دراسات و تحقيقات

صدمة ارتفاع الأسعار ترتسم على وجوه المستهلكين..وأسواقنا أصيبت بالركود..فهل من تدخل حكومي عاجل؟

سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم

الأسعار لم يعد يعرف لها سقف للوقوف عنده، فهي لا تلبث إلا وأن تقفز بين ساعة وأخرى، حيث أشار أحد بائعي المفرق لمواد غذائية لـ”سينسيريا”، إلى أن أسعار المواد تقفز بين ساعة وأخرى بشكل مخيف وبمعدل يصل إلى 100 ليرة للسلعة الواحدة، مشيرا إلى أن ذلك شكل تهديدا حقيقا لمهنته ورأسماله، حيث يقوم بشراء “ضرد” لسلعة ما بسعر 1500 ليرة ولدى عودته لشرائه مرة أخرى بعد يوم يكون سعره ب1800 ليرة، أي أنهم خسر الربح والرأسمال تآكل.

ركود ضرب الأسواق ولا بيع ولا شراء

هذه الظاهرة تسببت بحالة ركود كبيرة في أسواقنا المحلية، “فلا بيعة ولا شروة على قولة الباعة”، حتى أن بعضهم امتنع عن البيع وتصريف البضائع وخاصة مع تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الليرة وارتفاعه بشكل كبير بين لحظة وأخرى.

أحد بائعي الألبسة أكد لـ”سينسريا” أنه لدى ارتفاع سعر الصرف فإنه أسواق الجملة تقوم برفع أسعار البضائع فورا بنسبة 20%، وعدا عن ذلك فإنها تمتنع عن بيع أي قطعة ملابس كون البيع قد يعرضها للخسائر على حد زعمهم، طبعا هذا بالنسبة للألبسة ولكن الأمر لم يقتصر عليها كما ذكرنا بل تعداها لجميع السلع والخدمات.

جنون الدولار جعل من السلع “ترقص” على لحنه، فهل يعقل أن ترتفع سلعة بحدود 150 ليرة دفعة واحدة أو دفعتين خلال فترة زمنية لا تتجاوز الأسبوع الواحد، نعم فكل شيء في أسواقنا قابل للتصديق والحدوث، وخاصة أن أسواقنا تتمتع بحساسية شديدة لأي قرار أو أي رفع للدولار.

هل يعقل أن يصل سعر كيلو السمنة النباتية إلى 900 ل.س وفي السوق أما سعره وفق نشرة التموين 400 ل.س والزيت 500 ل.س للتر والتسعيرة 330 ل.س والسكر 275 في السوق و190 وفق التسعيرة؟!.

المستهلك..صدمة الأسعار تعلو محياه
المستهلك في حال نظرت إلى وجهه وهو خارج من إحدى المحلات الخاصة بييع المواد الغذائية ستقرأ من تفاصيل وجهه “الغبن والصدمة” التي تعلو محياه..نعم صدمة الأسعار التي جنت حتى أكلت تقشفه الذي كان يعيش عليه طوال السنين الخمسة الماضية.

بائع لمواد غذائية لفت أيضا إلى أن تذبذب سعر الصرف أثر بشكل كبير على المبيعات وخاصة الأسبوع المنصرم، حيث أضطر المستهلكون وفق قوله إلى خفض كميات استهلاكهم بشكل كبير نتيجة تعملق الأسعار بشكل غير منطقي، مضيفا “لا يخلو مشتري إلا وملامح الصدمة تبدو على وجهه لدى شرائه أي سعلة غذائية، بسبب سعرها المرتفع، حيث تراه يراجع تفكيره وربما يتراجع عن شراء السلعة أو يخفض الكمية التي اشتراها إلى النصف”، مؤكدا، أن السؤال الذي يسمعه في كل يوم من جميع المشترين هو: “لماذا هكذا الأسعار تجن؟”، وبالطبع الجواب معروف لدى الجميع، وفق قول البائع، حيث أن تجار الجملة يسعرون موادهم وفق سعر الصرف المتقلب على الرغم من أنهم قد اشتروا بضائعهم على السعر القديم، حتى أن هناك بعض المواد لا علاقة لها بسعر الصرف، إلا أنهم رفعوا أسعارها بشكل عشوائي.

وأشار إلى أن الكثير من بائعي المفرق أخذوا برفع أسعار بضائعهم وخاصة الغذائية منها بشكل اعتباطي ومن تلقاء نفسهم، وذلك لسببين: إما خوفا من أن يخسروا رأسمالهم مع هذه الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، وإما لجشع يلم بهم، مؤكدا أن معظم بائعي المفرق يتواصلون مع بائعي الجملة بشكل ساعي ويومي، لمعرفة الأسعار الجديدة للمواد خوفا من أن يعرضوا أنفسهم للخسائر، كون أرباح بائع المفرق تعتبر ضئيلة جدا ورأسماله يتعرض للأهتلاك بشكل سريع جراء قفزات الأسعار.

