سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:
ها هو أيلول بدأ وبدأت معه معاناة الأسر حيث تواجه خلال شهر وأحد تحديات مادية تتمثل بالمدارس والمونة «المكدوس وتموين البندورة» وغيرها من السلع، والتي من شأنها أن تثقل كاهل الأسر وتجعلهم يضعون “مخططاً” استراتيجياً لهذه التحديات لمعرفة كيف يمكن تخطيها بسلام.
حالياً المستهلك يواحه مونة المكدوس، إذ اعتادت الأسرة السورية على تموين هذه المادة الغذائية في كلّ عام، وتعتبر من الوجبات الأساسية على السُفر السورية، ولكن مع الأزمة الحالية أصبحت هذه الوجبة تتقلص شيئاً فشيئاً من حيث الكمية حتى أن الكثير من الأسر وضعتها ضمن خانة “المحظورات” لأسباب مادية.
ونشرت بعض الصحف المحلية مؤخرا بأن تكلفة المكدوسة الواحدة وصل إلى نحو 100 ليرة، في حين استطعنا الحصول على الرقم الدقيق لتكلفة المكدوسة وذلك من خلال احتساب تكاليف العناصر المكونة لها.
عضو جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها بسام درويش أشار في تصريحه لـ”سينسيريا” أن تكلفة المكدوسة تصل إلى 50 ليرة دون إضافة الزيت لها، في حين تصل إلى نحو 75 ليرة مع إضافة الزيت الذي يعتبر العنصر الأكثر غلاء في مونة المكدوس.
وأشار درويش إلى أن سعر صفيحة الزيت بلغت في أسواق دمشق نحو 15 ألف ليرة وهناك أسعار أقل وذلك حسب نسب “الغش” في الزيت، مشيرا إلى أن سعر كيلو الباذنجان وصل إلى 100 ليرة وهو يحوي نحو 13 باذنجانة كحد أقصى في حين تراوح سعر كيلو الزوج ما بين 2800 إلى 3600 ليرة وذلك حسب نوعيته، في حين بلغ سعر كيلو الفليفلة ما بين 100 إلى 125 ليرة وكيلو الثوم نحو 800 ليرة.
ولفت إلى أن الإقبال على مونة المكدوس يعتبر وسط وذلك لضعف القدرة الشرائية.
“سينسيريا” حاول الوقوف على التّكلفة الواقعية لمونة المكدوس على الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد، والتي تحتاج إلى ما لا يقل عن 50 كيلو مكدوس في العام الواحد وسطياً، وبالطبع هذا الرقم يعتبر متوسطاً مقارنة مع الأعوام السابقة، إذ كانت تصل مونة الأسرة لنحو 70 كيلو مكدوس، إلا أنّ ارتفاع تكلفة المونة جعلت من الأسرة تقلّص كمية المونة.
مونة المكدوس بالأرقام
يصل سعر كيلو الباذنجان بشكل وسطي حالياً وضمن أسواق دمشق وريفها لنحو 100 ليرة، وهو يختلف من حيث النوعية ومكان الزراعة، فهناك الباذنجان الحمصي ويتراوح سعره ما بين 100 و110 ليرة، وهناك الباذنجان المزروع في الضمير ويصل سعره لنحو 90 ليرة للكيلو، ولكن لنقل وسطياً أن سعر كيلو الباذنجان هو 100 ليرة على اختلاف نوعه مع ترشحه للارتفاع مع الأيام القليلة القادمة لزيادة الطلب عليه وقلة الإنتاج الزراعي وفق الكثير من البائعين، الذين أشاروا لـ”سينسيريا”، إلى أن بداية الموسم تكون أسعار الباذنجان أرخص من وقت زيادة الطلب عليه، وبالطبع الأسرة تحتاج إلى 5000 ليرة سعر 50 كيلو باذنجان فقط، وهي تحتاج إلى 10 كليو من مكدوس الفليفلة ويصل سعر الكيلو الواحد لنحو 125 ليرة ليبلغ سعرها نحو 1250 ليرة ليصبح المجموع الكلي لمادة الباذنجان والفليلفة 6250 ليرة.
