صناعي مقاوم وصناعة لن تندثر
أكرم قتوت – صناعي
لم يعد مجدياً اليوم وبعد خمس سنوات من الحرب الكونية على سورية أن نتحدث عن واقع الصناعة الوطنية، وكيف صمدت في وجه أعتى الحروب ضراوة على مر التاريخ، وكيف تحملت أوزار هذه الحرب الضروس التي كادت أن تدمر كل شيء لولا الصمود الشعبي بقيادة الجيش العربي السوري.
والصناعة الوطنية اليوم إذا كانت تتنفس الصعداء فهذا الأمر بفضل الصناعي السوري الذي يمتلك إرادة البقاء والعمل، فطاقته لم تنهار أمام ضربات الأعداء، ولم يفقد حسه الوطني في الوقوف إلى جانب شعبه، بل كان دائماً الواقف على قدميه رغم تعرضه للكثير من الضربات الموجعة، صحيح أنه فقد جزء كبير من ماله، وآلاته، ومنشآته، إلا أن هذا الأمر قوى عزيمته للاستمرار والإنتاج حتى في ظروف قاسية اضطر خلالها إلى تدوير ما تبقى من مكناته في ورش صغيرة تفتقر إلى الشروط التي تساعده على الإنتاج كما في السابق، ورغم ذلك ما زال الصناعي السوري ينتج ويسوق إنتاجه بأرخص الأسعار، وما زال منتجه مرغوب في أرقى الدول المتقدمة صناعياً..
نحن اليوم كمصنعين لألبسة الأطفال، وهي إحدى الصناعات التي تشتهر بها سورية، تمكنا من إعادة إطلاق صناعتنا لتغزو الأسواق الخارجية، وتمكنا أيضاً من مواصلة نشاطنا كما في السابق وفق برنامج زمني بفضل كل الجهود التي قدمتها جهات عدة وأولها اتحاد المصدرين عبر لجنة قطاع صناعة الألبسة التي هي جزء من صناعة النسيج السوري، وليس خافياً ذلك المجهود الذي يقوم به الاتحاد من أجل التأثير على الوضع الاقتصادي في البلاد ودفعه نحو النمو والتطور وترميم ما أصابه من انتكاسات الحرب التي تشن على سورية، وهذا المجهود بدأ بفضل التكامل بين الصناعي والاتحاد، والذي ترجم في نهاية المطاف إلى تأمين متطلبات النهوض بالصناعة بدءاً من الدعم في المشاركة بالمعارض الخارجية والداخلية، وانتهاءً بجلب الزبون.
إن سياسة الحكومة الرامية إلى الانفتاح على القطاع الخاص وتوجهها نحو التشاركية في العمل هو من ساهم في تحقيق العديد من النجاحات الاقتصادية في الآونة الأخيرة، وهذا ما جعل العالم اليوم مندهش وربما أصابته حالة من الاستغراب من قدرة الصناعي السوري على المقاومة والوقوف رغم وضع العديد من القيود الاقتصادية على حركة التجارة الخارجية لسورية، نعم إن الصناعي السوري بشكل عام وصناعي ألبسة الأطفال بشكل خاص لم يفقد قدرته على مواكبة الموسم، سواءً في تأمين مستلزمات إنتاجه أو انتقائه الألوان المناسبة لكي يخرج بمنتج أرخص بأربعة أضعاف مما تنتجه دولة متقدمة في ظروف الأمن والسلام.
لقد حاولوا إضعاف الصناعة، وقتل الصناعي بإرهابهم، ولكننا رغم كل الظروف تحدينا الإرهاب ونمى لدينا الأمل السوري بالحياة والاستمرار..