ابراهيم مخلص الجهني
كثر الحديث عن عودة الاستثمارات والنشاط الاقتصادي إلى سورية من جديد لاسيما بعد الانفتاح العربي على البلاد، الأمر الذي شجع المؤسسات الحكومية على إعداد خطط مواكبة المرحلة القادمة، حيث نظمت وزارة النفط هذا الأسبوع ندوة تعريفية بخامات الصناعة المتوفرة في أراضي الجمهورية العربية السورية وكان أبرزها خامات الحديد.
حيث بيّن مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجيا سمير الأسد في حديثة لصحيفة سينسيريا أن خامات الحديد موضوع قديم في سورية ليس وليد اليوم، ومنذ ثمانيات القرن الماضي عملت المؤسسة في التنقيب على امتداد ثلاث مواقع أساسية وهي الزبداني والزرداغ والقدموس وأجرت المؤسسة في ذلك الوقت دارسات اقتصادية مع عدة شركات أجنبية بولونية وبريطانية وألمانية وهندية وكانت النتائج متفاوتة حول جدوى الاستثمار، كون الخام السوري فقير ونسبة الحديد حوالي 30% وحتى ندخل هذه الصناعة يجب أن تكون النسبة أعلى من ذلك، وهذا الأمر أوقف تصنيعه في الفترة الماضية وكانت هذه الصناعة تحتاج كميات كبيرة من الفحم وأسعار الفحم كانت مرتفعة وجميع الدراسات التي اجريت في ذلك الوقت دعت للتريث بسبب التكاليف المرتفعة.
تغيرات وأولويات
وأوضح مدير الجيولوجيا أن الوضع قد تغير اليوم وعادت هذه الصناعة للواجهة في ظل تغير أسعار الفحم ودخول الغاز إلى الصناعات كونه كان غير متوفر في الحقبة الماضية، مع أن الأولوية لدينا في استخدام الغاز لمحطات توليد الكهرباء، لكن لا بد من وضع العربة على السكة، لذلك قررت المؤسسة العامة للجيولوجيا وبرعاية من وزارة النفط عقد ندوة خاصة ودعوة جميع الشركاء من وزارة الصناعة واتحاد غرف الصناعة والتجارة لمناقشة آلية العمل في المرحلة القادمة وإمكانية استثمار الحديد وهل هناك شركات قادرة على دخول هذه الصناعة.
ولفت مدير الجيولوجيا أنه بعد اطلاع الخبراء والمختصين على الدراسات الخاصة بخامات الحديد تبين أن هناك إمكانية للعمل في هذه الصناعة، لكن لا يمكن إقامتها بتمويل سوري، لأنها من الصناعات الاستراتيجية الكبيرة التي تحتاج إلى رأس مال كبير يصل إلى ٧٠٠ مليون دولار، وهذا الرقم كبير وخصوصاً في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق في توصيات الندوة على التأكيد على أن هذا المشروع يمكن إقامته بالاتفاق مع شركات عالمية صديقة بصيغة تشاركية، على أن تقدم سورية الخامات والبنية التحتية مقابل أن تحصل على الخطوط التكنولوجية والتكاليف التشغيلية على أن يتم اقتسام العائد، وهذه هي الطريقة الممكنة للاستثمار.
تصدير الخام
مشيراً إلى أن إحدى الخيارات المطروحة كان تصدير الحديد على وضعه بشكل خام لكن من خلال المشاورات خلال الندوة اتفق المشاركين على أن تصدير الخامات بهذا الشكل خاسر لأننا سنفقد القيمة المضافة ونخسر إيرادات كبيرة ومن الأفضل الانتظار بعض الوقت ريثما نجد شركاء يرغبون بالاستثمار.
وحول الكميات المتوفرة كشف مدير الجيولوجيا والثروة المعدنية أنها تفوق 300 مليون طن والمصانع الحديثة تعمل بطاقة (700- 1000) طن أي لدينا ما يكفي لخمسين عام إذا توفر شريك ممول قادر على دفع التكاليف، موضحاً أن معامل الحديد التي تعمل حالياً في سورية هي معامل تصنيع فقط تستورد كرات الحديد المصنعة وتعمل في سحبها وتختلف عن معامل الحديد الخام وتصنيعه.
وأما عن الدول التي من الممكن التعامل معها فقد أشار مدير الثروة المعدنية إلى أن أقرب الدول هي الجزائر كونها رائدة في صناعة الحديد ويمكنها مساعدتنا في هذا المجال لكن لا نعلم مدى قدرتها واستعدادها لتمويل هكذا مشاريع، مبيناً أن وزارة النفط والثروة المعدنية عرضت هذا المشروع على الجزائر خلال زيارة الوزير إليها.
وحول ما يشاع على وسائل التواصل الاجتماعي عن التقصير وعدم استغلال الثروات بشكل مجدي قال مدير الجيولوجيا: أن سورية تمتلك قدرات وخبرات كبيرة من الجيولوجيين وما ينقصها هو رأس المال، منوهاً إلى أن هذه المشاريع تطرح بشكل دائم لكن طرحها بالفترة الماضية كان غير مجدي، لأن المناخ السياسي غير ملائم أم اليوم المناخ مناسب للبحث عن شركاء استراتيجيين في ظل الانفتاح العربي، والوزارة ستطرح المشروع بالإضافة لمشاريع أخرى على جميع الدول الراغبين بالاستثمار في المرحلة القادمة.