هوية مفقودة
معد عيسى
اقتصاد الدول تبنيه الشعوب بمشاركة الحكومات من خلال محاكاة الواقع. وبما يحقق مصلحة الجميع. وعندما يضيق العيش على الشعوب ويصل الى لقمة العيش. فهذا يعني أن هناك خللاً في هذه العلاقة. فإما الشعوب تتنصل من مسؤولياتها في تطبيق السياسات الحكومية. وإما السياسات الحكومية بعيدة عن الواقع.
إذاً بناء اقتصاد الشعوب يرتبط بطريقة محاكاة الواقع. سواء تعلق الأمر بظروف خارجية أم ذاتية. وفي حال الظروف الخارجية على الشعوب مؤازرة الحكومات في مواجهتها لهذه الظروف. أما في الشأن الداخلي فعلى الحكومات دراسة ردود الأفعال وصياغة الحلول الداعمة للشعوب. ولكن عندما تكون الحلول المطروحة سبباً في زيادة معاناة الشعوب فإن قراءات الحكومات تكون غير منسجمة مع الواقع ولا تخدم مصلحتها ولا مصلحة الشعوب ولا الاقتصاد الكلي المرسوم بسياسات واضحة للجميع .
إقرار التشريعات
آلاف السنين لم تجعل الماعز يقضي على غاباتنا. كما لم تكن الحراج تحترق. و الأبقار لم تكن همّاً لمربيها ، ولكن عندما تم إقرار تشريعات غير منسجمة مع الواقع مثل منع الماعز من الدخول إلى الغابات. وهي التي كانت تقوم بتنظيفها من الأعشاب وبما يمنع الحرائق. و منع المجتمعات المتداخلة مع الغابات الاستفادة منها أو الاستثمار بجوارها تحولت الغابات الى عدو لهذه المجتمعات. وعندما تم الاستغناء عن سلالات الأبقار المحلية بدل تهجينها و تم توريد أبقار من نوع الهولدشتاين والفريزن تأكل كميات كبيرة وتحتاج إلى رعاية خاصة. تحولت الأبقار إلى مشكلة للمربين وتخلوا عن تربيتها لأنهم أصبحوا بخدمتها بدل أن تخدمهم في تأمين احتياجات البيت من الحليب ومشتقاته. وهذا ما كان يعبر عنه البعض مجازاً ” بأن البقرة عمود البيت ” .
مواكبة التغيرات
مواكبة المتغيرات لا يعني الابتعاد عن الواقع ، ولا يعني تقليد الآخر. ولا يمكن بأي شكل إلغاء الخصوصية المناخية لأي منطقة. كما لا يُمكن التعامل مع الصحراء والبادية والجبال والساحل بنفس القانون .
إقرار التشريعات التي تخدم مصالح البعض ، أو إقرارها من قبل أشخاص يجهلون الخصوصية وتفاصيل القطاعات أوصلنا لحالة من فقدان الهوية في كل شيء. فابن الريف لا يُمكن أن يخطط كل تفاصيل المدينة. وابن المدينة لا يُمكن أن يُدرك خصوصية حياة الريف ، فابن المدينة يحاول أن يطبق قوانين المدينة على طبيعة مفتوحة. وابن الريف يحاول أن يجعل من المدينة ريفاً مفتوحاً. وفي هذه الحالة لم يعد الريف ريفاً ، ولا المدينة مدينة .
ابو سليمان قال :”كان عندنا ثلاث بقرات أيام زمان. وما كنا نجيب دكتور والبقرة تولد وما نعرف فيها. اليوم جبنا بقرة مستوردة ،كل شهرين بيجي الدكتور يراقبا. والله وانا من سنتين مأجل حالي من الذهاب لعند الدكتور. وعند البقرة بطاقة متلنا. وكلنا بخدمتا ما بقا ناقص غير تنزل على دفتر العيلة “.