دراسات و تحقيقاتمميز

العلاج بالطاقة ما بين الوهم والحقيقة والجلسات المأجورة وكتاب السر

آية محمد

تعرف الطاقة الروحية على أنها الطاقة الداخلية غير الجسدية في جسم الإنسان، وهي مرتبطة بالاعتقاد السائد بأنها الجوهر الشخصي للإنسان، وتختلف الطاقة الروحية عن باقي العلوم ويتم تصنيفها في قائمة علوم الطب البديل، وهي في رأي العلماء مرفوضة نظرياً، لأن نظرياتها لم تخضع لمنهج التحقق العلمي، إضافة إلى أن معتقداتها غير خاضعة للتجربة من قبل المجتمع العلمي للتحقق من صحتها. والحديث بأن الطاقة الروحية هي الطاقة الداخلية غير المرئية والتي تسهم في إظهار القوة الجسدية، فهي من وجهة نظر العلماء مرفوضة وغير حقيقية.

وفي خضم العديد من التساؤلات حول هذا العلم، وخاصة التساؤل حول ماهية وكنه هذا العلم ومحاولة وضع تعريف علمي مقنن وموضوعي للطاقة، فقد أجمع الكثيرون من المشتغلين بهذا العلم وتطبيقاته على الإنسان بأن الطاقة عبارة عن “قوة تمنح الأجسام قدرة على القيام بأعمال معينة، حيث إنها كأي نوع آخر من الطاقات الموجودة إذ تمد الإنسان بالقوة لإتمام عمل معين”.

وقسم المعنيون أنواع الطاقة في جسم الإنسان إلى أربعة وهي طاقة الجسم الكهرومغناطيسية وطاقة الجسم الروحانية وطاقة الروح وطاقة الجسد والعقل.

 

ما سبق يعد شرح أكاديمي نظري لأكثر العلوم جدلاً عبر التاريخ ولدى كافة الشعوب، إلا أنه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، زاد انتشار هذا العلم بدون حسيب ورقيب، حيث باتت الصفحات التي تعلن عن إقامة دورات بعلوم الطاقة تتزايد بشكل يومي، بالإضافة لإعلانات عن جلسات العلاج بالطاقة، ممن يدعون بأنهم معالجين بالطاقة بمختلف أشكالها، دون وجود أي إثبات بما يدعون، ودون معرفة ما هي المؤهلات المطلوبة لمن يدعي امتلاكه هذا العلم، ما ساهم في زيادة انتشار حالات الغش والتلاعب وصلت حد الأذى في بعض الحالات.

علم غير قابل للتجريب!

 

وفي هذا المجال بيّنت أخصائية الإرشاد وعلاج النفس في جامعة دمشق الدكتورة منال الشيخ بأن العمل في هذا المجال يعتمد على مدارس علاجية لعلاج الإضرابات النفسية والمشكلات السلوكية والنفسية التي تواجه الإنسان، بالإضافة إلى الشق التطويري لتنمية وتطوير الذات ويتم العمل به وممارسته بالعيادات ومراكز العلاج.

وأضافت الدكتورة منال الشيخ بتصريحها لصحيفة سينسيريا بأنه لا يمكن القول بأن ما تسمى علوم الطاقة بأنها علم بمعنى الكلمة كونه غير قابل للتجريب، وليس لديه مواصفات العلم، حيث أن العلم الحقيقي له مجموعة من الأسس والقوانين التي يعتمد عليها والقابلة للتجريب والتطبيق، بينما في مجال الطاقة لا توجد هذه الأسس والقوانين، وأقل ما يمكن أن يقال بأنه غير قابل للتجريب والملاحظة، ولذلك لا يمكن اعتباره من العلوم، موضحة بأن ما ينتشر عبر وسائل التواصل هي مجرد أسماء إعلامية ترويجية لأفكار وعناوين.

الفروق بين العلاج النفسي والعلاج الطاقة

 

أخصائية الإرشاد وعلاج النفس أوضحت بأن العلاج النفسي يتم فيه النظر للاضطرابات والحالات التي يتعرض لها المعالج، ومنها حالات لشكاوى يلجؤون أصحابها إلينا لنساعدهم على الكلام والتعبير عن رأيهم، وبعد فترة من الزمن نشاهد الأثر ويمكن قياس النتيجة.

