أرقام سورية

ما هو الصباغ الكرزي رقم 11؟… الكشف عن أساليب لغش اللحوم وسط غياب ملحوظ للرقابة التموينية..!!

سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:

رغم ارتفاع أسعارها كثيراٍ وتسجيلها أرقاماً لا يمكن لذوي الدخل المحدود مجابهتها، إلا أنها لم تسلم من براثن الغش والتدليس، فاللحوم الحمراء في أسواق دمشق باتت للأسف بعيدة عن الرقابة الصحية والتموينية، وانتشر الغش فيها بشكل كبير، فبات المستهلك يغبن بالسعر ويغبن أيضا بالمذاق، فاللحوم التي يشتريها على أنها لحم عواس أو لحم بقر تكون مخلوطة وربما ممزوجة بملونات صناعية ضارة جدا بالصحة، والشيء الغريب أنه رغم ارتفاع أسعار مادة اللحوم الحمراء وحتى البيضاء من فروج وسمك، إلا أنها تغش، مما يثير سؤالا: لماذا يتم غش هذه اللحوم؟ هل لتحقيق نسب أرباح أكبر لدى ضعيفي النفوس رغم مخاطر الغش الصحية، أم أصبح غش اللحوم عرفاً في أسواقنا..؟

مخالفات على “عينك يا تاجر”

محمد بسام درويش عضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك في  دمشق وريفها، ورئيس جمعية اللحامين سابقا ومتمرس في مهنة اللحوم، أوضح في تصريحه لـ”سينسيريا”، أن نسبة غش لحوم العواس في أسواق دمشق، تصل إلى نحو 20%، وتتمثل بذبح الإناث على أنها ذكور، مؤكداً أن ذلك يحدث في صالات ذبح سوق الهال بمنطقة الزبلطاني، وأنه يوجد دلائل على قوله، “صور وتسجيلات” توثق هذه المخالفات في الصالة المذكورة، ولفت إلى أن نسبة الغش في لحم العجل تصل إلى 90% في أسواق دمشق، وذلك عن طريق الخلط بينها وبين اللحوم المجمدة ولحوم الجاموس.

ويعتبر لحم الغنم الأكثر شعبية في أسواق دمشق رغم ارتفاع أسعاره حيث يتم ذبح نحو ألفي ذبيحة يومياً منها ألف خارج صالة الزبلطاني وألف أخرى داخل الصالة ذلك أن لحم الغنم يغطي 20% من حاجة سوق دمشق، وهو ما أكده درويش، كما أن هناك العديد من المخالفات ترتكب في عمليات الذبح وهي تهدد الثروة الحيوانية في سورية، مثل ذبح النعاج والفطام، فمحافظة حماة تغطي 40% من حاجة دمشق ويأتي منها نحو 10% بشكل مخالف، أي ذبح فطام ونعاج، مشيرا إلى أنه رغم المخالفة الكبيرة هذه فإنها تتم على “عينك يا تاجر” وفي وضع النهار وعلنا دون أي خوف.

ونوه إلى أن ذبح إناث العواس وتهريبها إلى لبنان وتركيا سيقضي على الثروة الحيوانية، مخالفاً آراء من يقولون بأن التصدير لا يلعب دورا سلبيا على الثروة الحيوانية، إذ وفق الإحصائيات الحكومية تم تصدير نحو 25 ألف رأس فقط منذ شهر عن طريق البحر، فالتهريب هو الخطر الأكبر على الثروة الحيوانية.

ولفت إلى أن الثروة البقرية أيضا تعرضت لاستنزاف كبير حيث كان يتواجد 60% منها في دوما ولكن نتيجة الأزمة ذهب 90% منها والأمر أيضا ينطبق على محافظة دير الزور، فمتى كان يسجل الكيلو الحي من لحم العجل سعرا وصل إلى ألف ليرة في حين يصل سعر كيلو لحم الغنم الحي إلى 700 ليرة؟ ومتى كان سعر البقرة يتراوح ما بين 500 إلى 600 ألف ليرة ليتم أخذها إلى المذبح لتذبح؟.

لا رقابة على الذبح

وأكد على أنه لا يوجد مراقبة على الذبح وخاصة مراقبة بيطرية حيث يتم ختم الأبقار بختم العجل ويتم ذبح عجل و10 بقرات ويتم خلطها ببعضها البعض ويتم إرفاق الأعضاء الذكرية بالإناث حتى في صالة الذبح بالزبلطاني يتم ذبح الإناث.
ونوه إلى أنه خلال عيد الأضحى تم ذبح نحو 60 ألف راس أضاحي، وهو يشكل ضعف العدد مقارنة مع العام الماضي رغم ارتفاع سعر العواس مشيرا إلى أن الأضاحي لم تخفض سعر اللحوم حيث زاد الطلب على العواس، لافتا إلى أن سعر كيلو اللحوم حاليا يصل إلى 900 ليرة للحي، واللحم الهبرة دون قشرة يتراوح ما بين 2400 إلى 2500 ليرة واللحم المقشور يصل إلى 2800 ليرة.

