بعيداً عن السياسة النقدية …. المقاربة قانونية بحتة
يوماً بعد يوم تتراجع أهمية التوثيق العقاري للبيوع العقارية. فالتوثيق العقاري لعقد البيع بما يتضمن من اجراءات حضور طرفي العقد أمام رئيس مكتب التوثيق العقاري والتحقق من الشخصية والأهلية وتدقيق وثائق العقد وتلاوة نص العقد أمام الأطراف والتوقيع على وثيقة العقد وتسجيله في سجل اليومية هو الاجراء القانوني لاكتساب الملكية شراءً حسب قانون السجل العقاري. وهو الاجراء الذي تتحقق بموجبه الاستحقاقات والواجبات والحقوق لطرفي العقد.
كل اجراء قبل عملية التوثيق هو اتفاق بين الأطراف يبقى ملزماً لهما ويجب اثباته بطرق الاثبات القانونية حسب الحال.
الاجراء الأول الذي أخل بالمركز القانوني لعملية التوثيق هو التصريح ببيع العقار لدى المالية. هذا التصريح الذي يتطلب حضور اطراف العقد والتصريح بعملية البيع مع أخذ التوقيع والبصمة. والذي أحدث لاستيفاء الضريبة العقارية. أصبح هذا التصريح بمثابة بيع حتى لو أقرت الجهة الإدارية بأنه فقط لأغراض ضريبية (لا نناقش هنا بيع الفروغ الذي هو بحد ذاته بحاجة لبحث مستفيض). وما يستدل به عن الأثر القانوني المستحدث لهذا التصريح أنه لا يمكن إبطاله إلا بحضور الأطراف ذاتها. التي وقعت عليه أو بحكم قضائي.
أضيف إلى هذا الاجراء دفع جزء من الثمن في المصرف بالتحويل من حساب المشتري لحساب البائع وأصبح إشعار الدفع أحد وثائق العقد العقاري قبل توثيقه. كَبُر هذا الجزء أو صغر والذي يمكن أن يصل في مرحلة من المراحل إلى كامل القيمة الرائجة للعقار.
حتى أن القرارات التي صدرت لاحقاً أكدت على ثبوتية البيع بتقديم التصريح حين أخضعت إلغاءه للضريبة العقارية مجدداً. بغض النظر عن الدوافع من وراء إلغائه التي أحيل إثباته إلى المحكمة المختصة.
الغاية الأساسية من التنظيم الإداري هو التخفيف من النزاعات القضائية ولكن الاجراءات التنظيمية المستحدثة بتغيير الأولويات أفسحت مجالاً أوسع لفقدان الثقة بين المتعاملين أو التلاعب أو تربّح أحد الاطراف على حساب الاخر وبالنهاية زيادة حالات اللجوء إلى المحاكم.