خاص لسينسيريا – علي محمود جديد
ما كان لنا أن نتوه بين المنافسة والتنافسية لو أن العديد من الحكومات المتعاقبة تمكنت من استيعاب قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم / 7 / لعام 2008 / وسعت لتنفيذه على الأرض ووفرت له سبل الحضور والفاعلية، غير أن هذا القانون صدر وبقي مجمداً إلى اليوم لولا بعض الحالات القليلة المعدودة بعد صدوره لينتظم كما هو حالياً في وضع الجمود تاركاً خلفه هيئة طويلة عريضة هي هيئة المنافسة ومنع الاحتكار في حالة من السّبات والنوم العميق.
تحمّلوا قليلاً لقراءة هذا الخبر :
( وزارة_التربية : – الدورة التكميلية لعام ٢٠١٩ سيتم تحديد موعدها بعد صدور نتائج الدورة الأولى و هي شاملة كافة فروع الشهادة الثانوية ( العلمي -الأدبي-المهني -الشرعية ).
– لا يوجد دورة تكميلية لشهادة التعليم الأساسي )
كان هذا الخبر بتاريخ / 24 / حزيران / 2019 / هو آخر الأخبار ( الساخنة ) التي نشرتها هيئة المنافسة ومنع الاحتكار والذي يتصدّر الآن صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك ) ومن خلاله يمكننا أن نعرف حجم الجمود الذي تعيشه هذه الهيئة.
ولذلك لا غرابة فعلاً أن يتوه أي أحد بين المنافسة والتنافسية أمام مثل هذه الغربة الطويلة، فيكفي هذا الشبه في الاسم ليخيّل لنا أنه هو نفسه، رغم أن التنافسية مصطلح في علم الإدارة والاقتصاد يهدف إلى تحديد أسس ومبادئ ومعايير تقيس مدى كفاءة الدول ومستوى تميزها وتطورها الذي وصلت إليه شعوبها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ويتعلق مفهوم التنافسية بقدرة الدولة على الاستغلال الأمثل لجميع مواردها وسياساتها ومؤسساتها، لرفع كفاءة الخدمات المقدمة للأفراد وقطاع الأعمال وجودتها، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للدولة، وجعلها في مركز تنافسي متقدم تجاه الدول الأخرى.
والمُتّفق عليه هو أن هناك ثلاثة محاور اقتصادية تعمل على رفع التنافسية والارتقاء بها وتتضمن الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي والثروات.
ففي الاقتصاد الجزئي يجب أن تتوفر جاذبية وجودة في بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تنمية التجمعات الاقتصادية، وتطور أعمال القطاع الخاص.
وفي الاقتصاد الكلي لابد لتحقيق التنافسية من الوصول إلى تنمية اجتماعية رفيعة، ووجود مؤسسات عامة فعالة بكل معنى الكلمة، وممارسة سياسات مالية ونقدية سليمة.
وبالنسبة للثروات فيحكم قوة التنافسية حجم الموارد الطبيعية وكفاءة استغلالها، إضافة إلى الموقع الجغرافي وحسن استثماره.
هذه هي معايير التنافسية، وبناء عليه نستطيع أن ندرك – أو على الأقل أن نُقدّر – موقعنا التنافسي بالنسبة لدول العالم.
ولذلك إن سمعنا أحداً يطالب بضرورة إدارة السوق وتحقيق الاستقرار والتوازن فيه على قاعدة التنافسية والجودة، فلا مشكلة في ذلك إذ سرعان ما ندرك أنه يعني ( على قاعدة المنافسة والجودة ) رغم أن التنافسية شيء والمنافسة شيء آخر، ولكنها الغربة هي التي تجعلنا نتوه بين تلك التنافسية وهذه المنافسة التي تطال الكثير من مجالات في الحياة يخوضها المتنافسون للفوز بهدف معين، فالمرشحون للانتخابات – مثلاً – يتنافسون للفوز بمقاعد بعض المجالس، والطلاب في الصف الواحد يتنافسون للفوز بالمراكز الأولى، والرياضيون يتنافسون للفوز بالبطولات، وفي الأعمال التجارية تتنافس الشركات أو التجار في الأسواق لبيع منتجات مماثلة تستهدف نفس الجمهور للحصول على المزيد من المبيعات وزيادة الإيرادات واكتساب المزيد من الحصة السوقية مقارنة بالآخرين، سواء بخفض الأسعار، أم بالجودة العالية، أم ببراعة التسويق والإعلان.
فإن سمعنا أحداً يطالب بإدارة الأسواق واستقرارها على قاعدة التنافسية علينا أن لا نذهب بعيداً ونعلم مباشرةً أن القصد هي المنافسة.
والأمر مرشحٌ للبقاء على هذه الصورة الضبابيّة إلى أن تنعقد النوايا بوضع قانون المنافسة ومنع الاحتكار 7 لعام 2008 موضع التنفيذ الحقيقي، وإخراج هيئة المنافسة ومنع الاحتكار من الثلاجة وإيقاظها لإنهاء حالة السُّبات المزمن التي هي فيه وعليه، وتُصدِر بعد ذلك تقاريرها عن أعمالها ذات الأهمية الكبرى، وكذلك أخبارها الساخنة فعلاً هذه المرة بعيداً عن دورات وزارة التربية التكميلية .