ولفت إلى أن لحم الجاموس أصبح يغطي الطلب على اللحوم في أسواق دمشق أكثر في ظل ظروف الأسعار حاليا، حيث تم استيراده بتاريخ 5/9/ 2007 لضبط المخالفات التي كانت ترتكب في أسواق دمشق، حيث تم ضبط نحو 100 محل مخالف سابقا يبيعون هذه اللحوم، وكانت تأتي تهريبا، وكان معظمها منتهي الصلاحية لذلك سمح باستيراد هذه المادة لكي تأتي سليمة إلى أسواقنا، لافتا إلى أن استهلاك أسواق دمشق من هذا النوع يصل إلى أكثر من 20 طن شهريا.

ولفت إلى أن لحم الجاموس أيضا شهدت أسعاره ارتفاعا فكان سابقا بـ120 ليرة وحاليا أصبح بـ1300 ليرة للكيلو، برأسماله طبعا، ويصل الكيلو أيضا إلى 1800 ليرة وهو يغطي نحو 70% من حاجة السوق وأدى إلى استقرار سعر اللية حيث زاد الطلب عليها.

صباغ كرزي رقم 11!!!

ولفت إلى أن لحم الجاموس أيضا يتم خلطه بلحم الدجاج “شرحات الدجاج” لكي لا يغمق لونه كما يتم ملئ رئة العجل بالماء ويتم تجميدها بالثلاجات ومن ثم يقومون بفرمها مع العروق أو إضافة صباغ كرزي رقم 11 وهو صناعي ليمنح اللحوم لونا أحمرا أو يتم خلط الرئة بالكبد وفرمها، واكبر دليل على ذلك أن كيلو اللحم المفرومة في باب سريجة يصل سعره إلى 400 ليرة فقط!، كما يخشى من لحوم الجاموس أن تنتهي صلاحيتها حيث تصل نسبة الغش في هذا النوع من اللحوم إلى 10% في أسواقنا.

وأشار دوريش إلى أن حالات الغش في أسواق دمشق بالنسبة للحوم منتشرة، ولفت إلى أنه تم اخبار الجهات الرقابية على ذلك، حيث يمرون مرور الكرام  سواء المحافظة أو وزارة التجارة الداخلية، لكن لم يكن هناك أي تجاوب حيال هذا الأمر، لافتاً إلى أنه لا توجد أي جولات لمديريات الصحة على أسواق اللحوم، والدليل على ذلك أنه لا يوجد أي تسجيل لأي جولات يتم إجرائها على الأسواق، فلا يوجد أطباء بيطريين يقومون بجولات رقابة على الأسواق ومديرية الشؤون الصحية تملك أطباء بيطريين فلماذا لا تخرجهم إلى الأسواق لإجراء جولات عليها لا أن يقتصر عملهم على المسلخ فقط، فهل عجزت المحافظة أن تتعاقد مع أطباء بيطريين لضمان سلامة اللحوم وغيرها من المواد الغذائية في أسواقنا؟ يسأل دوريش.

ونوه إلى أنه يوجد ذبح في المحلات حاليا نتيجة بعض الأوضاع الأمنية التي تشهدها المناطق القريبة من صالة الزبلطاني.

حتى الأسماك تغش بالماء

وعن لحم الأسماك لفت دوريش إلى أن معظم الأسماك في أسواقنا مجمدة ولونها زهري أما القديم فيأتي تهريبا من لبنان ولونها غامق وهو منتهي الصلاحية، ومن المتعارف عالميا أن نسبة المياه المجمدة يجب أن تكون 20% في سمك الهامور إلا أنها تصل في أسواقنا إلى 60%، أي أن 60% من سمكة الهامور هي ماء مجمد وهذا نوع من الغش أيضا ويصل سعرها نحو 600 ليرة للكيلو.

ونوه إلى أن يجب على المستهلك أن يكون رقيبا ولكنه للأسف لم يجد أي جدوى من شكاويه المتتالية حيال هذا الأمر، مشيرا إلى أن انتشار الغش هي مسألة ضمير فلا رقابة على الضمير.

وبالنسبة للحم الفروج أوضح درويش أن أسعار الفروج بلغت في أسواقنا “فروج حي475 ليرة للكيلو والفروج المذبوح675 ليرة والسودة بـ900 ليرة والشرحات بلغت نحو 1400 ليرة ودبوس الفروج بـ750 ليرة والوردة بـ800 ليرة والكستا بـ825 ليرة والجوانح بـ475 ليرة”.

هل هانت صحة المواطن على الجهات الرقابية؟

نهاية القول: لا بد من التأكيد على قيام الجهات الرقابية بإجراء جولات صارمة على اسواق اللحوم وعلى صالة الذبح في الزبلطاني بشكل يومي وتفريغ أطباء بيطريين يرافقون الجهات الرقابية على الأسواق للكشف عن اللحوم ومدى سلامتها، فهل هانت صحة المواطن على الجهات الرقابية؟ وأين هي حماية المستهلك من حمايته من هذا الغش الواضح في أسواقنا؟.

اظهر المزيد