هنا نقطة البداية، أما ما بعد الباذنجان فالخطب أعظم، إذ يحتاج هذا الباذنجان إلى “الحشوة” والمكونة من الجزر والجوز والفليفلة الحمراء، وبالطبع كل شيء هيّن إلا سعر الجوز، إذ يصل سعر الجوز الأوكراني نحو 2800 ليرة للكيلو والبلدي إلى 3600 ليرة، ويحتاج كل 20 كليو مكدوس إلى كيلو ونصف من الجوز “مع التقشف في الحشوة”، بمعنى أن 60 كيلو من المكدوس يحتاج إلى نحو 4 كيلو من الجوز، وبالطبع المستهلك لن يشتري البلدي بل سيتوجه إلى الأرخص وهو الأوكراني ويصل سعر 4 كليو جوز أوكراني إلى 11200 ليرة، ليصبح مجموع سعر الباذنجان والفليفلة والجوز 16200 ليرة.
وبعد الجوز يأتي المصاب الأكبر ألا وهو الزيت.. فكل 20 كليو باذنجان يحتاج إلى 4 كيلو زيت وسطياً، وهنا تختلف الأسر في وضع الزيت فهناك بعض الأسر تضع الزيت البلدي “زيت الزيتون” وهناك من يقوم بوضع الزيت الأبيض فقط وهناك من يقوم بخلط الاثنين معا، وبالطبع يتوقف ذلك ليس وفق الأذواق ولكن وفق القدرة المالية للأسرة، فزيت الزيتون يعتبر الأغلى والزيت الأبيض هو الأرخص من حيث التكلفة، ولكن معظم الأسر تقوم بخلط النوعين معا ً أثناء مونة المكدوس، ولا يخفى على أحد أنّ سعر “صفيحة” الزيت ذات الوزن 16 كيلو يصل إلى نحو 15 آلاف ليرة، وتحتاج إلى نحو نصف تنكة زيت زيتون ونصف أخر من الزيت الأبيض ليصبح المجموع وسطياً نحو 7 آلاف ليرة زيت خاص للمكدوس، وليصبح المجموع الكلي لتكلفة مونة المكدوس نحو 23.200 ليرة، وبالطبع لا ننسى الجزر الذي يباع حالياً بـ100 ليرة للكيلو وهي تحتاج إلى نحو 4 كيلو من الجزر أي 400 كما تحتاج إلى 4 كيلو ثوم وسعر الكيلو نحو 800 ليرة ليصل أي 3200 ليرة، بمعنى أن التكلفة الكلية تصل إلى أكثر من 26800 ليرة لمونة المكدوس فقط بنوعيه الباذنجان والفليفلة، مع الإشارة إلى أن هذه التكلفة تعتبر وسطية وتقديرية.
ووفقاً للرقم السابق تصل تكلفة الكيلو الواحد لنحو 536 ليرة، ولنقل وسطياً أن الكيلو الواحد فيه نحو 7 حبات باذنجان وفليفلة لتصبح تكلفة المكدوسة الواحدة نحو 76 ليرة وسطيا.
مكدوس الكونسروة تكلف الواحدة نحو 92 ليرة وسطياً
وأكدّ أحد العاملين في معمل كونسروة للمونة الجاهزة، على أن تكلفة المكدوسة الواحدة والتي تم حسابها من قبل الشركة الخاصة التي كان يعمل بها سابقاً تصل إلى نحو 23 ليرة، وذلك قبل الأزمة التي تمر على سورية، مشيراً إلى أن تكلفة المكدوسة الجاهزة حالياً للأكل تصل إلى أربعة أضعاف الرقم السابق وذلك وفقاً لمختلف الأسعار التي تضاعفت وسطيا ًإلى ثلاثة أضعاف نتيجة تضاعف سعر الصرف، أي أن تكلفة المكدوسة حالياً تصل وسطياً إلى نحو 92 ليرة، لافتاً إلى أن هذا السعر يعتبر مبدئياً وقد يرتفع أكثر في حال زيادة الطلب أو نقص العرض في الأسواق الخاصة بالمونة.
ما نود الإشارة إليه إلى أن مونة المكدوس والتي تصل تكلفتها كما ذكرنا إلى نحو 20 ألف ليرة وبشكل وسطي مع التقشف، كانت تكلف الأسرة قبل الأزمة التي تمر على سورية نحو 5 آلاف ليرة أو يزيد قليلا، وبالطبع المونة على اختلاف أشكالها أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على الأسر، وخاصة مع اتساع الفجوة بين الدخل وبين الأسعار مما دفع العديد من الأسر إلى الابتعاد عن فكرة المونة هذا العام والذي شهد جمودا ًفي الطلب على مواد المونة مثل البازلاء والفول والبندورة وغيرها من المواد الغذائية الأخرى الأمر الذي غيّر في العادات الاستهلاكية لدى الأسر وجعلها تتبع برنامجا تقشفيا ًبحتاً للمحافظة على دخلها أمام عملقة الأسعار.