محمد ناصر السواح يكتب عن ملتقى صناعيي الألبسة في “سمارت ديل”: ” موداتكس.. قصة صمود صناعي”
دمشق – سينسيريا:
صدر العدد الأول من جريدة “سمارت ديل” الالكترونية، وفيه أفردت الجريدة تغطية شاملة وخاصة عن معرض “موداتكس” التخصصي في عالم الصناعات النسيجية ومستلزماتها لأزياء خريف – شتاء 2015 – 2016 الذي اختتم فعالياته يوم الثلاثاء الماضي.
وكتب رئيس اتحاد المصدرين السوري محمد ناصر السواح عن المعرض في افتتاحية خص بها “سمارت ديل” يلقي فيها الضوء على صمود قطاع صناعة النسيج والعاملين فيه، لافتا إلى أن هذه الصناعة كانت أكبر المتحدين والصامدين في وجه الإرهاب الذي استهدف جزء كبير من هذا القطاع ومكوناته بعنوان “موداتكس… قصة صمود صناعي” يقول فيها:
“بعد خمس سنوات من الحرب على سورية، وما زال يتردد سؤال في ذهني، ما هو مستقبل الاقتصاد السوري، وكيف سيكون حاله بعد القضاء على آخر إرهابي دنس مقوماته وساهم بتدمير جزء كبير من مكوناته..؟
الا أخفيكم أنني لم استعجل يوما في الإجابة، حتى مع نفسي، رغم حضورها الدائم في تفاصيل فكري الاقتصادي، وبحثي الدائم في النظريات الاقتصادية عن معادلة صائبة تعيدنا إلى الوراء خمسة أو ستة أعوام لمجرد قيامنا بعملية حسابية بسيطة كانت، أم معقدة، ولكن عبث هذا البحث والتقصي، فكبار واضعي تلك النظريات استغرقوا سنوات في ترتيب الأفكار والأرقام حتى تمكنوا من بناء اقتصادات أنجبت دولا متقدمة صناعيا وتجاريا، وهي من يقود عالم المال والأعمال اليوم.
في التجربة الاقتصادية السورية، ورغم غياب الهوية عن الاقتصاد الوطني، إلا أنه كان متينا، قادرا على تحمل الصدمات، والتغييرات التي تنشأ من تحولات الاقتصاد العالمي، ودعوني أتحدث عن تجربة صناعة النسيج التي كانت العمود الفقري للصناعة قبل خمس سنوات، هذه التجربة الرائدة وضعت الصناعي السوري في الصفوف الأولى أمام منافسيه من بلدان عرفت برقيها الاقتصادي الذي كان منشأه الصناعة، فغزى المنتج الوطني أسواق العالم وأصبح مرغوبا ومطلوبا، وكل ذلك يعود إلى عوامل أولها الجودة، والدقة في التصنيع، والذوق الرفيع.
أما اليوم، فلا يمكنني التحدث عن الصناعة بلغة الأمس، ولكنني أجيد حياكة اقتصاد ممانع رغم الدمار الذي تعرضت له المنشآت الصناعية، هذا الاقتصاد ومنعته مصدرهما إرادة الصناعي السوري في البقاء والاستمرار، فمن الإنتاج في معامل بمواصفات عالمية إلى الإنتاج في ورش صغيرة وتحت أقبية لا تتوفر فيها أدنى الشروط اللازمة لحياكة قطعة قماش صغيرة.
ومع نهوض صناعة النسيج من تحت ركام وأنقاض الحرب، ومع عودة الإنتاج إلى تنفس الصعداء، كان لابد من دعم الصناعي على الاستمرار، فهو كالرجل المنهك يحتاج إلى مساعدة، وفي هذه اللحظة لم يكن مطلوبا منا أن نبحث في قواميس الاقتصاد عن مصطلحات ومفاهيم تحتاج إلى خطط وتحليلات ودراسات معمقة، فكان معرض موداتكس هو حلقة الوصل بين الصناعيين، وملتقى المنتج مع المستهلك، ونقطة الانطلاق إلى العالمية من جديد.
إن استمرار معرض موداتكس في الانعقاد وفق برنامج زمني محدد أعطاه صفة الحياة، وأعاد لصناعة النسيج رونقها، بل كان عاملا مهما في التعاضد والتكاتف بين الصناعيين، ففي المعرض ترى الصناعي الحلبي يشد على أيدي الدمشقي، وترى الصناعي الحموي حاضرا بين الاثنين، وغيرهم، وهو ما حدث فعلا في الدورة الأخيرة لأزياء خريف شتاء 2015 – 2016 حيث الجميع حضر تحت سقف واحد، ونسجوا قصة منتج سوري رفض الاندثار، وتحدى كل أشكال الدمار حتى يبقى صامدا.
قد يعتقد البعض أن موداتكس صالة للمعروضات فقط، ولا شيء يميزه عن بقية المعارض الأخرى، وخاطئ من يعتقد بذلك، لأن موداتكس حالة فريدة من العقد التجاري والصناعي، بل حمل على عاتقه مسؤليتان، اقتصادية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني وتأكيد على استمرار الصناعة الوطنية، واجتماعية برزت من خلال استمرار عمل الكثير من الأسر السورية التي تقتات منها
وفي النهاية إن معرض موداتكس ما كان لينجح لولا تضافر جهود اتحاد المصدرين والجهات الأخرى التي شاركت بإقامته، وكل من يؤمن بشعار صنع في سورية ويسعى إلى إعلائه”.