” افخاخ بلدية “

سنسيريا – كتب معد عيسى

طغى عقل الجباية على أداء البلديات وبطريقة ساهمت في تشويه المنظر العام ،وتطاولت على حقوق العامة وقتلت كل رؤية بصرية..

فالأرصفة امتلأت بالأكشاك ، والحدائق “بالكافيات”  ، والشواطىء بالخيام  و “الكافيات” المتصلة التي حالت دون وصول أي شخص للشاطىء إلا إذا دخل لهذه “الكافيات” ، وتم حرمان القاطنين في بعض المدن من إيقاف سياراتهم أمام المباني التي يمتلكونها ويدفعون ضرائب ورسوم الخدمات أمامها ، وذلك بسبب تأجير هذه الشوارع كمواقف مأجورة، وبات على أصحاب هذه المباني ان يوقفوا سياراتهم في مناطق بعيدة حتى التاسعة مساء وان يستيقظوا باكرا لإبعادها من هذه المواقف قبل أن يأتي مستأجر الشوارع..

 

ومن غير المستبعد أن يتم استثمار أشجار الشوارع في نصب أفخاخ لصيد الطيور ، والحدائق العامة متنزهات للكلاب المدللة بعد أن أخذت حيزاً من هذه الحدائق للتنزه تارة و قضاء حاجاتها أحيانا بمنظر مقرف وأصبح يشكل حالة قلق لمرتادي الحدائق.

 

 

ترك مجالس المدن والبلدات لتأمين خدماتها بتمويل ذاتي ، سيدفعها لتأجير كل شيء واستثمار ممتلكات وحقوق الناس التي يدفعون ضرائبها ، فالتمويل الذاتي للوحدات الإدارية قد يصح في المدن بنسبة معينة ، لوجود عدد كبير من المحلات التجارية والخدمية والنشاطات والمقرات والأبنية السكنية والضواحي وغير ذلك، ولكن من أين ستأتي الوحدات الإدارية في الأرياف بموارد ذاتية في ظل هذه الظروف ولا يوجد فيها أي نشاط سوى تراخيص لبناء بيوت صغيرة وكل شهر او شهرين ترخيص؟.

لا أحد ضد وجود استثمارات لتأمين موارد ذاتية ، ولكن ضمن احترام حقوق الناس والمحافظة على جمالية الشكل والالتزام بالضوابط العامة ، فلا يعقل أن نمنع الناس من ركن سياراتهم أمام بيوتهم او مقرات المنشآت والمكاتب لنؤجرها كمواقف للسيارات ، ولا يمكن أن نترك الأكشاك “والكافيات” تتمدد على الأرصفة وتغلق الطرق وتزعج الناس لساعات متأخرة ، كذلك لا يمكن قبول هذا التشويه البصري في المنظر العام، كل كشك حجم ولون مختلف عن غيره وكذلك الكافيات.

 

ابو صلاح زرع عشرين شجرة تفاح” بالحاكورة ” أمام البيت وقام بتوسيع الطريق بشكل كبير ، وعندما سأله الجيران لماذا اقتطعت نصف الحاكورة وأضفتها للطريق كان يقول ” ولك عمو بكرا بيكبر الشجر وبدها تجي الآليات لتاخد الرزق ، وين بدها توقف وتدور ” ولتغيير المناخ يبست الأشجار، ولكن عندما توفي أبو صلاح وكان العزاء في منزله ، كان هناك متسع أمام البيت لترصيف السيارات وكل من حضر ترحم على أبي صلاح لتركه هذا المتسع بجانب الطريق..

فعلى المعنيين ان يتركوا متسعا لتترحم عليهم الأجيال القادمة.

Exit mobile version