هذا هو حال بائعي المفرق، ولكن وفق المعادلة فهو لم يخسر بل هو احتاط وأخذ برفع أسعار مواده، أما الحلقة الأضعف فهو المستهلك، الذي يشتري في كل يوم على سعر جديد، حتى أن فوارق الأسعار باتت أمرا اعتياديا بين بائع واخر حتى وصل الفارق لحدود 100 ليرة لنفس السلعة، وهذا دليل واضح على أن بعض بائعي المفرق يسعرون وفق مزاجهم.

حتى الخضار يا تجار

المستهلك بات حيران ولا شك في ذلك، وبات يضرب اخماسه بأسداسه، حتى الخضار والفواكه لم تسلم من هذا الجنون، فهل يعقل أن يسجل كيلو البندور 225 ليرة؟!! أي أنها أغلى من ليتر البنزين الذي يسعر عالميا والذي يتم استيراده وتكريره، كيف ذلك، وهل لسعر الصرف علاقة بالبندورة يا بائعين ويا تجار؟.. هل يعقل أن يصبح سعر كيلو الخيار 250 ليرة و وسعر الثوم اليابس 1000 ليرة وسعر البطاطا وصل إلى 260 ليرة للكيلو وهي خبز الفقير كما كان يطلق عليها؟!!! ، بات المستهلك إذا أراد أن يذهب لبائع الخضار فعليه أن يأخذ ثلث راتبه على الأقل لكي يلبي حاجة اسرته، فهل يعقل ذلك؟. ما أسباب ارتفاع أسعار الخضار لهذه الحدود غير المعقولة؟.. ما الجديد في الأمر؟.. هل حقا كما قال رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو في تصريح سابق له أن أسعار الخضار لم ترتفع ولكن قدرة المستهلك الشرائية هي التي انخفضت؟!!، لا أرى ترابطا بين الأمرين، لأنه عندما تنخفض قدرة المستهلك الشرائية فإن هذا الانخفاض ناتج عن أسباب، ومن أهم هذه الأسباب أرتفاع الأسعار، فليس من المعقول أن يكون سعر كيلو البطاطا 10 ليرات وأن يأخذ المستهلك حبتي بطاطا فقط، بل سيشتري في أقل الأحوال كيلو أو أكثر، وهذا ما يحدث في حقيقة الأمر، البندورة أصبحت ذهبا أحمر، والخيار أصبح يسعر على الدولار حتى الكزبرة والبقدونس وكأنها مستوردة، لا نعلم ما الذي يحدث في أسواقنا؟، حقا إنها باتت غير مفهومة، وبات الجشع يملئها.

صحن السلطة اليوم يكلف ما لا يقل عن 300 ليرة، شيئ عجيب، حتى السلطة باتت لا تناسب ذوي الدخل المحدود، فماذا يأكل الفقير والعاطل عن العمل؟، وماذا يأكل الموظف؟.. فعلا شيئ محير!!، يبحث المستهلك ويفكر ويدبر و”يصفن” لكي يجد وجبة تكون تكلفتها أقل من ألف ليرة، ولكن للأسف لا يجد.

أما عن الأدوية والأطباء والمشافي الخاصة فحدث ولا حرج، الولادة الطبيعية في المشافي الخاصة أصبحت تكلف 20 ألف ليرة مبدئيا، والأدوية أصبحت تسعر مزاجيا والأطباء يضعون التعرفة وفق مزاجهم.

أين هي وزارة حماية المستهلك؟

السؤال الذي يطرحه العديد من المستهلكين حاليا، أين هو دور وزارة التجارة وحماية المستهلك من هذا الذي يحدث في الأسواق؟.. أحد المواطنين قال لي: “أليس اسمها وزارة التجارة وحماية المستهلك، فأين هي حماية المستهلك من ارتفاع الأسعار؟!!”، مستطردا، “يجب تغيير اسمها إلى غير ذلك”، المستهلك لم يلمس التقييد بالأسعار أبدا مع هذا التفاوت الكبير بين المحلات والباعة، ولو أن الأسعار مقيدة حقا لما سعر كل بائع بضائعه وفق مزاجه وبشكل ساعي، ولما وصلت الأسعار لهذه الدرجات، فأين هو التقييد؟..

ما نود الإشارة إليه في نهاية حديثنا، هو أن المستهلك وصل لحد الجنون من هذه الأسعار، فهو يخرج من عند البائع وتراه يحدث نفسه مصدوما، يسأل نفسه: “ما الذي يجب علي فعله لكي يكفيني دخلي لنهاية الشهر؟”، جميع المستهلكين ألغو الكثير من السلع والمواد الغذائية من خانة استهلاكهم، الكثير من المستهلكين باتوا يقتصرون على الوجبات الشعبية ذات التكاليف التي كانت منخفضة حيث باتت الفلافل لا تناسبهم من حيث السعر أيضا، الكثير من المستهلكين لا زالوا ينتظرون تحركا حكوميا يضع حدا لما يحدث في أسواقنا، فهل ستتحرك الحكومة لإنقاذ المستهلك عاجلا، أم أننا سنمسع الوعود فقط؟.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى