قرارات أنهكت قطاع المقاولات.. النقابة تراسل والحكومة تماطل ولا شيء تغير..!!
سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:
يعتبر قطاع المقاولات في مقدمة القطاعات الهامة في معظم بلدان العالم وذلك لما له من دور ريادي ، ويعتبر هو اللاعب الأوحد من الناحية العمرانية والخدماتية في المجالات المتعددة، ومن هذه البلدان بلدنا سورية الذي امتلك النهضة العمرانية المتميزة في زمن ما بعد الاستقلال.
وحول وضع قطاع المقاولات حاليا في سورية، أوضح مدير مؤسسة الأمة للتجارة والتعهدات الدكتور نظمت عباس في لقاء مع “سينسيريا” أنه وبعد أقل من عقد زمني أي في خمسينات القرن الماضي تم إحداث نقابة للمقاولين بدمشق يعمل أعضاؤها في مجال البناء وغيره من الخدمات التي كانت تتطلبها مرحلة التأسيس والنهوض، ومن ثم تعددت النقابات بالمحافظات الأخرى، وكانت تتبع لما يسمى بالاتحاد العام للمقاولين السوريين، وأخير أصدر قانون نقابة مقاولي الإنشاءات في سورية مقرها دمشق ويتبع لها أربعة عشر فرعا تسمى بـ”فرع نقابة مقاولي الإنشاءات بمحافظة .. . ” ومما لاشك فيه لقد قام أعضاء نقابة “المقاولين” على العموم بدورهم الفعال بكل مرحلة وبحسب المستطاع، من تأمين، وتقديم، وتنفيذ أعمال وخدمات غطت مساحة سورية، وذلك لدى الجهات الرسمية والحكومية.
البطة البيضاء والبطة السوداء
وبالإضافة إلى الأعمال العمرانية السكنية ومنها التجارية والصناعية، لقد مرّ قطاع المقاولات بفترات زمنية عصيبة، من أسبابها القرارات التي صدرت ومازالت مستمرة، والمتعلقة بالمهنة وعملها، ومن إحداث شركات ومؤسسات إنشاءات عامة، هذه الشركات والمؤسسات سيطرت على معظم ساحات العمل، واستقطبت عمالا وموظفين كثر، وفي أغلب الأحيان لم تكن الحاجة إليهم هي السبب في تعيينهم إنما أسلوب التشغيل للكوادر “وهذا ما سبب ترهلا سريعا في تلك الشركات والمؤسسات” والتي قامت بأعمال شتى وبنت صروحا يباهى بها وإن كانت التكلفة عالية وبأزمان زادت عن التقدير أحيانا وتضاعفت في كثير من الأحيان، وهذا ماساهم بإضعافها ، بدل أن تزدهر مستفيدة مما لديها من إمكانيات بشرية وما نالته من دعم حكومي، ولكنه تعذر عليها الصمود والاستمرار مما جعل بعضا من أسمائها يختفي، وتقرر اندماج بعضها مع بعض، ولكن لم تتغير الطريقة التي اعتادت عليها من الحكومة “بالتعاقد والتشغيل” من عقود بالتراضي وبالأسعار المضاعفة ” فهي بنت البطة البيضة” وهذا يعني أن هناك أبناء “للبطة السودة”، وهم أعضاء نقابة مقاولي الإنشاءات ” قطاع خاص” وكم من قول سمعته عبر حوارات أو تعليقات ” يا أخي هدول شركات قطاع عام عندهم موظفين ما فينا نعاملن متل متعهدي القطاع الخاص”.
إذا الأمر مختلف ما بين ما هو فوق الطاولة وتحتها، فإذا كان الهدف إعطاء راتب للموظف فهذا حق له ولا منة فيه من أحد عليه فيجب أن يتقاضاه بكل الأحوال، بعيدا عن العمل، وأن تكون عائدات عمل تلك الشركات ملكا ورافدا للخزينة بدلا من تحميلها عبء العمل من الرواتب والآليات والأدوات وكافة المستلزمات بسبب مخرجات القرارات الإدارية التي تصدر عن تلك الشركات والمؤسسات والحكومة التي تلتزم أخيرا بالسداد التام “يجب أن تبنى هذه المؤسسات والشركات من جديد بقانون شامل يريح الخزينة العامة من أعبائها التي أرهقتها زمنا مستمرا”.
