اقتصاد زراعي

غرف الزراعة: الإنتاج الزراعي في سورية لم يتراجع.. ويواجه صعوبات منها القرارات غير المناسبة

يرى عضو مكتب اتحاد الغرف الزراعية السورية الدكتور مجد أيوب أن ضعف الإنتاج يؤدي إلى تراجع أو تباطؤ عجلة الاقتصاد في الدولة عموماً. وبالتالي تراجع قيمة العملة فيها وارتفاع معدلات التضخم بسبب استيراد الاحتياجات من الخارج. وهذا ليس بالشيء الجديد بل هو من بدهيات علم الاقتصاد كما يقول أيوب..

ويضيف، أنه مخطئ من يعتقد أن هناك تراجعاً كبيراً في حجم الإنتاج الزراعي في سورية. خاصة بعد تحرير مساحات كبيرة من الأراضي.

وأنه تكفي زيارة لسوق الجملة أو سوق الهال في أي محافظة لتأكيد قوله. وأن هذا ما شعرنا به جميعنا خلال السنوات الصعبة الماضية. حيث لم يكن هناك فقدان كبير للمواد الزراعية من الأسواق.

حلقات كثيرة

لكنه يرى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج يعود إلى ارتفاع أسعار مستلزماته الرئيسة من بذار وأسمدة وأدوية وكهرباء والمحروقات التي يشتريها المزارع من السوق السوداء بأضعاف سعرها النظامي، وما يتبعها من تكاليف الفلاحة والعمليات الزراعية الأخرى كالمكننة وتكاليف الري وكذلك أجور العمالة التي ارتفعت مع ارتفاع كل الأسعار وزيادة التضخم.

أضاف أيوب أنه يتبع ارتفاع سعر المحروقات وعدم توفرها ارتفاع أجور النقل، خاصة مع النفقات المسددة على الطرقات عند نقل الإنتاج من المزرعة إلى أسواق الجملة. وكل هذا أدى إلى زيادة التكاليف، وبالتالي أسعار المنتجات الزراعية، ووصول بعضها إلى حدود غير مناسبة للمستهلكين، وخاصة ذوي الدخل المحدود.

ويضاف إلى ذلك القرارات التي تصدر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمتضمنة رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية الضرورية، كالقرار الصادر مؤخراً برفع أسعار السكر والزيت النباتي والبرغل وغيرها.

حال متشابه

وقال أيوب: إن واقع الإنتاج الصناعي لا يختلف كثيراً، فالصناعة السورية هي صناعة تحويلية بشكل رئيسي، وجزء كبير منها يعتمد على الإنتاج الزراعي الذي ارتفع سعره كثيراً.

ويعاني الصناعيون من مشكلات المحروقات والكهرباء وكذلك الضرائب والرسوم الكبيرة المفروضة عليهم سواء عند استيراد مستلزماتهم، أو عند تصدير منتجاتهم.

خيار وحيد

أضاف أيوب أنه ليس لدى المزارع وسيلة أخرى للعيش سوى أرضه وما تنتجه، وهي ما زالت تحقق له إيراداً مقبولاً بالرغم من شكواه الدائمة، فلا أحد يستمر في إنتاج سلعة معينة لعدة سنوات وهي خاسرة بل يعمد إلى استبدالها، ويعتقد أن هذا ما لم يفعله الجزء الأكبر من المنتجين الزراعيين، لأن ارتفاع التكاليف واكبه ارتفاع في الأسعار سواء في أرض المزرعة أو في أسواق الجملة.

الثروة الحيوانية

وأشار أيوب إلى أن وضع مربي الثروة الحيوانية أكثر صعوبة، حيث تأثروا كثيراً بارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات، سواء مربي الأبقار والأغنام، أو مربي الدواجن، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات كبيرة جداً في أسعار الحليب ومشتقاته والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء، وبين أن ارتفاع أسعار الأعلاف يعود إلى حصر استيرادها بأشخاص محددين! ما سمح لهم بالاستفادة من هذا الحصر ورفع الأسعار كما يحلو لهم، ولكن رغم ذلك فما زال عدد كبير منهم مستمراً في التربية والإنتاج.

عثرة التسويق

وذكر أيوب أن المشكلة الرئيسة التي تواجه الإنتاج الزراعي أو الصناعي حالياً هي إمكانات تسويق هذا الإنتاج، خاصةً بعد إغلاق حدود كثير من الدول التي كانت تعدّ أسواقاً رئيسة له، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل الجوي والبحري إلى الدول الصديقة.

واقع محلي

أما على المستوى الداخلي، فواجهت المنتجات الوطنية صعوبة في التسويق بشكل كبير بعد ارتفاع أسعارها، وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك بسبب عدم مواكبة الأجور للتضخم والأسعار.

ووصف أيوب الإنتاج الزراعي السوري بأنه كان ولا يزال الداعم الرئيس للاقتصاد السوري، وكان هذا الدعم يأتي من تصديره طازجاً أو مصنعاً إلى دول الجوار.

وهذا كان السبب المباشر والرئيس في صمود الاقتصاد السوري وانخفاض سعر الصرف، أو بعبارة أخرى قوة الليرة السورية عبر تأمين كمية من القطع الأجنبي إلى الأسواق الداخلية استخدمت لدعم الليرة السورية ولتسديد قيمة المستوردات حسب أيوب.

ويضيف: إن ظروف الحرب الداخلية وخروج مساحات كبيرة عن سيطرة الدولة سمح بتهريب نسبة من هذا الإنتاج، وكذلك إغلاق الحدود أمام الصادرات والعقوبات المفروضة على سورية.

قرارات غير مناسبة

يضاف لكل ذلك، كما يقول أيوب، اتخاذ مجموعة من القرارات غير المناسبة التي اتخذتها الحكومات السورية المتعاقبة في هذه الفترة، وكذلك الاعتماد على أشخاص معينين لاستيراد المستلزمات الأساسية للعمل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني أو لتصدير ما يمكن من المنتجات الزراعية أدى إلى تراجع حجم الصادرات، وبالتالي ارتفاع أسعار هذا الإنتاج في السوق المحلية، فمن المعروف أن سعر المادة في الأسواق المستهدفة أعلى من سعرها في السوق المحلية، ما يسمح للمنتجين بتخفيض أسعارهم داخلياً وتغطية خسائرهم في حال وجودها، أو عند البيع داخلياً بأقل من التكلفة، وبالتالي بقاء المواد بتناول المستهلك الداخلي بأسعار تتناسب مع دخله.

متسرعة وغير مدروسة

ويرى أيوب أن هناك بعض قرارات منع التصدير وصفها بالمتسرعة وغير المدروسة لبعض المنتجات كما حدث هذا العام للبصل والثوم أو البندورة في أعوام سابقة تسببت في تراكم الإنتاج في السوق المحلية، وخسارة المنتجين لحين السماح بإعادة التصدير، وهذا كان له دور كبير في تذبذب الأسعار من دون تقديم دعم فعلي سواء للمستهلك أو للاقتصاد الوطني.

تشرين

اظهر المزيد