«الأبقار المستوردة» ضيفة 7 نجوم

وصف كثيرون عملية استيراد الأبقار بـ«النوعية» وخاصة في ظل الآمال المعقودة عليها لترميم الثروة الحيوانية التي استنزفت على نحو كبير من جراء الحرب القائمة وتهريبها المقصود، بشكل يؤدي حكماً إلى توافر المشتقات الحيوانية من الألبان والأجبان وانخفاض أسعارها بشكل ينعكس على جيوب المواطنين إيجاباً، لكن لضمان تحقيق هذه الغايات لا بد من توفير البنية التحتية المناسبة من المباقر المناسبة مع وضع آلية توزيع صحيحة تضمن دخول هذه الأبقار إلى الإنتاج بغية الإسراع في طرح ما تنتجه في الأسواق، إضافة إلى الاستفادة من الأبقار «الضيفة» في تحسين السلالات وترميم الثروة البقرية، التي تصب في النهاية في خدمة الفلاح وتحسين مستواه المعيشي.

أرضية مناسبة

عملية استيراد الأبقار وصفها وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس أحمد القادري بأنها نقلة غير مسبوقة وعمل تنموي ضخم قبل أن يستدرك بالقول، لكن هذا يستلزم تهيئة الأرضية المناسبة لتلك العملية، كتطوير وتحديث المباقر والمنشآت المرافقة لها وتأمين مستلزماتها العلفية والدوائية وإنشاء معامل لتصنيع المنتجات والاستفادة من مخلفاتها وثمّ تسويقها وتوفير أماكن في المباقر تتسع مبدئياً لـ1600 بقرة سيكتمل وصولها إلى المؤسسة العامة للمباقر نهاية هذا العام، بانتظار الأعداد الجديدة العام القادم والتي ينتظرها الفلاح بفارغ الصبر حسب الجهات المسؤولة عنه والتي أوصلت شغفه بالبكاكير إلى رئاسة الحكومة لتقوم بتعاقدات كبيرة وبالآلاف على هذا الأساس.

ترميم

ترميم الثروة الحيوانية من جراء النقص الكبير في أعدادها كان وراء استيراد هذه الأبقار، وهو ما يفرض وضع خطة تسويقية مناسبة تضمن توزيع وبيع القطيع الموجود من باب الحرص على تطويره ورعايته، ليكون ذلك موازياً لمسار الاستيراد، لكن أمثلة كثيرة تجعلنا نقف للحظة على وجود خطة تضمن تسويق هذه الأبقار وتوزيعها على نحو يحقق هدفها المطلوب، ولنا في التأخر في تنفيذ الاتفاق بين المؤسسة العامة للمباقر واتحاد الفلاحين حول شراء الأخير 400 بقرة من البكاكير وحتى الجيل الخامس وما فوق وبيعها للفلاحين وفق نظام الاكتتاب وبشروط وضمانات معينة مثال لا يبشر بالخير أبداً، حيث يبين وجود تخبطٍّ واضح كلف الدولة الكثير ولاسيما مع مطالبة المؤسسة العامة للمباقر اتحاد الفلاحين بضرورة الإسراع في توزيع الأبقار المتفق عليها، مع العلم أنّ عدد الأبقار التي تمّ توزيعها منذ التعميم على فروع الاتحاد وبدء الاكتتاب ورغم تمديد المدة الزمنية للتقدم لم يتجاوز الـ50 بقرة، وإذا وضعنا في الحسبان أنّ قيمة البقرة الواحدة تتراوح بين 850 ألفاً ومليون و200 ألف ومع احتساب القيمة الوسطى بين السعرين وهي «المليون» نجد أن 350 مليوناً (بقرة) مصيرهم معلق والخسارة أمرٌ وارد إن لم تتخذ إجراءات تسهّل الاكتتاب على هذه الأبقار بالنسبة للفلاح.

تجربة سابقة

تجربة اتحاد غرف الزراعة باستيراد 200 بقرة هولندية والتي أعطت ثمارها وفق محمد كشتو رئيس اتحاد غرف الزراعة بولادة ما يزيد على 200 بقرة جديدة عدا عن العجول، وبإنتاج جيد بمتوسط 9 أطنان في السنة لكل بقرة، ربما كانت سبباً في تشجيع وزارة الزراعة على الإقدام واستيراد أعدادٍ جيدة من الأبقار قد يصل عددها إلى 16 ألف بقرة لملء الفراغ الذي تركه الفقد في أعداد الأبقار بسبب الحرب والإرهاب أو التهريب الذي نتمنى أن ينتهي في القريب العاجل أو لأسباب أخرى، حسبما يقوله.

تجربة استيراد الأبقار تجربة جيدة يجب النظر إليها بإيجابياتها وسلبياتها، والتعامل أو الاستفادة من الجهة التي قامت بها، لكن كيف سيكون عليه الحال إن كانت الجهتان اللتان تتعاملان مباشرة مع الفلاح وهما اتحاد غرف الزراعة والاتحاد العام للفلاحين لا علاقة لهم بموضوع الاستيراد حسبما يقول رئيسا اتحاد الغرف الزراعية والفلاحين.