مثال عن عمل شركات القطاع العام
ولنلقي الضوء بمثل بسيط عن عمل شركات ومؤسسات القطاع العام في بعض الحالات: سبق أن حكم التجاور في مواقع عمل بمشروع سكني كبير وصدف لأهميته بذاك الزمن أن كان التعاقد عن طريق المناقصة للقطاعين العام والخاص وبالتالي كانت أسعار عقودنا واحدة يفرق السعر ” بالضم أو التنزيل” جملة يفهمها أصحاب الاختصاص، فكان سعر مادة الدهان “وجهين معجونه و وجهين طرش بلاستيك” بسعر المتر 30 ل. س كانت تدفع تلك المؤسسة أجار يد عاملة 63 ل.س ” كونها تنفذ معظم أعمالها بطريقة العقود الثانوية” فتكون خسارتها تتمثل في البند 33 ليرة + ثمن مادة المعجونة والدهان + الهوالك + الأرباح المقدرة + الضرائب فقط أي بمجموع خسارة يساوي 250% من السعر العقدي !!!.
ومن الطبيعي تم إعطاء المؤسسة المتعهدة التعويضات كاملة بالرغم من تأخر التنفيذ 7 سنوات، فلن أخوض في التفاصيل، سبق أن ذكرتها مرارا بلقاءات وحوارات ومراسلات، وأما مؤسسات القطاع الخاص تم التعامل معها بطريقة مختلفة، وعلى سبيل المثال حتى زيادات أسعار الأسمنت لم نحصل عليها إلا عن طريق القضاء وبعد 8 سنوات من التقاضي مع أن الزيادة كانت بفعل الأمير، إلا لعدد قليل من المقاولين فقد تم منحهم زيادات الأسعار بنفس الوقت “مع أنّ القانون واحد والتعامل به متعدد الحالات وبحسب الأشخاص”.
ومن الجدير ذكره أنّ نسبة ما تنفذه شركات ومؤسسات القطاع العام الإنشائي من خطة عمل الحكومة هو 22% بالرغم الدعم الذي تقدمه الحكومة من إعفاءات وزيادات والصفح عن المدد الزمنية، وأما نسبة ما تنفذه مؤسسات القطاع الخاص “المقاولين” من خطة عمل الحكومة هو 78% كما هو مبين في كتاب وزارة الإسكان والتعمير رقم 5539 تاريخ 29/6/2011، مع العلم أن القانون رقم 51 لعام 2004 نظم عمل وتأمين حاجيات وأعمال الجهات العامة ودون تمييز بين مؤسسات عامة ومؤسسات خاصة.
العمل وفق مزاجيات من يتشدقون بالقانون
وبإحدى اللقاءات عن طريق الصدفة كان الحديث عن وضع المقاولات تلقيت جوابا من أحد الخبراء الذين شاركوا بوضع دليل الأسعار بحسب ما قال، والذي صدر عن وزارة الإسكان والتعمير ” إذ قال بالحرف: والله نحنا وقت اللي حطينا دليل الأسعار كنا بنقصد بهذا السعر لشركات القطاع العام !!. فسألت الخبير مستفسرا وطبعا أعلم الجواب هل كتبتم هذا الدليل خاص بشركات ومؤسسات القطاع العام ؟ فكان الجواب : طبعا لا ما أحلانا نكتب هيك، فحزنت على حال القانون بيننا والذي أوصلناه لحالة اليأس”.
اذٱ نحن نعمل وفق مزاجيات أشخاص يتشدقون بالقانون ويعارضونه كيف يرتؤون ، ومن هنا لقد بئتم بالخسران أيّها المقاولين من القطاع الخاص فالعبرة ليست بالإنجاز بل بالتبعية .
