العقارات.. “لا حسيب ولا رقيب” وأسواق دمشق الأعلى سعراً
شهدت أسواق دمشق ارتفاعاً غير مسبوق بأسعار العقارات السكنية سواء لجهة البيع والشراء أو الإيجارات، وكانت متصاعدة في الأحياء الرئيسية والمنظمة (الراقية كما يسميها البعض)، فتحديد سعر العقار يرتبط بمزاجية صاحبه ويتأثر بعوامل العرض والطلب إضافة للموقع، وحجم العقار، وحالته، ناهيك عن دور المكاتب العقارية.
ومن خلال توصيف الواقع، فإن أسعار العقارات في العاصمة سواء إيجار أو بيع- غير منضبطة قياساً بدخل المواطنين- وهي ذات مستويات عالية مقارنة بالوضع المعيشي وقلة حجم الرواتب التي قد لا تؤمن إيجار غرفة في الأحياء العشوائية فما بالكم بالنسبة للأحياء الرئيسية مثل المالكي، والمهاجرين، وكفرسوسة، وأبو رمانة، والقصاع، والمزة اتوستراد.
أسعار الإيجارات كاوية
وتبدأ أسعار الإيجارات في دمشق من مليون ليرة شهرياً في منطقة المزة ٨٦ على سبيل المثال وتصل إلى 3 ملايين ليرة، وفي بعض أحياء المدينة قد يصل الإيجار الشهري إلى ١٥مليون ليرة.
مواطنة فضلت عدم ذكر اسمها بدأت حديثها بالقول: ما يشهده سوق العقارات لم يعد مقبولاً، ولا رحمة من أصحاب المنازل أو حتى المكاتب العقارية، مؤكدة أن أسعار الإيجارات غير منطقية ولا تخضع لأي ضوابط أو قوانين، فمن غير المنطقي أن يكون إيجار بيت في الأحياء الشعبية يزيد عن ثلاثة أضعاف الراتب.
بدوره أبو أحمد يقطن في أحد أحياء دمشق تحدث بحسرة قائلاً: لم أعد قادراً على تأمين نصف أجرة المنزل، ومهدد بإخلائه من قبل صاحبه الذي يطالب بالزيادة بشكل دائم تماشياً مع سعر القطع الأجنبي، الذي يرتفع من دون أسباب منطقية.
وسيلة لحفظ المال
أما صاحب أحد المكاتب العقارية رأى أن هناك أسباباً مختلفة لارتفاع أسعار العقارات أهمها.. الثقافة المجتمعية حول حفظ الأموال واستثمارها من خلال الاتجاه إلى وضع الأموال في العقارات، كون أسعارها لا تنخفض، وهنا يكون غرض الناس الحفاظ على قيمة أموالهم، كما أن ارتفاع سعر البناء يعود لارتفاع أسعار التكاليف حيث تصل تكلفة المتر الواحد جاهز للسكن، حوالى 8 ملايين ويختلف حسب رفاهية الكسوة، ويختلف حسب المنطقة لأن هذه التكلفة تزداد حسب سعر قطعة الأرض المشاد عليها البناء.
ويقول آخر: إن توافد عدد كبير من الأسر والمواطنين للسكن في المناطق الآمنة جعل أسعار العقارات مرتفعة، وجعل أيضاً أسعار الإيجارات متصاعدة، ناهيك عن ضعاف النفوس والمستغلين لحاجة الناس، مؤكداً أن سوق العقارات لا يوجد فيه حسيب ولا رقيب، وإنما يوجد اقتطاع أموال باسم البيوع العقارية، وأصبح تخمين المنازل من قبل وزارة المالية مرتفعاً، حتى أن قيمة البيوع مرتفعة، كالضريبة المرتفعة عند شراء أو بيع بيت، وكذلك رسوم الإيجارات التي تعادل إيجار شهر واحد.
الخبيرة التنموية ميرنا سفكوني بينت ” أن جزءاً كبيراً من خريجي الجامعات لم يتقدموا باتجاه وظيفة خارج محافظتهم لعدم القدرة على تأمين السكن، فغالباً يعادل الراتب أجرة غرفة واحدة في المناطق العشوائية، ما جعل الكثيرين يخسرون فرص عمل إما بسبب السكن أو أجور النقل المرتفعة.
وتضيف بأن جزءاً من ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات يؤثر أيضاً على الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي الاستقرار الاقتصادي، فلم يعد الشاب قادراً على تأمين سكن مناسب في حال فكر في الاستقرار والزواج، مشيرة إلى أن جزءاً كبيراً من سكان المدن بات يعمل في أكثر من مهنة لتأمين أجرة منزل وليس ثمنه، لافتاً إلى أهمية تفعيل دور السكن الوظيفي وسكن العمال الذي يخفف جزءاً من تكاليف المعيشة، وتقديم الدعم إلى قطاع السكن وإمكانية تأمين سكن عمالي بإيجارات معقولة تعود بالفائدة على المشاريع السكنية الحكومية وعلى المواطنين.
الثورة