ولكن فيما يسمى علوم الطاقة لا يوجد هذا الأمر، وإنما هو أمر إيحائي أكثر من أنه قابل للقياس ويستند على دلائل، والعلاج بالطاقة يعود لمعتقدات فلسفية قديمة تعود إلى معتقد هندوسي أو بوزي، وهو كفكرة صدرت من منطقة شرق آسيا يعتمد على الإيحاء بالدرجة الأولى، وقد يمكن للعلاج بالطاقة أن يعطي إيحاء بالراحة النفسية لفترة زمنية قليلة مثل مفعول المسكن، ولكن الحالة لا تعالج بشكل نهائي.

أنواع الطاقة

 

الدكتور منال الشيخ أشارت بأن الطاقة لو كانت علم حقيقي لا يختلف عليه اثنين، فيجب أن تعتمد على أسس علمية موحدة وليست متغيرة، بينما ما يتم الحديث عنه بأن الطاقة تختلف من شخص لأخر، ولكن لا يوجد أدى ملموسة لقياسها.

وما يتم الترويج له بأن هناك عدة أنواع للطاقة، منها طاقة الكريستال، وهي لحماية النفس من الطاقات السلبية أو كما ينسب لها الذين يتعاموا بالطاقة بأنها للحماية من العين الشريرة.

وهناك طاقة الكارما، وهي الإيمان بأن أفعالنا ونوايانا لها عواقب يتردد صداها عبر الزمن وعبر الأفكار، وكذلك هناك طاقة لحركات معينة للجسم والطاقات الروحانية، معتبرة أن هذه المصطلحات هي عبارة عن أفكار ترويجية إعلامية أول ما ظهرت في أوروبا.

تجارب من الواقع

 

إيمان في العشرين من عمرها تحدثت لصحيفة سينسيريا بأنها توجهت لإحدى العاملات بمجال العلاج بالطاقة وتدعى “المبدعة في علوم الطاقة” عبر حسابها بوسائل التواصل الاجتماعي، وشرحت لها بأنها تعاني من مشاكل نفسية متراكمة ما أوصلها لحالة من الاكتئاب، وتم تحديد موعد لها للبدء بجلسات العلاج التي كانت عبارة عن تدليك لليدين والرأس، مع تقديم جملة من النصائح السلبية برأيها لإيمان، تذكر منها بأنها وجهتها للقيام بما ترغب بها حتى وإن عارض رغبة الأهل، مشيرة إلى أن مدة الجلسة كانت نصف ساعة بمقابل 25 ألف ليرة سورية.، ومع انتهاء الجلسة شعرت بأنها تعبئة بالطاقة السلبية.

بدوره كشف أحمد “يبلغ الثلاثين” بأنه تورط بالتواصل لفترة طويلة مع إحدى العاملات بالطاقة، حيث كانت تقوم بتحريضه ليتعامل بسلبية مع محيطه وأهله وزملائه، مضيفاً بسخرية “أخصائية الطاقة سحبت كل الطاقة يلي عندي ودفعت مصاري ع شي فاضي”،

كتاب السر

 

وفي الجانب المقابل تحدث سندس (25 عاماً) بأنها دخلت عالم علوم الطاقة منذ ثلاث سنوات من باب الفضول بالبداية، واستهواها هذا المجال وتعمقت به وأصبحت مختصة بعلوم الطاقة، وخاصة في مجال تهدئة الأعصاب، وتقدم جلسات مأجورة بـ 100 ألف للجلسة الواحدة ومدتها ساعة، ويمكن أن تكون الجلسة عبر الانترنت ودون الحاجة للتواجد الفيزيائي للشخص.

مضيفة بأنها تنفذ دورات تدريبية مع مراكز مختص توضح فيها كيفية العمل في مجال الطاقة، وتشهد الجلسات حضور العشرات من المهتمين في هذا المجال، لتكشف سندس لصحيفة سينسيريا بأنها تعتمد في خبرتها بمجال الطاقة على كتاب السر.

ويذكر بأن كتاب السر من أكثر كتب المساعدة الذاتية مبيعاً لعام 2006، وهو من تأليف روندا بايرن، وتقوم فكرته على أن الكون محكوم بقانون يسمى قانون الجذب الذي يقال بأنه يعمل عن طريق جذب خبرات وحالات وأحداث وأفراد في حياة شخص ما متطابقين مع تواتر أفكار ذلك الشخص ومشاعره. لذلك، يدعي أن التفكير الإيجابي والشعور بالإيجابية يخلقان نتائج مغيرة للحياة مثل زيادة في الثروة والصحة والسعادة.

اظهر المزيد