لا تأثير

بعض المهتمين اعتبر أن عملية استيراد الأبقار تؤثر في المحلية، وهو ما رفضه وزير الزراعة أحمد القادري فيقول: لا علاقة للمسارين ببعضهما، وبالنتيجة نحن يهمنا توفير المنتجات الحيوانية ومهما كثر العدد، فالأمر في مصلحة الفلاحين.

وبين أنّ عملية بيع المباقر الأبقار المحلية تأتي ضمن خطط مؤسسة المباقر القاضية ببيع جزء من البكاكير الفائضة عن خطتها الصالحة للإنتاج وبمواصفات جيدة لتحلّ محلّها المستوردة عالية الإنتاج بهدف رفع الجودة وتحسين السلالة.

سعر أغلى

وإذا ما كان السعر المعلن للفلاحين من قبل اتحاد الفلاحين كبيراً بالنسبة للبعض ومدة استيفائه القصيرة مقارنة مع السنوات الخمس الممنوحة من قبل المصرف الزراعي للمستوردة سبب رئيس آخر في الابتعاد عن شرائها، قال القادري: إنّ السعر منخفض مقارنة مع سعر البقرة المستوردة، فسعر الشراء للمستوردة بشكل نقدي تقريباً مليون و500 ألفٍ وفي حال التقسيط ومع الفوائد يصل السعر إلى ما يقارب مليون و 700 ألف، أما المحلي فالسعر لأعلى يصل لمليون و260 ألفاً، ناهيك بميزة هذه الأبقار وتأقلمها المسبق مع البيئة المحلية، ما يسهل على الفلاح التعامل معها بشكل أفضل من الأبقار المستوردة عالية الإنتاج، وعن التأخير الحاصل في توزيع الأبقار المتفق عليها قال: في تصوري أنّ لدى الاتحاد «خطة» لتوزيعها ولتاريخ 24 الشهر الحالي وزعت حوالي 43 بقرة.

أبقار الاتحاد

ورداً على رغبة اتحاد الفلاحين وفق رئيسه أحمد ابراهيم صالح ومطالبته في المجالس الفلاحية واستعداده للمشاركة في عملية الاكتتاب وتوزيع الأبقار المستوردة في المرات القادمة، أشار الوزير القادري إلى أنّ هذا الموضوع خاص بالمصرف الزراعي، مضيفاً: ليوزّعوا الأبقار التي لديهم ثمّ يفكروا في أبقار «الزراعي».

على ضوء الردّ

عباس الجلاد المدير العام لمؤسسة المباقر أوضح أنّ تبديل المؤسسة لقطيعها يأتي لتحسين سلالة الأبقار ورفع الجودة، وأنّ المؤسسة قامت بعقد اتفاقات فردية وجماعية لبيع العديد من الأبقار المنتجة والجيدة والتي تضاهي المستوردة، وتمّ تنسيق بعض الأبقار التي لم تعد صالحة للإنتاج، وعن التأخر الحاصل من قبل الاتحاد العام للفلاحين في توزيع الأبقار المتفق على شرائها أكد أنّ «المباقر» أكدت على الاتحاد ضرورة الإسراع في توزيع الأبقار التي يتمّ استلامها من مباقر حمص وجب رملة في حماة وفديو في اللاذقية، ولاسيما مع اقتراب نهاية مدة الحجر الصحي على العدد الموجود من الأبقار المستوردة واقتراب عملية التوزيع (28 أو 29 من الشهر الحالي)، مؤكداً أنّ التأخر أكثر سيخلق لهم إشكالية مؤجلاً الإجابة عن التصرف الذي يمكن اتخاذه بحق الأبقار الخاصة بالاتحاد العام للفلاحين لحين وصول الردّ على كتاب الاستعجال وعلى ضوئه ستتخذ المؤسسة قرارها.

أيَّ كفالة

اتحاد الفلاحين على لسان المدير العام أحمد صالح إبراهيم قال عن استعجال «المباقر» للاتحاد لتوزيع ما اتفق عليه من الأبقار: طلبنا من الوزارة تمديد المهلة حتى تاريخ 5/11 وأنّ الاتحاد عممّ على فروعه بقبول أيّ كفالة يقدمها الفلاح (عقار، سيارة، موظفين…) للتسهيل عليه، ولم يستبعد إمكانية إعادة النظر بمدة استيفاء السعر من الفلاح.

إنّا منتظرون

الشغل الشاغل لفترة ليست بالقريبة يبدو أنّه لن ينتهي واستيراد الأبقار سيظلّ موضوعاً شيقاً وخاصة مع الاعتمادات الكبيرة /11 ملياراً/ من أجل استيرادها لرفد المؤسسة وتجديد القطيع الموجود فيها، وها هو قد أظهر جانباً من جوانب الاستيراد ويتعلق بالإنتاج المحلي السابق بانتظار ما ستؤول إليه الامور ونتمنى أن يوزّع بشكل سريع ومفيد على الفلاحين ليستفيدوا منه أولاً مثلما استفادت عائلة طرطوسية تدّرس أبناءها شهادات عالية وبفروع جيدة طرحها رئيس الحكومة مثالاً في اجتماعه في الوزارة.

Exit mobile version