الاقتصاد… كلمة السر في مجلس الشعب الجديد … الحاجة لتغيير آلية التفكير في مناقشة الأوضاع الاقتصادية
شعارات كثيرة تقدم بها أعضاء مجلس الشعب الذين نجحوا في الدورة الجديدة عند إعلان ترشحهم للمجلس، نسبة كبيرة منها تتعلق بتحسين الأوضاع الاقتصادية، منها ما جاء فضفاضاً ومنها ما جاء محدداً بتحسين الصناعة أو الاقتصاد الزراعي وغير ذلك، فما المطلوب اليوم من مجلس الشعب الجديد لتحقيق هذه الشعارات التي تقدّم بها الأعضاء؟ وهل هم قادرون فعلاً على ذلك؟
الخبير الاقتصادي محمد كوسا بيّن في تصريح لـ«الوطن» أن مجلس الشعب هو سلطة تشريعية ويقتصر دوره على هذا الجانب وليس له دور اقتصادي فاعل، فالحكومة هي من تدرس القوانين واحتياجات المرحلة الحالية، وما إن كانت هناك حاجة لتعديل بعض القوانين الموجودة أم إحداث نشاطات اقتصادية جديدة، فتقوم بصياغة التشريعات وتقدمها لمجلس الشعب.
الأوضاع الاقتصادية
وتابع: « للحكومة بانوراما خاصة بها عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والإجرائية وغير ذلك، ويجب أن تكون للمجلس نسخة عن هذه البانوراما عن الواقع العام وأن يرى الصورة كاملة بين ما يصله من الناس وما يُطرح في الحكومة ليكون هناك تناغم، وأن تكون اللجان المنبثقة منه لجاناً متناغمة ومتناسقة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وأن يتم تدقيق لكل القوانين والمشروعات سواء تلك الموجودة أو التي تقدمها الحكومة للمجلس، وأن تكون لدى الأعضاء إمكانية رؤية ما وراء الواقع والحصول على تفسيرات حقيقية ومنطقية من الحكومة، فإن كان يجب ألا يحصل خلاف بين الحكومة ومجلس الشعب على الغايات السامية، فيجب عندما يكون الأداء الحكومي متدنياً أن يؤدي المجلس دوره في المحاسبة».
عدة قضايا
وأشار إلى وجود عدة قضايا تحتم على أعضاء مجلس الشعب الجدد تغيير آلية التفكير فيها، إذ لا يمكن للمجلس أن يكون على الحياد في الجانب الفني لتلك القضايا، فمثلاً يجب تغيير آليات مناقشة الموازنة العامة للدولة من خلال بذل جهد أكبر لضبط مشكلة الإنفاق العام لدى الحكومة، والعمل بشكل أكثر دقة لمراقبة الأداء الاقتصادي اللاحق، كما يجب نقل صوت الشارع بالمسائل اليومية المتعلقة بالدعم وإعادة هيكلته، والاهتمام بالقضايا الجوهرية المتعلقة بالانطلاق نحو التنمية الاقتصادية أو النمو الاقتصادي الفاعل في المستقبل، متابعاً: «يجب ألا ننسى أننا على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة، لذا يجب أن يمتلك المجلس جهازاً اقتصادياً خاصاً لمراقبة كيفية العمل بمضمون الاتفاقيات الدولية والمشروعات المشتركة مع الدول الأخرى التي ستنشأ خلال الفترة القادمة، وذلك لإخراج أي اتفاق على أكمل وجه».
ورأى كوسا أن مجلس الشعب يجب أن يكون كأي مؤسسة أخرى فيه كوادر قانونية واقتصادية وفنية متخصصة لمناقشة القوانين التي تقدمها الحكومة، وذلك لتحقيق أداء اقتصادي أفضل.
أما الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش، فحاول في بداية حديثه لـ«الوطن» ذكر مهام المجلس وفق ما نص عليه الدستور، إذ تتمثل تلك المهام بإقرار القوانين ومناقشة بيان الوزارة وحجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء، وإقرار الموازنة العامة وخطط التنمية، فالوزارة تتقدم خلال 30 يوماً من تشكيلها بياناً إلى مجلس الشعب لمناقشته وتكون مسؤولة عن تنفيذ بيانها أمامه، فهنا يتولى المجلس مهام محاسبة الوزارة على تقصيرها.
الدورات الماضية
وحاول عربش تقييم عمل أعضاء مجلس الشعب في الدورات الماضية قبل ذكر ما هو مطلوب في الدورة الحالية، فرأى أنه في كل دورة يحاول المجلس نيل رضا الحكومة، فهو لم يمارس سلطته كسلطة تشريعية ولم يناقش خطط الحكومة أو يعدل عليها ويسألها على أي تقصير، متسائلاً: «لا أعرف إن كان مجلس الشعب غائباً أم مغيباً، فنحن لم يسبق ورأينا أحد أعضائه يحتك مع المواطنين ويرى طلباتهم، فهناك الكثير منهم يستغلون الحصانة وغير ذلك من الميزات التي يحصلون عليها».
وأكد أنه من خلال متابعته كل انتخابات مجلس الشعب في سورية منذ عام 1970 وحتى الدورة الماضية، لم يجد أي دور فاعل له، إذ لم يقم الأعضاء سوى مرة واحدة باستجواب 4 وزراء وحجب الثقة عنهم في ثمانينيات القرن الماضي ولم يتكرر ذلك وربما لن يعاد حسب تعبيره، معتبراً أن المجلس يأتمر بأوامر معينة ويسيّر بمضمونها.
نسبة المشاركة
ورأى عربش أن نسبة المشاركة بالانتخابات المتمثلة بـ38 بالمئة من عدد السكان تشير إلى ضعف الثقة بمجلس الشعب من المواطنين وعدم وجود قناعة لديهم بأنه يمثلهم، متسائلاً: «ما إنجازات الأعضاء على الأرض خلال الدور التشريعي الثالث؟ وماذا قدموا لخدمة الشعب؟ وما مداخلاتهم أمام الحكومة؟» مؤكداً أن كل ما ناقشوه يتعلق بزيادة الرواتب والأجور وتقليل مدة استلام أسطوانة الغاز، لكن لم يتم اقتراح أي مشروع قانون يخدم الحياة الاقتصادية في سورية.
وأكد عربش أن المرحلة الجديدة تحتاج إلى تشريعاتجديدة وإلغاء تلك المتناقضة مع بعضها بعضاً، كما يجب أن يتم إجراء إعادة نظر جوهرية وجذرية للتشريعات القديمة، وحل هذا التشنج في مفاصل الاقتصاد الوطني، ويجب أن تقر مشروعات قوانين لتحقيق المنافسة بالسوق وإطلاق الحرية للأعمال الاقتصادية
الوطن