقراء، لكنهما لم يكشفا عن حجم التمويل المخصص لذلك.

الأسر المستفيدة

ومن المتوقع أن يستفيد نصف مليون أسرة من هذا البرنامج بينما لا تزال المفاوضات جارية بشأن تمويلها. حيث سيكون جزء منها من مخصصات حقوق السحب الخاصة الجديدة لصندوق النقد الدولي وقروض من البنك الدولي. رغم تشكيك المتابعين في نجاح الخطوة في ظل تجارب سابقة لم تتمكن السلطات من تنفيذها.

ويبلغ عدد سكان لبنان قرابة 4.2 مليون نسمة داخل البلاد، و1.3 مليون خارجه. ولا يتيح المشروع حصول العائلات المقيمة خارج البلاد على تلك البطاقة.

وقال مشرفية إن “البطاقة النقدية تهدف إلى توصيل الدعم لمن هم في أمس الحاجة إليه ومنع الهدر. إذ تحصل كل أسرة على 93 دولارا شهريا في المتوسط”.

وأوضح أن مهلة تقديم الطلبات للبطاقة تمتد من منتصف سبتمبر الجاري إلى منتصف أكتوبر المقبل. مشيراً إلى إمكانية رفع المبلغ ضمن هذه البطاقة. وأنه سيتم دفعها بالدولار الأميركي أو ما يعادله بالليرة اللبنانية في السوق الموازي.

وقال مشرفية: “قمنا بقدر المستطاع لإقرار البطاقة ومن حق المواطن أن يقول إننا تأخرنا. لكننا عملنا مع وزارة الاقتصاد بالتعاون مع البنك الدولي على إنشاء شبكة دعم لمساعدة الشعب اللبناني في هذه الأيام الصعبة”.

وأضاف: “أملنا بخطة اقتصادية متكاملة تخرج الناس من المشكلات وتضعنا على السكة الصحيحة للتقدم”.

تحذيرات

وطيلة العامين الماضيين، تصاعدت التحذيرات من التداعيات الاقتصادية الخطيرة على الاقتصاد اللبناني وتبعات ذلك على المواطنين. نتيجة تباطؤ السلطات في تنفيذ الإصلاحات التي تسد حاجته إليها ليتمكن من احتواء مخاطر ديونه الكبيرة. والخروج من ورطة شلل نمو القطاعات الإنتاجية وتأثيرات ذلك على سوق العمل.

واستحدثت الحكومة برنامج دعم جديد خلال العام الماضي لتمويل استيراد السلع الأساسية مثل القمح والوقود والأدوية. الذي استنزف احتياطيات النقد الأجنبي ويتم إلغاؤه تدريجيا حالياً.

بيانات رسمية

وبحسب البيانات الرسمية، تبلغ احتياطيات مصرف لبنان المركزي ما يزيد قليلا على 15 مليار دولار. بالمقارنة مع أكثر من 30 مليار دولار قبل الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد في 2019.

وينفق لبنان ستة مليارات دولار تقريباً على الدعم ويعاني من حالة شلل سياسي ومن دين هائل. ويواجه صعوبات في تدبير أموال من الدول والمؤسسات المانحة.

وفي ظل النظام الحالي يتولى المركزي توفير العملة الصعبة للمستوردين بسعر الصرف القديم البالغ 1515 ليرة مقابل الدولار. لشراء الوقود والقمح والدواء وبسعر 3900 ليرة مقابل الدولار لتغطية سلة من السلع الأساسية.

ومع تضاؤل الاحتياطيات قالت حكومة حسان دياب مراراً إنه من الضروري تقليص الدعم. بينما يواجه البعض ممن هم في أمس الحاجة للسلع الرخيصة صعوبات في الحصول عليها.

وبالإضافة إلى ذلك، خسر عشرات الآلاف من اللبنانيين مصدر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم جراء الأزمة المالية الحادة والتي دفعتهم إلى النزول إلى الشارع، ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة.

وبحسب نشرة تعريفية ببطاقة الدعم، سيحصل كل فرد في الأسرة على 25 دولارا، و15 دولارا إضافية للفرد فوق سن 64 عاما، على ألا يتجاوز حجم الدعم في البطالة لكل أسرة عن 126 دولارا.

وقال نعمة “كل خطوة نقوم بها هي بالتعاون مع البنك الدولي وبإشراف التفتيش المركزي، لأننا نريد أن نبرهن للمواطنين أننا نعمل لأجلهم ولا نقوم بإطلاق البطاقة التمويلية على أساس أنها بطاقة انتخابية”.

وأكد أن السلطات تسعى إلى معرفة من هو الغني وليس من هو الفقير، لاستثناء من يستطيعون تحمل أعباء المعيشة من دون مساعدة من أجل تأمين الدعم للعائلات الأكثر حاجة.

ووفق لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) ارتفعت نسبة الفقر بالبلاد بنهاية 2020 لتبلغ نحو 55 في المئة من السكان، إلا أن التوقعات تشير إلى أن النسبة ستكون مرتفعة أكثر في 2021.

الدعم إلى مستحقيه

وكان البرلمان قد أقر البطاقة التمويليّة في نهاية يونيو الماضي لدعم الأسر الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية والمالية. التي أثرت على الاستقرار الصحي والغذائي للبنانيين وأدت إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى 74 في المئة.

وتم ربط رفع الدعم الذي يؤمنه مصرف لبنان المركزي للسلع الأساسية ومن بينها المحروقات بتطبيق فعلي للبطاقة التمويلية. وفي أبريل الماضي. قال دياب إن “رفع الدعم عن السلع مرتبط بتطبيق برنامج البطاقة التمويلية”.

والدعم هو تغطية الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي البالغ 1515 ليرة والسوق الموازية والبالغ 13 ألف ليرة حاليا من قبل مصرف لبنان المركزي. من أجل استيراد السلع الأساسية، بغية الحفاظ على سعرها منخفضاً في الأسواق.

وكانت قيمة الليرة مقابل الدولار مستقرة طيلة عشرين عاما عند حدود 1510. إلا أنها اهتزت لأول مرة في ديسمبر 2019 وبدأت تتدهور تدريجيا حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.

أزمات عديدة

ويواجه لبنان منذ 2019 أزمات سياسية ومالية واقتصادية وصحية غير مسبوقة، فاقمها انهيار الليرة والقطاع المصرفي وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان المركزي إضافة إلى تداعيات الوباء وكارثة انفجار مرفأ بيروت.

ويقدر البنك الدولي أن لبنان يحتاج إلى 12 عاما وفي أسوأ الأحوال إلى 19 عاما ليعود إلى مستويات الناتج المحلي التي كانت في عام 2017.

وأشارت دراسات أجرتها مؤسسات مالية ومنظمات دولية بالتعاون مع إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية منذ العام 2011 وحتى أكتوبر 2019 إلى أن 235 ألف مواطن يعيشون بأقل من 5.7 دولار يوميا.

كما أظهرت تلك الدراسات في تلك الفترة وجود نحو مليون مواطن يعيشون بأقل من 8.7 دولار يوميا وأن 27 في المئة من اللبنانيين هم من الفقراء، الذين لا يستطيعون تلبية حاجاتهم المعيشية الأساسية.

اظهر المزيد