فساد في ألبان حمص وتجاوزات كبيرة في إحدى شركات النسيج ومليارات في الإسمنت … وزير الاقتصاد : تحقيقات الجهاز مستمرة وستتوسع في ضوء المخالفات المكتشفة
علم من مصادر مطلعة أن وزارة الصناعة والجهاز المركزي للرقابة المالية قد بدؤوا تحقيقات موسعة في مخالفات متعددة ارتكبت في عدد من الجهات التابعة للوزارة. تأتي هذه التحقيقات في ظل معلومات تفيد بأن إدارة شركة ألبان حمص قامت بإبرام عقود لتوريد مادتي الزبدة البقرية والحليب المجفف للعامين 2023 و2024 بأسعار مرتفعة للغاية. حيث أظهر التدقيق الأولي وجود تفاوت غير مبرر في الأسعار لكلا المادتين، مما استدعى التحقيق والمتابعة.
وأوضحت المصادر أن وزارة الصناعة قامت بتحويل الموضوع إلى الجهاز المركزي للرقابة المالية للتحقق من المعلومات الواردة وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين. وتشير المعلومات إلى أن الجهاز المركزي للرقابة المالية قد بدأ تحقيقاته بشأن الموردين والمتعاقدين مع شركة ألبان حمص، حيث تم تأمين مادة الحليب المجفف (بودرة) بأسعار مضاعفة عن الأسعار الرائجة، مما أدى إلى أثر مالي تجاوز «7 مليارات ليرة سورية».
القضاء المختص
ونتيجة لهذه التحقيقات، أُحيل الموردون المتعاقدون مع شركة ألبان حمص إلى القضاء المختص، وتم إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لضمان سداد المبالغ المطلوبة، كما تبين من التحقيقات عدد من المخالفات الأخرى الجاري التقصي بها.
وفي سياق متصل، تكشف معلومات عن ضبط الوزارة لمخالفات في إحدى شركات النسيج التابعة بلغت مئات ملايين الليرات السورية. كما تؤكد المعلومات بدء عمليات التدقيق في أكثر من معمل في شركة الاسمنت، وسط توقعات بمخالفات قد تصل إلى المليارات.
كما تشير المعلومات إلى الإعداد للبدء في التحقيق في واقع الشركة العامة للكابلات، والتي على ما يبدو جاء قرار رئيس مجلس الوزراء رئيس محمد الجلالي بإلغاء تكليف مدير عام الشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق بناء على مقترح وزارة الصناعة، وذلك بسبب ضعف الأداء، في هذا السياق.
مخالفات جسيمة
وعلى خلفية ضبط مخالفات جسيمة في مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية لجهة التلاعب في نتائج التحاليل ومنح موافقات لعينات أدت إلى طرح منتجات في الأسواق من دون خضوعها للاختبارات المطلوبة، بالإضافة إلى إخراج العينات التي تم تسليمها للمركز وبيعها في السوق المحلية وكذلك تلاعب بالمستندات.
ونتيجة لإهمال الإدارة، أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بإلغاء تكليف مدير عام مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية، بسبب ضعف الأداء، كما أصدر وزير الصناعة محمد سامر الخليل قرارًا بإعفاء كل من معاون المدير العام ومديرية الصناعات الهندسية ورئيس دائرة الاسمنت ومواد البناء ورئيس الديوان العام بالمركز كإجراء أولي، وقام بإحالة كافة المخالفات المرتكبة إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش للتحقيق وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين حفاظًا على المال.
إعفاءات وتغريم
علماً أن كل التحقيقات والمتابعة في جميع الجهات أدت إلى إصدار قرارات إعفاءات وتغريم بحق المخالفين والمتواطئين. وزير الصناعة، محمد سامر الخليل اكتفى لدى السؤال بالتأكيد في تصريح لـ«الوطن» بأن التحقيقات التي يجريها الجهاز المركزي للرقابة المالية مستمرة إضافة إلى ملفات أخرى جاري التحقيق بها لدى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وأنها ستتوسع نتيجة ما تم الكشف عنه من قضايا وارتكابات إضافية.
يجدر الإشارة إلى أن عدداً من الشركات التي تم ضبط المخالفات فيها تعتبر من الشركات الرابحة غير الكثيرة في وزارة الصناعة. ومن هنا، يطرح تساؤل مهم: إذا كان هذا هو حال الشركات الرابحة، فما هو حجم الفساد المرتكب في الشركات الخاسرة؟ هذا السؤال يظل عالقًا في الأذهان، مما يثير القلق حول الوضع العام للشفافية والنزاهة في القطاع الصناعي. ومدى نجاح الآليات المتبعة في إدارة مكونات هذا القطاع، لتفتح هذه التحقيقات أبوابًا واسعة لمناقشة الطريقة الأكثر جدوى في إدارة المؤسسات الحكومية بما يضمن حماية المال العام ومكافحة الفساد الذي يهدد استقرار الاقتصاد الوطني.
الوطن