على طريق الربط الشبكي.. الإدارة الضريبية تتجه نحو تخفيض نسب الأرباح المعتمدة للتكليف.. وقطاع الأعمال متفائل
ناقشت الإدارة الضريبية مؤخراً تعديل نسب الربح مع ممثلي المكلفين الملزمين بالربط الإلكتروني الضريبي في أكثر من اجتماع.
وهذه المرة سارت النقاشات باتجاه مطالبة الممثلين بتخفيض نسبة الربح لكل مهنة من المهن عن النسب المطبقة حالياً، ربما لأسباب تتعلق بحالة اللااستقرار في الاقتصاد السائدة اليوم، ومتغيرات السوق، أو ربما لأسباب أخرى تتعلق بتجاوز بعض العثرات التي تعترض مشروع الربط.
منافسة ضريبية
بعض الممثلين رأوا أن الاجتماعات مع الإدارة الضريبية كانت متفائلة لجهة اعتماد نسب ربح مقبولة، وهو ما أكده ياسر أكريم عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق عندما قال: لقد طالبنا كممثلين عن الوسط التجاري بتخفيض نسبة الربح لتصبح 22% بدلاً من 28%، إذ يجب ألا نكون منافسين في تجارتنا وصناعاتنا فقط، بل يجب أن نكون منافسين في الضريبة حتى نجذب الاستثمارات الخارجية ورؤوس الأموال.
كما تم طرح مسألة النفقات والتكاليف التي يتحملها المكلف لتأمين بعض مستلزمات نشاطه من السوق السوداء، كحوامل الطاقة وأجور النقل وغيرها، وكانت المفاجأة وفقاً لأكريم أن الإدارة الضريبية أبدت موافقتها على الأخذ بها، مع العلم أن هذه النفقات لا تقبلها الدوائر المالية إلا إذا كانت موثقة بفواتير وحسب الأسعار المحددة من الجهات صاحبة العلاقة.
أبدت تجاوباً
ويؤيده في الرأي أيضاً معظم ممثلي المكلفين الذين حضروا الاجتماعات مع الإدارة الضريبية، ومنهم نقيب الأطباء الدكتور غسان فندي، الذي أكد أن الاجتماعات كانت إيجابية، وقد طالبنا بتخفيض النسبة المعمول بها حالياً لتصبح 20- 25% بدلاً من 45%، ذلك أن كلف التشغيل أصبحت مرتفعة جداً، لافتاً إلى أن الإدارة الضريبية أبدت تجاوباً وما زالت النسب التي طرحت خلال الاجتماعات قيد الدراسة.
الحد من تدخل عنصر «المالية»
ووفقاً للدكتور فندي فإنّ النقابة ركزت في طروحاتها ومطالباتها على الوصول إلى ضريبة عادلة ومُرضية والحد قدر الإمكان من تدخل عنصر المالية، فالظروف التي تمر بها البلاد ليست مستقرة، وإن بقيت النسب على حالها فإنّ ذلك سينعكس سلباً على القطاع الطبي وعلى المواطنين أيضاً.
وبرأي عضو لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس الشعب زهير تيناوي، يعد الربط الشبكي إحدى خطوات الإصلاح الضريبي، وهناك جهود تبذل من أجل إنجاح هذا المشروع، لكن يبقى السؤال: هل يهدف الربط للوصول إلى معلومات حقيقية عن المكلفين الملزمين به، أم رغبة من الإدارة الضريبية في فرض ضريبة عادلة ترضي جميع الأطراف بالاعتماد على ما تحصل عليه من بيانات عن نشاط المكلفين؟.
تساؤل مشروع
من جهة أخرى يتساءل تيناوي: كيف ستأخذ الإدارة الضريبية بالبيانات التي سيقدمها المكلفون والخاصة بالنفقات والتكاليف والأعباء التي يتحملونها، وهي في الغالب تعكس مصروفات تأمين بعض مستلزمات أنشطتهم بالسعر الحر؟ هل يمكن للإدارة الضريبية أن تعتمد هذه النفقات، وإذا كان الجواب نعم، فكيف سيتم قبولها، وعلى أي أساس ما دامت مغايرة تماماً للأسعار الرسمية المحددة من بعض الجهات المعنية، كحوامل الطاقة وأجور النقل وغيرها؟ وهل ستقبل الإدارة الضريبية بهذه البيانات موثقة بفواتير نظامية؟.
وباعتقاد تيناوي أن تلك النفقات لها تأثير كبير في نشاط المكلفين، وكيفية التعامل معها هو إحدى ثغرات الربط الإلكتروني.
اقتصاد غير مستقر
ويعود ممثل الوسط التجاري ليؤكد أيضاً أن الربط الشبكي مشروع مهم، ويمثل نهاية التطور الضريبي، لكنه يحتاج إلى اقتصاد مستقر بجميع مكوناته، من سعر صرف، وتكاليف وجمارك مستقرة، وغيرها، أما في حالة اقتصادنا اليوم فمهما يكن البرنامج المحاسبي متطوراً وعالمياً، فإن انطلاق البرمجة من ظروف خاطئة سيعطي نتيجة خاطئة حتماً، ناهيك بأن متوسط الرواتب اليوم لا يتجاوز 16 دولاراً، لذلك يجب تخفيض الضريبة بما يتناسب مع الرواتب والأجور.
مفعول عكسي
واذا كان الهدف من الربط الشبكي بين المكلف والإدارة الضريبية الوصول إلى رقم المبيعات الفعلي، ورقم العمل والإيراد الكلي، فإنه، حسب رأي الخبير الضريبي بشار الأبرش، عندما يتم طرح النفقات وتخفيض نسب الربح فهذا يعني عدم تحقق الهدف من الربط، لأنه عندما نرفع الإيراد ونخفض نسبة الربح فكأننا تسببنا بمفعول عكسي، فعلى سبيل المثال عندما يكون لديك إيراد 100 مليون ونسبة الربح 14%، فهذا يعني أن الربح سيكون 14 مليوناً، وكذلك إذا خفضنا النسبة إلى 8% فسيكون الربح 8 ملايين فقط.
إعادة الثقة
ويعتقد الخبير الضريبي أن تعديل نسب الأرباح باتجاه التخفيض هو محاولة لإعادة الثقة الداخلية بين المكلف والدوائر المالية، مشككاً بهذا الأمر، لأن مراقب التكليف الذي يمتلك لقب ملك الإضبارة، وبغضّ النظر عن الربط الشبكي باستطاعته تعديل نسبة الربح في أي وقت يشاء من خلال قبول نفقات المكلف التي كان يرفضها.
تشرين