تغيب الإحصائيات الرسمية لحجم الأضرار الحقيقية في قطاع الأعمال من منشآت صناعية ومحلات تجارية بسبب الزلزال في المناطق المنكوبة. والتي قد تكون أكبر من الأضرار التي لحقت المنازل والمدارس والمساجد وبعض المباني الحكومية.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة طرطوس الدكتور ذو الفقار عبود اعتبر ، أن الحديث عن إحصائيات كاملة حول الأضرار التي أصابت قطاع الأعمال في سورية يعد مبكراً نوعاً ما. لأن العمل لا يزال حالياً في إطار تقييم انعكاسات الزلزال على المنطقة التي ضربها. بما في ذلك حلب وحمص، وحماة واللاذقية وطرطوس. ولكن وفق المعطيات هناك خسائر مضاعفة لقطاع الأعمال وفوات للمنفعة الاقتصادية نتيجة توقف الأعمال لحوالي عشرين يوماً حتى الآن بعد الزلزال، بسبب الخشية من الهزات الارتدادية، وتوقف الخدمات وانخفاض الطلب العام. رغم أن كل ذلك لم يؤثر في حركة واتجاه الأسعار. إذ تستمر في الصعود والارتفاع رغم انكماش الطلب. كما أن سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية والذهب مستمر بالانخفاض.
قطاع الأعمال
وأشار عبود إلى أن كل الأسباب السابقة ستجعل قطاع الأعمال يعاني. إضافة إلى معاناته الطويلة منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية، والأزمة اللبنانية، وأزمة الإغلاق جراء جائحة كـوفيد-19 والأزمات الأخرى مثل ارتفاع أسعار الوقود. فحتى قبل الزلزال كان المواطن العادي من الطبقة الوسطى يعاني بصورة كبيرة في سبيل الوصول إلى الخدمات والاحتياجات الأساسية. أما الآن فقد صارت المشكلة أصعب بكثير. أي إن الأزمة باتت مزدوجة لأن هذا الزلزال جاء في خضم أزمات موجودة أصلاً مثل إصابات الكوليرا التي حدثت والشتاء القاسي والأحداث المرتبطة بهذا الشتاء مثل الأمطار الثلجية والعواصف.
وفي سياق متصل، بيّن عبود أنه على مستوى محافظة حلب التي كانت أنشط مدينة سورية في مجال الأعمال. فقد تسبب الزلزال في دمار وانهيار كبيرين في المناطق التي تحتضن المنشآت الصناعية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. على اعتبار أنها هي المناطق الأكثر تضرراً في حلب. ناهيك عن تضرر قطاع الأعمال بصورة غير مباشرة نتيجة الزلزال من خلال الضرر الواقع على البنية التحتية، مثل الطرق وشبكات الكهرباء وكذلك المستشفيات والمدارس. وهذا ما قد يرفع عجز الموازنة في سورية أكثر من العجز الحالي, وتابع: «إن الزلزال الكبير الذي شهدته سورية سيضيف آلاف المليارات من الإنفاق إلى الميزانية العامة وسيخفض النمو الاقتصادي. إذ إن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة تضاف إلى الخطط الموضوعة جراء الحرب الطويلة. وهذا ما سيلقي بظلاله على قطاع الأعمال الذي يعاني بالأساس من الخسائر. نتيجة ارتفاع أسعار النفط والإجراءات الاقتصادية الغربية والحصار الاقتصادي».
التقديرات الأولية
وكشف عبود أن التقديرات الأوليّة تشير إلى أنها ستكون كارثية بالنسبة لبلد يعاني منذ أكثر من عقد من تأثيرات الحرب والحصار الغربي الجائر الذي توضحت مفاعيله أثناء الكارثة لجهة نقص المعدات وتجهيزات مواجهة الكوارث. فمن المتوقع أن يصل التأثير الاقتصادي للزلزال في سورية لأكثر من 1.1 مليار دولار بشكل مبدئي. كما من المتوقع أن تبلغ التكلفة الاقتصادية للزلزال بشكل عام 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للفرد. وقد يستمر تأثير هذه التكلفة لمدة قد تصل إلى 8 سنوات.
الوطن