فأس الحكومة ورأس المواطن
سنسيريا – كتب معد عيسى
بات موضوع إعادة توزيع الدعم و ازاحته من شريحة إلى أخرى أمر واقعا بانتظار التنفيذ .
وازحة الدعم بالمعنى الدقيق يعني مثلا رفع الدعم عن شريحة وتوزيعه على شريحة أخرى. كرفع الدعم عن البنزين لكل من يملك سيارة استطاعتها تزيد عن سعة معينة و موديلها حديث . و بالتالي يصبح كل البنزين التي تحصل عليه السيارة بالسعر الحر . وما يأتي من هذا السعر يوزع جزء منه لدعم شرائح معينة كالعاملين في الدولة مثلا .
معايير منطقية !!
ولكن عندما تذهب الدولة لحرمان شريحة من الدعم يجب أن تكون المعايير منطقية . ويجب أن تكون البدائل متاحة للشريحة التي تم حرمانها من الدعم . وفي مثالنا عن السيارة فليس كل من يملك سيارة موديل ٢٠٠٨ وما بعد و استطاعتها اكثر من ١٦٠٠ سي سي هو مكتفي ولا يستحق الدعم . فكثير من هؤلاء هم من العاملين في الدولة ، واشتروا سياراتهم بقروض في فترة ما قبل الأزمة التي شهدت تحسن كبير في دخل العاملين بالدولة . وهم اليوم في حال عجز حتى عن تعبئة المخصصات بالسعر المدعوم وعن الصيانة كذلك . الأمر الآخر هذه السيارات ليست رفاهية ولا ترف وكثير منهم لا يستطيع الوصول إلى العمل لولا هذه السيارات . وأغلبهم لا يعارض رفع الدعم لو ان الحكومة وفرت وسائل النقل الجماعي التي يعرف الجميع وضعها اليوم . والتي بغيابها وقلتها يخرج الموظف من بيته قبل بساعتين صباحا ويعود بعد بثلاث ساعات مساءا ومشاهد كرجات الانطلاق وكرجات المناطق والطرقات خير شاهد .
دعم وأسعار ولكن
لم تترك الحكومة موقعا إلا واستهدفته برفع التعرفات والرسوم وأسعار الخدمات . ولم تترك قرارا مؤلما إلا واتخذته والجميع مدرك لقسوة ظروف البلد من حصار وعدوان وعقوبات ولكن على الحكومة أن تقوم بتحسين الخدمات . فالاتصالات بعد رفع تعرفتها أصبحت سيئة جدا ، والكهرباء لم يعد يراها المواطن .
حق الدولة ان تقارب أسعارها بالأسعار العالمية لانها بالواقع تدفع ذلك مضافا إليه أعباء التحويلات المالية والحصار والعقوبات ، ولكن عليها أن تقارب دخول المواطنين بالدخول العالمية ايضا .
منطق المقاربة الحكومية اليوم لمعيار رفع الدعم عن السيارات مخيف . فكما رفعت الدعم عن شخص اشترى سيارة بقرض قد تذهب الى رفع الدعم عن الشخص الذي اقترض ليركب ألواح شمسية عندما تفكر برفع الدعم عن الكهرباء . من الأجدى ان تخفض كمية البنزين المدعوم إلى النصف مثلا بدل أن تحرمهم بالكامل .
الحكومة بتبريراتها لرفع الدعم تقول انها ستزيحه إلى شريحة أخرى وهذا ما ينتظره العاملون بالدولة بعد أن اصبحوا مقدمين للدعم بدل أن يتلقوه .