وعودٱ على بدء ليس من حاجة إلى توضيح ما وصلت إليه الحالة العامة في سورية نتيجة التخريب الذي قامت به العصابات المجرمة “التخريب الشامل الذي أصاب الوطن قد أصاب كل فرد فيه” هكذا قال السيد الرئيس بشار الأسد، ومما لا يقبل الجدل أن المقاول هو فرد من هذا الوطن تأثر عمله بسبب الأزمة كغيره من أبناء سوريه وقد يكون بأضعاف أو بآلاف المرات بحسب الحال فما كان رد فعل الحكومة ؟؟ وبإيجاز أقول:
كادت الأزمة أن تستهلك من عمرنا خمسة أعوام وآمل أن لا يزيد زمن استهلاك أبنائنا وأموالنا ومواردنا أكثر من ذلك، فكان رد فعل الحكومة على ما سببته الأزمة للمقاول إنها أبقت الأمور على حالها وكأن شيئا لم يكن، ولم تستطيع كل محاولات المقاولين “وإن كانت ضحلة” أن تفعل شيئا سوى رفع الكتب التي لم تنال المطلوب، ولم تنه الحالة التعاقدية وبقي ارتباط المتعاقد بعقده وكأنه سببا في إيقاف العمل أو تدميره، فلم يتم فسخ العقود، رغم هذه الظروف القاهرة “وبسبب من أصحاب القرارات الساحرة !” وبالتالي استمرت الخسائر متوالية بالإضافة إلى تدمير المشاريع وسرقاتها و . . . و . مازالت الكفالات تمدد ويدفع المقاولين المليارات سنويا للمصارف ، وحجز التوقيفات وكافة الحقوق متوقفة.
مع العلم أنّه تم تشكيل لجنة بموجب القرار 780 بعد العام الثاني للأزمة لدراسة فسخ العقود وإلغاء قرارات سحب الأعمال والتنفيذ على حساب المقاول، وخلصت اللجنة إلى مشروع قرار نال موافقة لجنة الخدمات ومباركة رئيس الوزراء وتم تكليف وزارة الأشغال بإعداد الصك اللازم إلا إنّه توقف بسبب عداء شخصي من أحد الوزراء والبعض الآخر من المتنفذين مع صاحب مؤسسة خاصة ، ولم يبصر النور ذاك القرار حتى يومنا الذي نكتب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لقد بزت الحكومة بقراراتها “ما فعلته الأزمة” التي أحالت العاملين بقطاع المقاولات على التقاعد المبكر حيث أصدرت القرار 3966 تاريخ22/3/2011 والذي يتضمن الطلب من كافة الجهات العامة ومن لجنة إعادة الإعمار “تلزيم كافة مشاريعها لشركات ومؤسسات الإنشاءات العامة عن طريق عقود بالتراضي أو إستدراج عروض فيما بينهما” والكتاب 4461 تاريخ18/3/2015 ولقد سبق ذلك قرارا تضمن تلزيم أي مشروع تبلغ قيمته 50 مليون ل . س للجهات العامة !!!! وذلك وفق كتاب وزارة الإسكان رقم 5539 المذكور سابقا مع العلم أنه لا يحق للمؤسسات الخاصة المصنفة بدرجة ممتازة التقدم لمناقصة أقل من 50 مليون ومن المعلوم أن شركات ومؤسسات الإنشاءات العامة تنفذ أعمالها عن طريق عقود ثانوية بالرغم من قرار رئاسة الوزراء رقم3191 تاريخ 2/3/2011 والذي حدد لهذه الجهات تنفيذ 15% فقط من أعمالها عن طريق العقود الثانوية .
وأما نقابة مقاولي الإنشاءات لم يذكرها أحد ، ولقد قامت بعض الجهات بسحب وسرقة أعمال ومواد بعض العاملين بهذه الفعالية الوطنية وأعتبر ذلك من قبل الحكومة عملا وطنيا بامتياز ، وبقي الوضع على حاله المتردي مع كافة العاملين بهذا القطاع إلا بعض الأفراد من ضمن عدد عشرات ألوف المقاولين .
كما أن يد الحكومة تسيطر على مرجعيات حل النزاعات “القضاء” وتتخمه بالقرارات التي تطالب بإعطاء الحق للمقاول بأسرع ما يمكن ، لكنها لا تتابع تنفيذ قراراتها ومدى تجاوب الجهات العامة معها، بل على العكس من ذلك فهي لا تبخل بالتوجيهات التي تخالف ما تظهره في قراراتها التي تدل على أنها تريد القضاء على هذه الفعالية قضاء تاما…فاعلم أيها المتسائل بأن دنيانا وكل من عليها زائل فلذلك وبدون طائل “نقابتنا تراسل والحكومة تماطل”.