معد عيسى
نشرت إحدى المنظمات الدولية المتخصصة بالغذاء والمناخ منذ سنوات تقريراً تقول فيه إن “المطرة” الواحدة على سورية تعادل ٣ ملايين دولار، هذه المعلومة أعادت إلى ذاكرتي صورة صديقي ريمون وهو يقف على الشباك ويتابع الأمطار الغزيرة ويقول: الله يبعت الخير، كل هالمطر دولارات”.
ما نشرته هذه المنظمة وما قاله صديقي كلام دقيق ولكن كيف نحول المطر إلى دولارات ؟
المطر يتحول إلى دولارات بشكل طبيعي من خلال الزراعة والمراعي والغابات وتوفير كميات كبيرة من المازوت لري المحاصيل وتوفير اليد العاملة لسقي المزروعات وأمور أخرى كثيرة يطول ذكرها.
القطاع الزراعي
محور القضية في تحويل الأمطار إلى دولارات هو القطاع الزراعي، وهذا القطاع أثبت ذلك بشكل واضح خلال كل الأزمنة، فصادراتنا بمجملها زراعية، وصناعاتنا تقوم على المنتجات الزراعية من القطن إلى القمح والتبغ والكونسروة والحرير فيما سبق والسكر والزيوت والصناعات الطبية ولذلك طالما هذا القطاع مستمراً بالتراجع وضعنا المعيشي مستمر بالتدهور.
متطلبات القطاع الزراعي معروفة وواضحة للجميع القاصي والداني،العام والخاص (بذار،سماد، محروقات ومبيدات) ولكن للأسف لم نستطع تأمين أي من هذه المتطلبات كل هذه السنوات، قد يكون الأمر في موضوع البذار مقبولاً بالنسبة للقمح والشعير ولكن بالنسبة لمحاصيل أخرى كالقطن والشوندر والبطاطا، فالأمر مختلف وكلنا سمع عن مشاكل البذار، أما المبيدات والمحروقات فيمكن تأمينها بطرق مختلفة لأن مبالغها مقبولة.
مشكلة السماد
مشاكل القطاع الزراعي كلها يُمكن حلها أو تجاوز نسبة كبيرة منها إلا مشكلة السماد الذي لا يُمكن أن نزرع وننتج من دونه، فسعر السماد أعلى منه في كل دول الجوار بعدة أضعاف وكذلك النشرة العالمية، وهذا ما لا يمكن فهمه، فطبيعة الظروف من حصار وعقوبات يُمكن أن ترفعه بنسبة ٣٠ % ولكن ليس ٢٠٠ أو ٣٠٠ % ،فطن السماد عالمياً يتراوح بين ٣٥٠ و٥٠٠ دولار فلماذا يتجاوز سعره ٨٠٠ دولار ويصل إلى ١٠٠٠دولار وأكثر مع العلم أننا نقايضه بالفوسفات؟ هذا السعر المبالغ فيه جعل المزارع عاجزاً عن شراء كيس واحد بعد أن ذهبت أيام “خود حاجتك وعالموسم بتسدد”وذلك بسبب تغير سعر الصرف.
السماد يزيد الإنتاج بنسبة تزيد على ٤٠ % ولذلك عندما ينخفض الإنتاج تتضاعف التكاليف، فلا المزارع يربح ولا المستهلك يقدر على الشراء وبالمحصلة ترك الأرض والاكتفاء بزراعة الحاجة الشخصية.
عطاء السماء وإيمان الفلاح لا ينفع مع حكومات متعاقبة فشلت في مقايضة ترابها “الفوسفات” مع أصدقائها بحاجتها من السماد، ولم تكن الكميات الموردة على قلتها أكثر من ذر للرماد في عيون من عشق الأرض وآمن بها.